عانت المرأة منذ آلاف السنين ، من الظلم ، والقهر ، والنظرة الدونية ، فوصــل العنف معهــا أعلى مراحله في دفنها وهي على قيد الحياة (الوأد) ، ولما جاء الإســلام ، وضعها في مكانها الطبيعي ، ومنحهـا حقوقها ، بتشريعات سماوية ، وتعليمات دينية ،ولكن ،تلك التشريعات والتعليمات فسّرت في غير صالحها لتكرس النظرة السابقة إليها ، ولكن بأخف حدة ، وأضيق مجال ، واستمر الصراع بين التســلط ألذكــوري والذات الأنثوية 0
ويخطئ من يظن إن العنف ضد المرأة ،مقتصرا وجوده في المجتمعات العربية ، فانتشاره فـي كافة مجتمعات العالم ، بنسب متفاوتة ، جعل الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تخصص يوم (25 تشرين الثاني ) من كل عام ، يوما عالميا للقضاء على العنف ضدها 0
إن هذا الإرث التسلطي ، يجعل المرأة في دور البطولة ، والتحدي ، إن غامرت وسـبحت في عكس تياره ، لتكشف عن كيانها ، وذاتها ، وحقيقة واقعها ، فتدخل ميادين ،احتكرها الرجل لنفسه مئات السنين ، ومنها ميادين الأدب ، والفكر ، والثقافة ، فظهرت شاعرة هنا ، وكاتبة هناك ، و صحفية ، أو راويــة فـي مكان آخر ، بصوت خجول ، مختنق ، خائف من الانتفاض ألذكوري ضده ، وقمعه 0
ولما وجد إن ذلك الصوت زاد المرأة نعومة ، وجمالا ، ورشـاقة قلمها زادتها رشــاقة ، وســلوكها ارتبط بوعيها ، انكسر الطوق ، وظهرت مبادرات ذكورية في فســح المجال لها ، تحــت مسـميا ت الأدب النسوي ، وأدب المرأة ، والأدب الأنثوي ، وغيرها ، للتقليل من أهمية الصوت الذي نافسه 0
واستطاع صوت المرأة أن يعلو ، و يظهر في أكثر من مكان ، بنسب متفاوتة في قوته ، وأن يفلــت من القبضة الذكورية، برغم كثرة المعوقات التي وضعت لخمده ، فأثبتت المرأة جدارة في إظهار إبداعها، الذي تفـوق على الإبداع ألذكوري في مواقـع كثيـرة على الخارطة الأدبيــة ، والفكــرية ، بل إن الإبــــداع ألذكوري ، وقف خجلا في حالات كثيرة، أمام ذلك الإبداع الأنثوي ، وعلت أصوات لدعم الأدب النسوي ، ومقترحات لإنشاء مؤسسة خاصة به لاحتضانه ، و فسـح المجال الحقيقي لنتاج المرأة ، هــو أفضل دعـــم يقدمه الرجل لها 0
وكان لابد من تسليط الضوء على تلك الأعداد المتزايدة من المبدعات في الشعر، والرواية،والقصة، والفكر ، والثقافة ، فتطوع الأستاذ الباحث جواد عبد الكاظم محسن لينجز عملا،افتقرت له المكتبة العربية عموما ، والمكتبة العراقية على وجه الخصوص ،وركب الصعاب برغم تحذيرات كثيرة تعود للخوف من احتمال الفشــل ، لضخامة العمــل ، أو حســدا من نجاح مرتقب ، لما عرف به الباحـث من دقة ، ومتابعة، وجدية ، وتحمل، ونفس طويل 0
كانت خطة الأستاذ جواد إن يطرح معجمه (معجم الأديبات والكواتب العراقيات في العصرالحديث) منجما ، على الرغم من توفر المادة لديه في انجازه دفعة واحـدة ، و آثر التريث ، ومراقبة الســاحة الأدبية في استقبال منجزه ، وكأني أراه اســتجاب لندائنا في عرضنا الجزء الأول من منجزه ، في جريدة المشرق الغراء ، ذي الرقم (2409 ) الصادرة في 12 / 7 / 2012م ، فطرح الجــزء الثاني من معجمه ،بطبعتين متتاليتين ، لنفاد الطبعة الأولى بسرعة 0
ترجم المؤلف لمائة وخمسين أديبة وكاتبة، مع نتاجهن المطبوع ، وبعض من البحوث ، والمقالات، والدراســات ، والقصص ، وقصائد الشـعر ، لسعة مساحة النشر على مستوى دول العالم ، وأقطار الوطن العربي ، ومحافظات القطر العراقي ، فــي دوريات ، ومجلات أســبوعية ، وصحــف يومية ، ونشــرات خاصة حكومية ، وأهلية 0
وتواصلا مع عرضنا السابق ،وجدنا إن المستوى العلمي توزع في بروفسوره واحدة ،حصلت على شهادتها من الولايات المتحدة الأمريكية ، و( 49) أديبة وكاتبة من حملة شهادة الدكتـوراه ، و(19) منهــن من حملـة الماجستير ، و(45) منهـن حصلن على شــهادة بكالوريوس ، و(18) منهن تخــرجن من معاهد مختلفة ، و(6) منهن أكملن مرحلة إعدادية ، واثنان أكملن المتوسطة ، و(10) لم يذكر تحصيلهن العلمي، فأشار إلى تعليم بعضهن في أسرهن ، وفي ضوء النتائج ، يظهــر مــدى اهتمام المــرأة المتعلمة بالثقافـــة والتأليف ، والنشر 0
وفي التوزيع الجغرافي ، وجدنا ولادة (70) أديبة وكاتبة في بغداد ،وولادة (10) في كل من بابل ، والموصل ، و(8) في كل من كركوك ، وكربلاء , ( 7) في النجف ، و( 6) في البصرة ، و( 4) في كـــل من ديالى ، وذي قار ، وميسان ، و(3) في كل من المثنى ، و واســط ، واثنتان فـي كل من صلاح الدين ، و السليمانية ،وواحدة في كل من القادسية ،والانبار ، ودهوك ، ووجدنا واحدة ولادتها في تركيا ، وأخرى في المملكة الأردنية الهاشمية، وثالثة في جمهورية مصر العربية ،و(3) لم يحصل لهن على تاريخ ولادة، وفي ذالك التوزيع ، ما يظهر جلياً تأثير الأعراف ، والتقاليد ، والعادات المتوارثة ، التي تشــترك بنقـاط ، وتتقاطع في أخرى بين محافظات القطر 0
وفي نتاجهن ، ذكر لنا الأستاذ جواد (484) مطبوعا لـ (116) أديبة وكاتبة ، تقدمت فيهن الروائيـة والقاصة ( لطيفة سهيل نجم فدعم الدليمي ) ص172 بـ (32) مطبوعا ، بضمنها (5) مسرحيات ، تلتهـــا ( بشرى حمدي فتحي أحمد البستاني ) ص55 بـ (21) مطبوعا 0
ومن بين آلاف البحوث ، والدراسات ، و المقالات الأدبية ، والقصص ، وقصائد الشعر ، المنشورة في الدوريات ، والمجلات ، والصحف ، عرض لنا (575) نتاجا ، كان لـ (سنية عبد عون رشو ألشمري) (41) نتاجا ص (128)، و (سهيلة محمد فاضل حسن الحسيني) (31) نتاجا ص 133 ، في حين لم يذكر لـ ( أنعام عبد الأحد كجه جي ) ، من مقالاتها المنشورة مكتفيا بالقـول : (كتبــت ونشــرت آلاف التحقيقات والمقالات والتقارير والمقابلات الثقافيــة والسياســية في الصحف والمجلات العراقية والعربيـة ، وكان لها عمود أسبوعي لمدة تزيد على الثلاثين عاما في مجلات : الوطن العربي والدولية في باريس ،وكل الأسرة في الشارقة) ص45 ، ثم يقول : (نشرت قصصا قصيرة وكتابات متنوعة في مجلة "ألف باء "البغداديـة ، ومجلات مصرية مثل أيـداع ، والهــلال ، وفكــر ونقــد ، والقاهرة ) ص45 ، كما أضاء لنا بعد ذكر (5) مقالات لـ (سميرة محمد علي) أنها : ( كتبت مئات المقالات السياسية والأدبية والاجتماعية والثقافية العامة في الصحف والمجلات الكــردية مثل : هاوكاري " التضامن " ، ره نكيــن "ألــوان" ، روســنبري نــوى "المثقف الجديد" ، والملحق الكردي في جريدة العراق الصادرة في بغداد قبل عام 2003 م) ص118 0
وفي متابعته للنتاجات المخطوطة ، استطاع أن يصل إلى ( 174) مخطوطة كان لـ (نازك صـــادق جعفر جواد الملائكة) (26) مخطوطة منها ص197 ، و(ثنــاء بهاء الدين عبد الله خضير التكريتي) (25) مخطوطة ص72 0
وحيث وجدنا كثير من المطبوعات دون تاريخ ،فان أعمق تاريخ للنشر ،في الجزء الثاني من معجـم الأستاذ جواد لـ (نبيهة عبود) ص208 ، التي نشرت موضوعها (المرأة والدولة في صدر الإسلام ) عــام 1942م ،و(نازك الملائكة) ص 195، أصدرت ديوانها (عاشقة الليل ) عام 1947م 0
وفي الصحافة،وجدنا من هي رئيسة تحرير مثل (رشا فاضل) ص97،التي رأست تحرير صحيفة (الثقافية) الصادرة عــن دائرة العلاقات العامة في وزارة الثقافـة ، و( لطيفة سهيل نجم فدعم الدليمي ) ص 172، التي رأست تحرير مجلة (هلا) الثقافية، وتوقفت عن الصدور عام 2006م ، و(ناصرة السعد ون) ص202 ، التي رأســت تحرير جريدة (بغــداد أوبزرفر) ، و(سـميرة عبد الرحمن المانع) ص115، التي أصدرت بالاشتراك مع صلاح نيازي مجلة ( الاغتراب الأدبي ) الفصلية عام 1985 م ، واستمرت سـبعة عشر عاما وتوقفت ، و(أسماء محمد مصطفى) ص31 ، التي تشغل حاليا مديرة تحرير مجلة (المـوروث) الالكترونية ، الصادرة عن دار الكتب والوثائق الوطنية ، ومديرة تحرير موقع (ذاكـرة بغــداد) ، في شبكة المعلومات العنكبوتية ، و(الهام عبد الكريم جاسم الكعبي) ص35 ،التي شغلت مديرة تحرير مجلة (المرأة) البغدادية لغاية نيسان 2003م ، و(25) أديبة وكاتبة ذكرهن المؤلف ، في مواقع صحفية عدة 0
ولما ذكر لنا المؤلف مواليد من ترجم لهن ، وتواريخ ارتحال من ارتحلن إلى الدار الآخرة ، وجـدنا إن (18) منهن ، فارقن الحياة برحمة من الكريم العليم بينهن ، (آمنه بيـگم) ص12 ، و(فدعه علي صويح الصدعان) ص 162 ، من القرن الثامن عشر الميلادي 0
ووجدنا (11) أديبة وكاتبة ، أصابهن أنواع من القهر، والاضطهاد ، في ظل النظام السابق ، منهن: (سلوى رؤوف حسن إبراهيم الربيعي البحراني) ص 109، التي اعتقلت أثناء دوامها في كلية الطــب عام 1980م ، و(بلقيس عبد الحميد الســنيد) ، التي هاجرت ( إلى لبنـان سـنة 1979م خوفا من قمع السلطة ) ص 61 ، و(فيفيان صليوا) ، التي ( غادرت العراق مضطرة وهي في السنة الخامسة من عمرها بعد قيام النظام ألصدامي المباد بإعدام عائلتها ) ص169 0
وكما أشار إلى ذلك الاضطهاد المتعسف ، أشار إلى حصول الأديبة والكاتبة على مواقع متقدمة فـي الدولة ، فـ (أزهار عبد الكريم عبد الوهاب الشيخلي) ص 28 ، اسـتوزرت وزيرة دولة لشؤون المرأة عام 2005م ، و (ابتهال كاصد ياسر حسين الزبيري) ص20 ، استوزرت لوزارة المرأة عام 2011م 0
وما يسر القلب ، ويريح النفس ، تلك التكريمات، والجوائز ، التي حصلـت عليها اديبات ،وكواتب ، لتميزهن في النشاط الثقافي ، والصحفي ،عدا ماحصلن عليه في جوانب علمية ، ومهنية ، ومنهن ( أسـماء محمد مصطفى ) ص31 ، التي نالت جائزة نادي الجمهورية الثقافي عام 1995م ، وجائزة أفضـل تحقيق صحفي في العراق عام 1998م ، وجائزة أفضـل صحفية تكتب في مجال الصحافة الأدبية لـعام 2012م ، كما سبق لها أن اختيرت بصفتها الصحفية المتميزة لعامي2010م ،و2011م،و(بشرى حمدي فتحي أحمد البستاني) ، ذكر أنها ( منحت أكثر من ستين شهادة تقديرية من مؤسسات ثقافية عراقية وعربية وعالمية ) ص55 ، فيما حصلت (رشا فاضل) على ( الجائزة الأولى في المسابقة الأدبية في الموســم الثقافي لجامعة تكريت في السرد سنة 2004م ، وجائزة تقديرية من مؤسـسة الــزمان في القصة القصيرة سـنة 2005م ، وجائزة نعمان الأدبية العالمية من لبنان في دورتها الخامسة 2007م في القصة القصيرة وحصدت المركز الأول بجائزة نازك الملائكة في القصة القصيرة بدورتها الرابعة سنة 2011م ، التي أقامتها وزارة الثقافـة العراقية ) ص 98 0
أما (سارة طالب علي السهيل) ص106، فحصلـت على شــهادات تكريم وتقدير في ميادين متعــددة منها الميدان الثقافي ، فنالت تكــريم وتقدير مكتبــة الإسكندرية ، ومكتبــة المعادي العامة ، والهيأة العامة لقصور الثقافة في مصر ، ومجلة شــاشـتي الصادرة عن دار التحرير والطبع المصرية ، والمركز الثقافي الفرنسي في القاهرة ،ومكتبة المركز الثقافي التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية، وكثير غيرها0
وحيث إن من الأديبات ، من ترجمت ، ومن ترجم نتاجها ، و(جدنا أمل ظاهر حسن الجبوري) ، قد ترجم شعرها إلى (11) لغــة ، هي : ( الانكليزية والفرنسية والألمانية والدنماركية والهولندية والفارســية والصينية واليابانية والكردية والايطالية والسويدية ) ص37 0
وعــدا (ســلام خياط) الذي ذكــر(أهم المصادر التي ذكرتها ) ص108، فان (132) أديبة وكاتبة ، اســتخدم في ترجمتهن صيغة : (حولها) ، لبيان المصادر التي ذكرتها ، و(17) أخريات لم يظهر ذكـرهن بمصدر ، فذكــر لنازك الملائكة (25) مصـدرا ، ولسـميرة عبد الرحمن المانع (21) مصدرا ، ولفليحــة حسن داخل العبودي (21) مصدرا أيضا 0
و الإرهاب الــذي أصاب كل شـرائح المجتمع ، وفئاته ، أصاب من الأديبات والكواتب مقتلا ، فقــد تعرضت (عـقيلة علي حسـين الهاشـمي) ص 152 ، إلى جريمة اغتيال فتوفيت في 25 / 9 / 2003م ، وتعرضت (أنوار بهجة السامرائي) ص 33 ، إلى خطف واغتيال في 22 / 2 / 2006م 0
وكما كان لنا في الجــزء الأول ملاحظاتنا ، لنا في جــزءه الثاني ما نقول : إن ( أســيل عبد الحسين حميدي ) ص32 ، لم يذكر لها ما يشير إلى أنها أديبة ، أو كاتبة ، و ما ذكر في ( معجــم المؤلفين والكتاب العراقيين ) ، رسالتها للماجستير ،ولو اتبع المؤلف هذا النهج لوجد عشرات الرسائل والاطاريح الجامعية، تنتظر حضورها في معجمه 0
و( فاطمة جاسم حسن البو فرادي ) ص 157 ، ليس لها من نشاط يذكـر في الأدب ، والكتابــة ، ما يؤهلها لمعجمه ، برغم إنها حاصلة على درجة بروفيسور 0
أما (شيخة عبد الرحمن ألحاتم) ص 139 ، فكل ما ذكر لها يقع خارج اهتمامات المعجم 0
وكان من الأفضـل ، لــو رتبت النتاجات على وفـق تاريخ الصدور ، لا ترتيبا هجائيا ، ليسـهل على الباحث ، والدارس متابعة التطور الحاصل لهذه الأديبة ، أو تلك الكاتبة ، على وفق تسلسل نتاجها ، برغـم كثرة الإصدارات التي ظهرت بلا تاريخ 0
وفيما يخص الشاعرة الرائدة والكاتبة الناقدة (نازك الملائكة) ، كان من الاوفق الإشــارة إلـى كتاب ( نازك الملائكة في المراجــع العربيــة والمعربــة ) ، للدكتـور صباح نوري المرزوك ، الصادر عن دار الشؤون الثقافية العامة عام 2009 م المتضمن أعمالها الشعرية والنثرية ، وما كتب عنها 0
وفي الختام نتمنى أن يتحفنا الأستاذ جواد عبد الكاظم محسن بالجــزء الثالث من معجمه ، ومــن الله التوفيق 0
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat