صفحة الكاتب : الشيخ علي عيسى الزواد

التقيّة واللعن
الشيخ علي عيسى الزواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مما لا يختلف فيه عند العقلاء كافّة أنّ التقيّة من العقل قبل أن تكون من الشرع، فكلّ عاقل لا يجوز أن يُلقي بنفسه إلى التهلكة ما لم يكن هناك موجب لها من حفظ عرض، أو مال، أو نفس مؤمنة محترمة، وقتال الكفّار بين يدي المعصوم، وغير ذلك مما جاز فيه بذل الأموال والنفوس.

 

ولقد ورد الحثّ على التقيّة على لسان أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وشدّدوا عليها حفظاً للدين وأهله، وهو أمر لا يشكّ فيه مؤمن، كما لا يشكّ في صحّة بذل الأموال والنفوس والأعراض في الحفاظ على بيضة هذا الدين، وشريعة سيّد المرسلين.

 

فهل يجوز السكوت مع ظهور البدع والخوف على الدين من الإضمحلال في نفوس المؤمنين؟

 

إن كان جائزاً فلا يصحّ بذل النفوس في جهاد ولا الدفاع عن عرض.

 

وأيّ عرض وحرمة أعظم من هذا الدين العظيم الذي بذل النبي(صلى الله عليه وآله) وِلده وعرضه، حتّى سحقت عظامهم الخيل، وعلّقت رؤوسهم على الرماح، وُسبيت نساؤه وأطفاله؟!

 

إنّ الدين اليوم يتعرّض لهجمة شرسة من المحسوبين عليه أكثر من أي وقت مضى، فمال الناس إلى دين لا براءة فيه، وكنّا نسكت عن ذلك لأنّ الخطر لم يستفحل إلى حدّ شعر العبد بأنّ الدين الحق بدأ يضمحلّ من النفوس، وعلت راية الباطل، فمنهم مَن يقول: بأنّ البراءة ليست من الدين في شيء، ومنهم من يقول: إنّ اللعن خلق سيء، ومنهم من يقول: إنّ اللعن دسيسة فارسيّة، كما أنّ بعضهم يقول: إنّ لعن الأشخاص بأسمائهم ليس من أخلاق أهل البيت (عليهم السلام)، إلى غير تلك الأقوال التي تُطالعنا به - بين الفينة والأخرى - أشخاص لبسوا لباس العلم والفضيلة شكلاً لا مضموناً، وظاهراً لا باطناً.

 

فما هو الموقف عند تراكم ظهور هذه البدع؟

 

بماذا أمرنا الأئمة الكرام (عليهم السلام) عند ظهور الباطل؟

 

هل أمرونا بالسكوت حتّى يَغلب الباطل ويُسحق الحق؟

 

لا يترددّ مَن ركب سفينة النجاة، واتّبع الأئمة الهداة، في أنّ الواجب هو صرخة الحق، ودعوة الصدق، والحجّة البالغة.

 

لقد أُمرنا بالإكثار من البراءة والسبّ والوقيعة فيهم، ناهيك عن إقامة الحُجة عليهم بالرّد وبيان فسادهم وبطلان أقوالهم.

 

ففي الكافي ج2 ص375 بسند صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: >قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم [المباهتة: المفاجئة والمباغتة] كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلموا من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة<.

 

وعلى العالم أن يُظهر علمه، حتّى يصون هذا الدين، ويحفظ دماء المعصومين الطاهرين، وإن لم يفعل فعليه لعنة الله.

 

فروى الشيخ الكليني في الكافي ج1 ص54 بسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): >إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله<.

 

والعالم عليه أن يُنقذ الناس من الهلاك والضلال وهذه وظيفته، فمن تخلّف ولم يعمل بمقتضى إيمانه من حفظ الشريعة، ولم يحترق قلبه على ما آل إليه الإيمان، ولم يكترث بقي هذا الدين أم اندثر، فلا شكّ أنّه يكون مسلوب الإيمان.

 

فروى الشيخ الصدوق بسنده عن الصادقِين (عليهم السلام) أنّهم قالوا:> إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان...

 

فهل يسكت العالم حتى يُسلب منه روح الإيمان، وحتّى يستحقّ اللعنة، أم أنّه عليه أن يُجامل أصحاب البدع ويُجاريهم ويُزاورهم، فيكون بذلك قد أصبح منهم، وهو هادم بمعوله معهم للإسلام. 

 

فروى الشيخ الكليني في الكافي ج1 ص54 بسنده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): >من أتى ذا بدعة فعظّمه فإنّما يسعى في هدم الإسلام

 

وروى الشيخ الصدوق في الفقيه ج3 ص375. عن الإمام علي (عليه السلام): >من مشى إلى صاحب بدعة فوقّره فقد سعى في هدم الإسلام

 

نعم... تعظيم مَن لا يستحق التكريم، وتوقير مَن لا ستحق إلا التحقير، هو خروج عن أوامر الربّ الجليل، ونصرة لعدوّ الله على الله العلي القدير.

 

والبدعة في الدين حرب على الخالق الكبير، فمن نصر المبتدع فقد شهر سيف البغي على الجبار السميع البصير.

 

فكيف لا يكون مطروداً من رحمته؟! وكيف يبقى له نور الإيمان وهدى الرحمن؟!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ علي عيسى الزواد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/19



كتابة تعليق لموضوع : التقيّة واللعن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net