تأملات في سفر أستير.الجزء الثالث. ((هداسا تقتل الوزير هامان )).
مصطفى الهادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مصطفى الهادي

ملاحظة مهمة يجب ذكرها.
يدعي اليهود بأن السبب الذي دفع هامان لأن يكره اليهود ويُحاول قتلهم جميعا هو أن الكاهن مردخاي كان لا يقوم عندما يمر رئيس الوزراء هامان... ، فكان هذا الأمر يغيض هامان فاستشار هامان خاصته فيما يفعل لهذا الذي لا يحترمه .
والقصة مذكورة في التوراة في نفس سفر أستير في الفقرة : (6) من الإصحاح الخامس حيث جاء فيها : ((فخرج هامان في ذلك اليوم فرحا وطيب القلب ولكن لما رأى هامان مردخاي في باب الملك ولم يقم ولا تحرك له امتلأ هامان غيظا على مردخاي)) وهذا النص مدسوس حيث نسى من كتبه بأن السبب الذي جعل هامان يغضب على اليهود هو مؤامرة الاغتيال التي دبرها اليهوديان حارسا الباب وهي مذكورة في الفصل السادس.
ماذا يفعل مردخاي للإيقاع بهامان وقتله والتخلص من شره ليخلوا الجو لليهود ليعيثوا في القصر الملكي فسادا .
تحركت أستير لتنفيذ هذه المهمة فقررت عمل وليمة كبيرة على شرف الملك زوجها وتدعوا معه هامان وهنا سوف يكون الفخ .
يقول سفر أستير بأن أستير عملت الوليمة ولم تدعوا لها سوى الملك ورئيس وزراءه وعندما شرب الملك الخمر وطابت له السهرة وانشرح صدره طلب من زوجته أن تطلب منه ما تشاء مقابل وليمتها وحانت الفرصة الذهبية فلم تطلب أستير من الملك أن يقتل هامان لأنه ساهم في إصدار أمرا بهلاك قومها اليهود في كل أنحاء المملكة الفارسية ، لا ، بل طلبت من الملك أن يعفو عن أهلها وشعبها من الهلاك، فقال الملك : ولكني اصدرت امرا لا يُمكن التراجع عنه . فقالت استير : ولكن هذا الامر يشمل زوجتك (استير) لكونها من هذا الشعب أيضا فهل سوف تقتل زوجتك ؟.
عندها غضب الملك كثيرا على هامان لأنه هو السبب الذي دفعه بأن يصدر ذلك القرار الملكي والذي يشمل أيضا زوجته الحبيبة أستير اليهودية حيث أن القرار الملكي لا يستثني أحد من القتل .
وخرج الملك إلى حديقة قصره غاضبا ولكنه في نفس الوقت لا يستطيع أن يفعل شيئا لوزيره الذي خدمه بإخلاص واخذ يدور في الحديقة ويفكر ، وهنا انفردت أستير وحدها مع رئيس الوزراء هامان وهي فرصتها الذهبية. وبدأ المكر اليهودي يفعل فعله في عقلها.
أما هامان فعندما رأى غضب الملك عليه قام وركع تحت سرير أستير لكي ينال رضاها . ولكن أستير رمت ثيابها وصورت المشهد على أنه عملية اغتصاب من قبل هامان لها .
وفجأة سمع الملك صراخ زوجته فدخل الغرفة سريعا فوجد هامان ساقطا على أريكة زوجته، فثارت ثائرة الملك واتهمه بمحاولة اغتصابها في عقر داره (7).
وكان هذا الاتهام كفيلا بأن يرسل هامان إلى القبر.
وفعلا اقتيد هامان مغطى الوجه واخرج إلى خارج القصر لانتظار أوامر الملك به.
وكان هامان قد اعد خشبة كبيرة لكلي يعلق عليها (مردخاي) عند حلول موعد قتل اليهود في المملكة ، فأمر الملك بأن يُعلق هامان على تلك الخشبة نكاية به .
انتهى هامان الوزير الوفي للملك ، فأصبح الملك وكل المملكة تحت تصرف أستير (هداسا) العاهرة اليهودية ويقف خلفها المارد مردخاي.
وتحركت استير بسرعة وبإيعاز منها يقرر الملك تعيين الكاهن(مردخاي) رئيس وزراء بدلا من هامان وكذلك أعطى الملك كل أملاك هامان لزوجته أستير وكل أمواله الطائلة وضياعه وأراضيه وخدمه وحشمه ، ولكنه أبقى على أولاد هامان العشرة لأنهم كانوا قادة في جيشه ومخلصين لخدمته حتى أ نهم لم يعترضوا على إعدام والدهم حبا منهم لملكهم.
ولكن بقى هنا أمر آخر وهو أن قرار الملك لا يمكن التراجع عنه أبدا فكل قرارات الملك مقدسة فكيف يتم إبطال تأثير قرار الملك بإبادة اليهود والملك لا يتراجع عن قراراته .
هذا ما سوف تقرأه في الجزء الرابع من هذا البحث .
المصادر
6- (( فلما رأى الملك استير واقفة أمامه نالت نعمة في عينيه فمد الملك لأستير قضيب الذهب الذي بيده فدنت أستير ولمست رأس القضيب )) أستير الإصحاح الخامس : 2. وبلغ من تأثير أستير على الملك أن الملك قال لها بذهول : أطلبي أي طلب جئت من أجله حتى لو كان نصف مملكتي . فقد فعل تأثير السحر فعله ، تاثير سحر جمالها اﻷخاذ ، وتاثير سحر اليهود على عقل الملك.
7- (( ووقف هامان ليتوسل إلى أستير الملكة ، ولما رجع الملك من جنة القصر إلى بيت شرب الخمر وهامان متواقع على السرير الذي كانت أستير عليه قال الملك هل أيضا يُكبس الملكة معي في البيت ولما خرجت الكلمة من فم الملك غطوا وجه هامان ، فصلبوا هامان على الخشبة وهدأ غضب الملك )) أستير الإصحاح السابع 8.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat