عاشوراء - للاعتبار لا للعبور
باقر العراقي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باقر العراقي

تحتفل عادة كل أمة بحدث ثابت، يمرعلى أبناءها سنويا، ويكون ذلك بمثابة الرابط الدائم بين ماضيها الأصيل، وحاضرها الواقعي، ويدعوهم للتمسك بثوايت ذلك الموقف المشرف الذي صنعه أحد رموزها وملهميها، لاستشراف المستقبل ووضع الرؤية المتلائمة مع ذلك الحدث .
وهذه الأيام تمر على المسلمين، حادثة عاشوراء التاريخية والتي لا يمكن المرور عليها من دون تأمل وتفحص أو دون تأثر، لما تحمله من معاني وقيم ومواقف شخصية وإنسانية يتشرف بها كل مسلم، بل ويتعدى ذلك لكل إنسان يحس بإنسانيته على وجه البسيطة، لأنها بكل بساطة أمنية الجميع، بأن يكونوا أتقياء أنقياء، مظلومين غير ظالمين، بالإضافة الى ثبات الحدث مع مرور السنون والقرون، برغم كل المحاولات لمحوه وإلغاءه، من قبل الجبابرة والطواغيت ممن يدعون انتماءهم لدين محمد الرسول وسبطه الحسين المقتول، بل وتتجدد شعائره ومعانيه بكل عام وتمتد الى المجتمعات المختلفة والايديولوجيات الأخرى.
فبعد أن كان حدث عاشوراء والشعائر الحسينية ينادي به ثلة ممن ينتمون الى الرسول دينا ونسبا، وتبثه فضائيتهم الوحيدة، أصبح الآن ينقل عبر كل القنوات ومن مختلف المشارب والمذاهب، وأصبح الساسة في العراق يتسابقون لإقامة الشعائر الحسينية وبكل تفاصيلها الدقيقة .
فأين يزيد وأين عبيد الله وعمر بن سعد وأين شمر وأين حرملة سافك دم الرضيع، أين هؤلاء ومواقفهم المذلة والمخزية من أولائك الأبطال حبيب بن مظاهر وثباته على نصرة أهل البيت، وزهير بن القين وحفاظه على أداء الصلاة والحرب قائمة، والأخوة وروح القيادة بين العباس وقائده الإمام الحسين، وزينب الكبرى والنساء وغير العباس وقصة قربة الماء وغيرها .
وبما أن الأمام الحسين "ما خرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا ولكن خرج لطلب الإصلاح في أمة جده محمد (ص)" فإن تلك المواقف لازالت تُدرس للوصول الى المجتمع الصالح والدولة العادلة، فالإصلاح تم من خلال إنتصار الدم على السيف، فأين القاتلين الظالمين من المقتول الشهيد وأين الثرى من الثريا.
كل عام يشع السواد على أرض السواد، ليحكي حكاية وطن مسلوب، وشعب مظلوم، وظلم مستمر، فالحسين خُلِق ليكون ضد الظالمين - ضد المفسدين -ضد المنافقين - ضد الطواغيت ولا يمكنهم لبس ثوب الشرف والرفعة الذي لبسه الحسين، بل لباسهم الذل والهوان، فقصة الحسين حكاية تروى للأجيال لا تنتهي أبدا، ومواقفه وثوابته ليست للنسيان، وستبقى عبر للإعتبار لا للعبور عليها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat