صفحة الكاتب : د . محمد ابو النواعير

الحيرة الإنتخابية عند المواطن العراقي..
د . محمد ابو النواعير
   سنين طويلة مرت على العراق, كان الظلم والموت والدمار هو صنوها؛ حيث الحقوق دائما مغيبة, والظلم هو سيد المواقف, ومحاولة فرض الرأي على الآخرين ولو بإنهاء حياتهم, هو ماكان يمثل الثقافة المقبولة عندي أولي القوة, والسطوة في هذا البلد.
   الدنيا تغيرت, ومستوى الوعي السياسي عند الجمهور قد تطور؛ ومُخطئٌ من ظن أننا في العراق نعاني من التراجع السياسي؛ نعم هو قد يكون تراجعا سياسيا, في مورد الممارسة السياسية, وعند فئة معينة محدودة وطارئة على التأريخ؛ وليس هذا ما أقصده بعامل التطور؛ بل ما أقصده هنا هو التطور الحاصل في وعي المواطن العراق, ومقدار استيعابه للمتغيرات التي تطرأ على الساحة, مضاف اليها, صعوبة التعاطي مع هذا المواطن بالأدوات الكلاسيكية التضليلية القديمة, المستخدمة من قبل أغلب رجالات السلطة المتنفذين خارج حدود اطار مفهوم الدولة .
   ما كان يحصل في العراق وعلى مدى سنين طويلة , هو محاولة فرض وسيطرة نموذج الرؤيا الحزبية الواحدة , الصحيحة والحق بنظر أصحابها! ومحاولة تهميش كل الرؤى, والأذواق, والأفكار, والعقائد والممارسات؛ والتي كانت في أغلبها, مقبولة في العرف البشري, والوحي السماوي؛ فكانت المصالح والمنافع, تتطلب من أصحاب السلطة, أن يفرضوها بالقوة على الجمهور؛ وأقصد بالقوة, كل انواع القوة الممكنة, مرة بالمال, ومرة بإنهاء الحياة, ومرة بممارسة التضليل, وبكل أساليبه وأدواته الشيطانية.
  في أغلب هذه التجارب, كان مفهوم الإستيعابية للآخر المختلف عنا, هو مفهوم مثالي, يثير شهية الإستهزاء عند طبقة التحجر السياسي, والتي تمثلت وبشكل واضح في إطار الشموليات الحزبية, التي تحاول أن تفرض رؤها ولو بالقوة, على الجمهور والشعب؛ بل وتحاول فرضه على أدوات ممارستها للسلطة, منطلقة من إعتبارات إيمانها المطلق, بصحة ما تملكه, وبخطأ ما يملكه الآخر .
    وعندما قلنا سابقا بأن الزمن قد تغير, وأن مستوى الوعي السياسي عند المواطنين عموما- الجمهور والنخب- قد تغير وتطور؛ إنما كان مقصدنا فيه, هو ملل وتذمر أصحاب هذا الوعي, من الأطر الشمولية الضيقة, التي تحاول الممارسات السياسية الحزبية فرضها على المواطن, من خلال ممارساتها التي لم نجني منها سوى الفشل .. والفشل فقط .
   ليس هناك حل يلوح في الأفق, يمكن للمواطن العراقي أن يطمئن له, سوى سيادة مفهوم الإستيعاب للكل, الإستيعاب بمعناه كمشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية؛ الإستيعاب بمعناه الذي يتضمن إلغاء أطر المتبنيات الحزبية والطائفية, والتَوَجّهات الأحادية, في حالة تعاطي القائمين على السلطة مع مفهومي الحقوق والواجبات الخاصة بالمواطن ..
   وأخيرا أترككم مع فكرة جديدة, فكرة رائدة تحمل في طياتها الأمل, بغد أفضل نتعايش فيه بسلام :  
  ( في كلمة لسماحة السيد عمار الحكيم, في معرض أشارته لطبيعة العمل السياسي الذي كان يؤمن به شهيد المحراب(قده)، قدم سماحته تعريفا مهما وجامعا لمعنى التيار السياسي حين قال عن شهيد المحراب : "كان شهيد المحراب يؤمن بالعمل ألتياري وليس العمل الحزبي الفئوي، والعمل ألتياري هو العمل الذي لا يتجاهل التنظيم ولكنه لا ينحصر ولا ينكفئ على التنظيم، وإنما ينفتح على الأمة بكل شرائحها وبكل أطيافها، فهو توفيق بين ما هو تنظيم للأمور، وبين ما هو انفتاح واسع على الأمة.. يبعد الكيان السياسي عن الفئوية الضيقة والحزبية، التي قد لا تسمح للمتصدين رؤية المصالح في المساحات الأوسع منهم. )
محمد أبو النواعير- ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد ابو النواعير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/06



كتابة تعليق لموضوع : الحيرة الإنتخابية عند المواطن العراقي..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net