صفحة الكاتب : مديحة الربيعي

مَعاقِلُ المَجد
مديحة الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كَثيراً ماتَخونني الكَلِمّات وَيَقِفُ القَلَم عاجزاً عَنْ التَعَبيّر وتَتَلعثْم الحُرُوفْ حينَ أكُتُبُ عَنْ كَربَلاءْ,لكِنْ لا أتمالك نَفْسّيْ وَنَحّنُ نَمُرُ بأيَامْ غَيّرَت مَجْرى التَاريْخ,وَرَسَمَتْ مَلامِح جَديّدة للحَيّاة فَأجِدُ نَفْسّي مُجبَرةً عَلّى أن أكتُبَ لِمَلحَمة الإبّاءْ.

تَخْتَلِط المَشّاعِر عِنْدَما نَقِفُ عَلّى أعَتّابْ مَدينْة كَربَلاءْ,وَتَلّوّحُ لِلنَظَرْ القِبّاب الذَهَبيّة مُتلألئةً تَحّتَ أشِعة الشَمّس,ألا أنَهّا لاتَسّتَطّيع أن تُخْفّي تًلألؤ مَنْ تَضُم بَيّن جَوانِبِهّا,نَعَمْ أنِها تَحضِتَنُ المَجّدْ,وَتَجمَّعُ كُلْ مَعّاني الفَخّر وَالألَقْ وَالسُموْ الرُوحّي,وَالكَرامَةِ السَرمَديةْ,أنها لَوحَةٌ أعِجازية مِنْ صُنُع البّاري حَيّرتْ العُقّولْ والقُلّوبْ,أذ جَعَلَ الأروَاحَ وَالأفئدةَ تَهوي أليها.

كَيّفَ لاتَكَّونُ كَذلِك وَهّيِ تَضُمُ مَعاقِلَ المَجّدْ وَمَنّارات الإباءْ؟فَتَحّتْ هَّذهِ القِبَابْ تَكمُنُ الأخُوَةُ الصَادِقةْ,وَالزُهدْ في الدُنّيا,وَالرَغَبَة الى الخَالِقْ,وَالتَضحِيّةَ فْي سَبِيلِهِ,وَالصْبّرُ الَذّيّ لايُضّاهِيِهِ صَبّرْ,وَالعَطّاءْ الّذيْ فَاقَ حُدودْ العَقّلْ,فَلَمْ يَقِفُ عِنّدَ حُدُودْ النَفّس بَلْ تَعَدّاه  الى الأهّل وَالوَلّدْ,وتَحُمّلْ العَذّابْ بِمُخَتَلَّف صُنُوفِه,مِنْ ضَرّبٍ باِلسّيوفْ وَطَعّنٍ بِالرِمّاح,وَتَقطيّع الأوَصّال,الى التَمثيّلْ بالأبَدْانِ الشَرْيفَة,وَالبَقّاءْ عَلّى الَصَعيَدْ دونَ غُسّلٍ أوكَفَنْ,وَكُلُ ذَلّك لأحِقّاقِ الحَقْ,وَلِرَفِضْ العُبُودِيّةِ وَمِن يَدْعُوا لَها.

فَمِنْ ثَغّرِ الشَهيّد الطَاهِر صَرخَةُ أعَلنَهّا صَانِعُ الكَرامّة,وَمُعَلِمْ البَشَريّةِ مَعنّى الحُريّةِ كَمّا عَلَمَ جَدَه البَشَرَيّةْ مَعَنَى التَوحِيّد(مِثِلّي لايُبَايَع مِثَلّه),نَعَمْ أنِهّا كَلِماتْ جَبَلِ الصَبْر سَيّد الشُهَداءْ(عَلَيّهِ السَلاّمْ),الَذّيّ أصَبحَ للأحَرّارِ أباً وَللبَشّرَيةِ مُلهِماً وَللثُوارِ رَمَزاً,وَللشُهداءْ سَيّداً,وَللعَالَميّنَ مَنّاراً,وَللعْاشِقيّنَ كَعْبَةً,أذْ أخَتّار السِلِةَ على الذِلّةْ,فَوَجَدَ أنَ ضَربَ السُيّوف ألَذْ مِنْ طَعّم الذُلْ,وأبَى ألا أن يَكّونَ مِحّوراً للكَوّنْ وَيَهّزِمَ المَوّتْ,فَرَسَمَ بِدَمِهِ الطَاهِرِ صُورَةٌ حُفِرَتْ في ذهِنِ التَارِيِخِ عَمِيقَاً,وَجَسَدَتْ كَيّفَ يَسّمُو الأنِسانُ بِنَفسِهِ فَوقَ مُغرَيّاتِ الدُنيا الفَانيّة,وَيَختَار الخُلُود الأبدي.

عَلّى الجَانِبِ الأخّر يَقِفُ صاحِبُ الِلِواءْ,الأخُ الوَفَيّ وَرَفِيّقُ الدَرَبْ,الَذَيّ لَمْ يَشّرَبْ مِن مَاءِ النَهْر أكِراماً لأخيّه,فأصَبَحَ نَهّراً للإخُوّةِ,وَالشَجاَعَةِ وَالنَخّوةِ وَالكَرامَةِ,وَبَيّنَ هَذَيّنِ البَطَلّيَنْ تَقِفُ أسُطورِةُ الصَبّر,وَفَخّرُ المُخَدَرّاتْ عَقِيلَةَ الطَالِبِيّيِن,لِتُكمِلَ مَسِيّرَةَ أخَوَيّها,لِتَكَتَمِلَ بِذَلَكَ مَلحَمَةً مِن صُنعِ أحَفّادِ سَيّدِ البَشَر وَخَاتَمِ الأنَبيّاء,وَأبَناءِ سَيّدِ الأوَصيّاء(عَلَيهّم جَمَيعاً أفَضَلُ الصَلّاةِ وَأتَمُ التَسّليِم),نَعَمْ أنِهّا كَربَلاّء بِكُلِ ما تَحتوَيّه مِنْ عَبَقْ البُطوَلَةِ,وَالشَجَاعَة,وَفَضّاءاتِ الحُريّةِ الرَحَبّة.

أنِهّا مَلحَمَة العِشّق الآلهّي التَيّ تتَجَددُ عِبّر الزَمَن كُلّما أشْرقَتْ شَمسُ الكَرامَةِ عَلّى الأحَرار,وَنهُر الحُريّة الّذيّ لايَنقَطَع ُأبَداً,وَمَعّينْ العَطَاء الأنِسّانِي الّذي لايَنضّبُ أبَداً,السَلامُ على مُلهِمِ البَشَريّة أبَي عَبّد الله الحُسّينْ وَعلَى أولاد الحُسَين,وَعَلّى أصّحِاب الحُسَيّن فِي كُلِ وَقَتٍ وَحِيّن,وَكُلّما صَدَحَ صَوّتُ المآذن بِذكِرِ البَاريّ جَلَ وَعَلاّ.     


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مديحة الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/29



كتابة تعليق لموضوع : مَعاقِلُ المَجد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net