صفحة الكاتب : هاشم الفارس

العقد بين الحاكم والمحكوم
هاشم الفارس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

لازالت عالقة في آذهاني بعض من نقاط نظرية العقد الاجتماعي للفيلسوف الفرنسي جال روسو عندما قرآت الكتاب في مقتبل العمر .. وللحقيقة لم أفهم وقتذاك اي شيء مما كان يتحدث عنه .. ومع مرور لزمن وأطلاعنا على الواقع السياسي والاجتماعي للمجتمع العراقي بصورة خاصة والمجتمع الشرق اوسطي بصورة أعم واشمل بدأت الامور تتضح شيئاً فشيئاً ..ومن الاستقراء لواقع الشعوب في منطقتنا وبقية المناطق المجاورة نجد أن الشعوب قد أقرت على نفسها الانصياع لأرادة الحاكم او السلطة او بمفهوم شامل ( الدولة) .والدولة نظام سياسي أقتصادي أجتماعي متكامل قائم على أدارة شؤون المجتمع أفراداً وموارد ( بتفويض) من العامة للوصول الى حالة من التعايش لاتؤدي الى تضارب المصالح بين الافراد وتحد من التجاوز على حقوق الافراد الآخرين او الاستئثار بالموارد العامة .
أن النظام الطبيعي الذي سبق قيام مايعرف (بالدولة) كان يقوم على السلوكيات الطبيعية القائمة على روح التعاون وتغليب المصلحة العامة ضد تحديات الطبيعة او الاخطار الخارجية ( وهناك مناصرون ) لهذه الفكرة في وقتنا الحاضر ويكرسون جل أهتمامهم ونشاطهم وأدبياتهم من أجل عودة الانسان بما فيها ( ما أستحدث حالياً ) من مؤسسات وأنظمة حكم الى المجتمع الطبيعي الذي يتناقض مع وجود (الدولة ) وصيغتها الاستبدادية (  السلطة) .لكن فكرة المجتمع الطبيعي بدات تنحسر مع أتساع رقعة النشاط الأنساني والكثافة السكانية وبروز حاجات جديدة للانسان باتت في الوقت الحاضر (بديهية وضرورية) ، وان هذه الحاجات التي يسعى كل فرد الى أكتسابها لنفسه ولمحيط اسرته قد باتت تتعارض مع حاجات ورغبات الآخرين كمحصلة طبيعية لتضارب المصالح وأصطدام الحريات الشخصية على حدة مع بقية الحريات للاشخاص الآخرين وبالتالي حدثت أولى صفحات المواجهة بين بني المجتمع .. وقد واجهت البشرية هذه المعضلة عندما نشأت المجتمعات (الدينية) التي قام الانبياء والمرسلون بأرساء دعائمها بتأييد الهي وبتعاليم سمحة يتقبلها المجتمع في حينه والتي كانت تعتمد على مبدأ العقاب والثواب الألهي في الحياة الآخرة ..ومع تباعد فترة الانبياء والرسل عن ماأستجد في المجتمعات الحديثة (قد يكون تباعداً زمنياً او تباعداً فكرياً) ومع بروز تيارات فكرية متعددة ونشوء طوائف وملل واتجاهات داخل المجتمع الواحد وحصول (تضارب) طبيعي أفضى الى الكثير من المآسي برزت فكرة الدولة ... بمفهومها المبسط القائم على تفويض أشخاص (يترفعون ) عن الانتماء الشخصي الذاتي حتى يتمكنوا من تمثيل غيرهم من بقية التيارات المعاكسة في نظام أداري خدمي يسمح بمصادرة (جزء ) من الحرية الشخصية لكل فرد من أجل تحقيق الحرية المجتمعية للجميع .. هذا النظام قد يمنح الاداريين فيه أجوراً (أنقلبت الى أمتيازات) لقاء قيامهم بمهمة أدارة الدولة ..أذن فأن نظرية الحاكم والمحكوم تقوم على مبدأ ( عقد) يتم بين طرفين ..يكون أحد أطرافه حاكماً والطرف الآخر محكوماً وبارادته من أجل تسيير شؤون البلد والمجتمع ..هذا هو جوهر العقد الاجتماعي ..الذي يقوم على التعاون بين الافراد (دون تدوين ذلك على شكل عقد مكتوب) وتفويض احدهم او بعضهم  بمهمة الحاكم .. وليس معنى ذلك أن يتنازل الأفراد عن حريتهم وحقوقهم لصالح الحاكم وانما يحتفظون بالحريات الاساسية والحقوق التي لاتتعارض مع حريات الأخرين ..حينها يكون الحاكم طرفاً في هذا العقد ..والعقد هو شؤيعة المتعاقدين يسيرون ويتصرفون بموجب هذا العقد ، فأن أخل أحد الاطراف بالعقد او بعض بنوده وقع عليه ما أدرج في فقرة الاخلال بالعقد .. وفي حالة الحاكم والمحكوم تكون عادة فقرة الاخلال بالعقد من جانب (الحاكم) فقط ..لذا يجب أستبداله او عزله ..او أذا كان (تعبانين عليه أهله ) يعلن أستقالته ..فماذا نحن فاعلون ؟ في ظل غياب مفهوم العقد بين الحاكم والمحكوم ..وفي ظل غياب الوازع الديني الذي يحد من الظلم والجشع واكل أموال الناس بالباطل ..وفي ظل غياب الضمير وفكرة (المحاسبة الربانية) عن فكر وعقلية الحاكم الذي يرى أن الدولة هي مفهوم (الراعي والغنم ) وليس مفهوم الراعي والرعية ..او طرفي عقد قائم على الثقة والتخويل المطلق في رقاب العباد والبلاد وما عليه سوى الالتزام ببنوده ..والتنعم براحة البال عن حصول الرضا بين طرفي العقد .. والا فعلى الدنيا السلام .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هاشم الفارس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/18



كتابة تعليق لموضوع : العقد بين الحاكم والمحكوم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net