صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

السياسي والإعلام .
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يوجد خيط رفيع جداً بين السياسة والإعلام لكنه من القوة والمتانة التي تحفظ المسافة بينهما وتجعل عملهما مستقلا عن الآخر ولكن كل منهما يكمل الثاني في بعض الحالات وفي حالات كثيرة هناك تقاطعا بين السياسي والإعلام  ،والأول يحتاج الثاني على الدوام لتلميع صورته أمام الرأي العام حتى أضحت الفعاليات السياسية تهتم للإعلام وتنفق عليه الأموال الطائلة لأن الصورة لها أثر فعال في تحريك الفرد والمجموعة على حد سواء ولذلك يسعى أكثر السياسيين إلى امتلاك قنوات إعلامية متعددة من صحف وإذاعات ومحطات تلفزة وفي المدة الأخيرة مواقع ألكترونية من على شبكة الانترنيت لما يلمسه من الأثر والتأثير للمؤسسات الإعلامية وهناك أحزاب وتيارات كبرى تجعل من صحف وقنوات مؤثرة ناطقة باسمها دون الإشارة إلى ذلك ولو كانت معروفة بتوجهاتها وهناك قنوات إعلامية وإعلاميين لهم تأثير في المجتمع عند تأييدهم لمرشح ما في الانتخابات التي تجري في الغرب لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية ولذلك يحرص السياسي على عدم قطع الخيط الرفيع الفاصل بينهما كحرصه على عدم استهلاك صورته وحرق ورقته السياسية المؤثرة من خلال الظهور المتكرر في الأجهزة الإعلامية وكي لا يكون تحت تأثير البهرجة الإعلامية لاسيما التلفزيونية بصورتها المؤثرة يستعين بمكاتب إعلامية متخصصة وبمستشارين إعلاميين لهم دراية في الحد الفاصل بين الإعلامي والسياسي ويحسن التصرف مع من يمثل الإعلام مدركا وموقنا أن الظهور الإعلامي له سحره لكنه بنفس الوقت سلاح ذو حدين لمن لا يحسن التصرف به .
أما في العراق وفي المدة ما بعد 2003لم يكن الحال إلا معكوسا ،إذ وضع السياسي نفسه تحت تصرف الإعلام وتحول إلى مادة يومية أو أسبوعية ومنهم من خصص له أحد أيام الأسبوع في قناة معينة أو أكثر وتحول إلى أسير ورهينة للصورة والمايكرفون ووضع نفسه تحت تصرف القناة أو القنوات ويتحدث بكافة الاختصاصات وفي كل شؤون البلد ففي السياسة يؤجج وفي الاقتصاد ينظر وفي الأمن يخطط وفي القضاء يفصل ووصل ببعض السياسيين وهم تحت تأثير الصورة وكدليل على عدم أهليتهم السياسية إلى أن يضعوا وثائق الحكومة في أدق الشؤون وهي التسليحية تحت تصرف إحدى القنوات (البغدادية تحديداً) ووثائق لازال معمولا بها أو تحت تصرف القضاء بزعم الشفافية أو بزعم إشراك الإعلام في الضغط على القضاء لأخذ دوره أو بعد اليأس من القضاء في أخذ هذا الدور،أو حركة الجنود في إحدى الفرق العسكرية والموجود فيها ونسب الغياب والحضور ،علما أن الوثائق الحكومية وفي كل الشؤون يجب أن تكون محفوظة للحفاظ على أمن البلد التسليحي والسياسي والغذائي والثقافي ،وقد سعت جميع  البلدان سواء المتقدمة منها أو غيرها إلى أن يكون الحفاظ على الوثائق جزء من الأمن الوطني والقومي وحددت بعض البلدان كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية مدة تتراوح من 30- 50عاما للإفراج عن الوثقائق أمام الباحثين والمهتمين حتى أن فضيحة ووترغيت الشهيرة التي حدثت في أمريكا واستقال جرائها الرئيس ريتشارد نيكسون في 1974لم يفرج عن وثائقها إلا في 2013علما أن للإعلام دورا مهما في هذه الفضيحة لا زال مدويا وعندما يذكر الإعلام وأثره تذكر هذه الفضيحة لكن بقيت بعض الوثائق بشأنها محفوظة.أن الصورة لها من القوة أن تسقط حكومات وتمزق بلدانا ،فقد أسقطت حسني مبارك ومن بعده محمد مرسي وفوضت عبد الفتاح السيسي لحكم مصر ،والبغدادية تعي ذلك فهي تمارس إعلاما وتأثيراً نفسيا على السياسي المأخوذ بالصورة والمرتهن إليها وهذا التأثير من قبيل(بالله عليك أنت أمام العراقيين )فلماذا لا تتكلم ،ولماذا لا تكشف الأسماء و(بالله عليك أكشف رقم الوثيقة أو أظهرها لنا ليراها العراقيون) وإذا بالوثائق تترى على البغدادية مجانا ليكون كل شيء مكشوف أمامها ولتعلن قيمومتها على العملية السياسية والسياسيين ،وهدفها إظهار حسنات وكله حسنات بنظر البغدادية عهد ما قبل 2003بحروبه ،بتسفيراته ،بفساده الإداري ، بعسكرته للمجتمع،بخنقه للحريات ،بتكميمه للأصوات ،بقبوره الجماعية ،بمعتقلاته ،بجعله العراق رهينة للأمريكان نتيجة السياسات الخاطئة،بأنفاله في الشمال العراقي ، بتجفيفه الأهوار في الجنوب ،بقتله لآلاف الشباب ،بإعدامه العلماء ورجال الدين،لتصفية الصدرين العظيمين ،بتصفيته لأسرة الحكيم الكرام ،هذا كله تحاول أن تلمعه قناة البغدادية وقناة الشرقية ،لكن البغدادية سحرها وتأثيرها أشد من الشرقية وتقاطر السياسيين عليها أكثر ،في مقابل إظهار كل سياسي جاء أو عمل بعد 2003ومن أي حزب كان أو حركة إلا هو ،لص ،مختلس ،أو فاسد أو من أصحاب السوابق ،لتظهر لنا الصورة معكوسة عما قبل 9/4/2003ولهذا الهدف هدف آخر يتمثل في أن يبقى العراق ضعيفا على حافة الانهيار ،فعلى السياسي أن يعي مكانته وأن كلامه موقف وليس رأي أو تحليل وعليه أن يعي قيمة الوثيقة الأمنية والسيادية والتاريخية وأن لا يجعل العراق مكشوفا بالمجان وعلى القضاء أن يدلو بدلوه ويصدر قراراً فوريا بمنع إظهار الوثائق ،أي وثائق ومهما كان نوعها في أجهزة الإعلام من قبل السياسيين. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/27



كتابة تعليق لموضوع : السياسي والإعلام .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net