تعاونوا تآخوا تربحوا!
سيد صباح بهباني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المقدمة | نرفض كل فتاوى التكفيريين ونتمسك بكتاب الله ورسوله والسنة النبوية الشريفة وأهل البيت كما هو المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :
(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
[المائدة: 2 ]
(إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة: 5 ]
(قال ما مكني فيه خيرًا فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا) [الكهف 95 ]
(واجعل لي وزيرًا من أهلي . هارون أخي . اشدد به أزري . وأشركه في أمري) [طه: 29-32 ]
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
"خير الناس من نفع الناس"
وقال أيضاً : " حب لأخيك ما تحب لنفسك" ..
تعريف التعاون
والتعاون هو مصدر تعاون مأخوذ من العون الذي يراد به المظاهرة على الشيء ولو التجأتم للمعاجم اللغوية ترون الكثير من المعاني التي تجلب الفرحة للقلوب.
والتعاون هو الأصل في شريعتنا: قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وأيضاً نرى القرآن الكريم غني بالحث للمبادرات بل الأوامر الإلهية للاتحاد والاعتصام بحبله المتين {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} ويقول تعالى أيضاً {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ..وعندما نتعمق بالنصوص والشريعة والخطاب الجماعي الموجه لنا لقوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وردت 89 مرة، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} عشرين مرة، وقوله {يَا بَنِي آدَمَ} خمس مرات دلالة على أهمية الاجتماع والتعاون والتكامل . وأترككم بشحنة من أحاديث الطرفين من المسلمين السنة والمسلمين الشيعة في هذا الصدد :
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنْ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَإِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ» ..
عن رسول الله (صلَّى الله عليه و آله )
(من مشى في حاجةِ أخيه ساعةً من ليلٍ أو نهارٍ، قضاها أو لم يقضها كان خيراً له من اعتكاف شهرين )..
عن أمير المؤمنين (عليه السلام ) :
(تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهلهِ فإنَّ للجنَّة باباً يقال له "المعروف" لا يدخله إلا من أصطنع المعروف في الحياة الدنيا فإنَّ العبد ليمشي في حاجةِ أخيه المؤمن فيوكّل اللَّه به ملكين واحداً عن يمينه وآخراً عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته ).
عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله ) :
(إنَّ اللهَ في عون المؤمن ما دام المؤمنُ في عون أخيه المؤمن ومن نفَّس عن أخيه المؤمن كُربةً من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه سبعين كُربةً من كُرب الآخرة ) .
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(واللهِ لرسولُ الله - صلَّى الله عليه و آله - أسَرُّ بقضاءِ حاجةِ المؤمنِ إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة ) ..
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(من طاف بالبيت طوافاً واحداً كتبَ اللهُ لهُ ستةَ آلاف حسنة، أمحى عنهُ ستةَ آلاف سيِّئة، ورفعَ لهُ ستة آلاف درجة ). وفي رواية قيل :
عن الإمام الصادق :
(إن الله خلق خلقا من رحمته برحمته لرحمته وهم الذين يقضون حوائج الناس فمن استطاع منكم أن يكن منهم فليكن )
و في روايةٍ : (و قضى لهُ ستة آلاف حاجة حتى إذا كان عند المُلتزم، فتح له سبعة أبواب من الجنَّة
قلت له : جعلت فداك! هذا الفضل كلُّه في الطواف؟
قال: نعم! و أخبرك بأفضل من ذلك :
قضاء حاجة المؤمن المُسلم أفضلُ من طوافٍ و طوافٍ و طوافٍ. . . حتى بلغَ عشراً )..
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(ما قضى مُسلمٌ لمسلمٍ حاجة إلا ناداهُ الله تعالى عليَّ ثوابك، و لا أرضى لك بدون الجنَّة )..
عن أبي الحسن (عليه السلام ) :
(من أتاهُ أخوهُ المؤمن في حاجةٍ فإنّما هي رحمةٌ من الله - تباركَ وتعالى- ساقها إليه فإن قَبِل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصولٌ بولاية الله وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط الله عليه شُجاعاً من نارٍ ينهشهُ في قبرهِ إلى يوم القيامةِ، مغفوراً له أو معذّباً، فإن عذره الطالب كان أسوأ حالاً ).
قال أبي عبد الله (عليه السلام ) :
(من مشى لامرئٍ مُسلمٍ في حاجتهِ فنصحهُ فيها كتبَ اللهُ له بكُلِّ خطوةٍ حسنة، أمحى عنهُ سيّئة؛ قُضيَّت الحاجة أو لم تُقضَ فإن لم ينصحهُ، فقد خانَ الله ورسوله، وكان رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - خصمهُ )
قال الإمام جعفر بن مُحمَّد الصادق (عليه السلام ) :
(إنّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة ومن أدخل على مؤمنٍ سروراً فرّحَ الله قلبه يوم القيامة )
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(من نفّس عن مؤمنِ كُربة نفّس الله عنهُ كُرَب )
قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام ) :
(إنَّ خواتيم أعمالكم قضاءُ حوائجِ إخوانكم والإحسان إليهم ما قدرتم وإلا لم يُقبل منكم عمل حنُّوا على إخوانكم وارحموهم تلحقوا بنا )
قال الإمام الصادق (عليه السلام ) :
(احرصوا على قضاء حوائج المؤمنين وإدخال السرور عليهم ودفع المكروه عنهم فإنَّه ليس من الأعمال أحبُّ عند الله -عزّ وجلّ- بعد الإيمان أفضل من إدخال السرور على المؤمنين ).
نستند على قول النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه )) وقال أيضا إعانة البشر قال : ((قال صلى الله عليه وآله وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) وهذا أيضاً لأن الجزاء من جنس العمل، فمن كان يساعد إخوانه ويسعى في قضاء حوائجهم فالله عز وجل يساعده ويقضي له حوائجه )) ..
وكذلك الرحمة رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث سلمان الفارسي فقد روى الحاكم في مستدركه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج على جماعة فقال: ما كنتم تقولون؟ فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأردت أن أشارككم فيها) فكانوا في ذكر الله عز وجل وفي طاعته عز وجل، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة وهي تنزل على أصحابه فانضم إليهم حتى يأخذ نصيبه منها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»
عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا وَرَضِيَ لَكُمْ ثَلَاثًا رَضِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ تَنْصَحُوا لِوُلَاةِ الْأَمْرِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» ..وأترككم مع حوار حدث بين المسلمين الأوائل في عهد خلافة الإمام علي عليه السلام :
جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب وقالوا يا أمير المؤمنين - علي بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضوان الله عليه وسلامه - نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل فقد قتل والدنا
قال أمير المؤمنين: لماذا قتلته؟
قال الرجل : إني راعى ابل وماعز.. واحد جمالي أكل شجره من أرض أبوهم فضربه أبوهم بحجر فمات فأمسكت نفس الحجر وضربته أبوهم به فمات
قال أمير المؤمنين : إذا سأقيم عليك الحد
قال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي
فقال أمير المؤمنين ومن يضمنك
فنظر الرجل في وجوه الناس فقال هذا الرجل
فقال أمير المؤمنين : يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل
فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين
فقال أمير المؤمنين : إنك لا تعرفه وأن هرب أقمت عليك الحد
فقال أبو ذر أنا أضمنه يا أمير المؤمنين
ورحل الرجل ومر اليوم الأول والثاني والثالث وكل الناس كانت قلقله على أبو ذر حتى لا يقام عليه الحد وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل وهو يلهث وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ووقف بين يدي أمير المؤمنين
قال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد
فاستغرب أمير المؤمنين وقال : ما الذي أرجعك كان ممكن أن تهرب ؟؟
فقال الرجل : خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس
فسأل أمير المؤمنين أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟
فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس
فتأثر أولاد القتيل
فقالوا لقد عفونا عنه
فقال أمير المؤمنين : لماذا ؟
فقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس
و أما أنا
فأرسلتها لكي لا يقال ذهبت دعوة الخير من الناس!الله يحفظكم شباب الأمة الإسلامية والعربية انتم الأمل في وحدة الأمتين
ونعم ما قال الشاعر ونعم ما قيل في هذا الصدد :
سيد الناس من يجد ويسعى
في رقي العباد دنيا وأخرى
يخدم الشعب فهو يجلب نفعاً
مستجدّاً لهم ويدفع ضرّا
والسخيف الذي تَصَدَّر بالمال
أو العلم فازدرى الناس كبرا
حاسب أن من سواه تراب
وهو من بينهم تكون تبرا
ليت هذا السخيف كان حمارا ..
للنبيل الذي تقدم ذكرا . وبعد ما عرفنا ما هو الهدف من التعاون والتآخي والسعي لخدمة الناس والتنافس لفعل الخير بين العباد هي روح الحب والتسامح والرقي بين البشر وإرساء للقواعد الإنسانية لبناء خير أمة أخرجت للناس وعليكم بالتعاون والتآخي وحب الخير لجيرانكم قبل أهاليكم وخصوصاً نحن قادمون على شهر الله شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ,وأن التمسك بحبل الله خير من الفرقة والنفور لقد جعل الله تعالى من قلوب عباده القلب السليم، وهو قلب المؤمن الذي سلم من الشرك والبدعة والشهوة المحرمة والشبهة، وجعل منها القلب الميت، وهو قلب الكافر، وجعل منها القلب المريض، وهو الذي تمده مادة فيها حياته؛ وهي محبة الله، ومادة فيها هلاكه؛ وهي محبة سوى الله والتلوث بأوضار الشهوات والشبهات، وعلاج هذا البلاء هو القرآن الكريم تلاوة وعملاً .. لما كانت القلوب -عباد الله- توصف بالحياة وضدها، قسم العلماء القلوب إلى ثلاثة أقسام هي: القلب الصحيح أو السليم، والقلب المريض أو السقيم والقلب الميت .
وقالوا في تعريف القلب السليم: هو القلب الذي قد صارت السلامة صفة له، فقد سلم مما سوى الله عز وجل، فإذا أحب أحب في الله، وإذا كره كره في الله، وإذا أعطى أعطى في الله، وإذا منع منع في الله، ولا تتم سلامة هذا القلب، حتى يعقد صاحبه مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عقداً محكماً مبرماً على الائتمام به في جميع أقواله وأفعاله، فسلم من عبودية غير الله عز وجل، ومن اتباع غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يدخل الجنة إلا من أتى الله عز وجل بقلب سليم، قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89 ]..
القلب الميت: فهو الذي أخلص العبودية لهواه، فإذا أحب أحب لهواه، وإذا كره كره لهواه، وإذا أعطى أعطى لهواه، فهواه آثر عنده من رضا مولاه، والدنيا تسخطه وترضيه، والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه، ينادى إلى الله والدار الآخرة من مكان بعيد فلا يستجيب إلى الداعي، ويتبع كل شيطان مريد، فصاحب هذا القلب واقف مع حظوظه وشهواته، لا يبالي رضي الله عنه أم سخط، كما قال الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23 ]
قال بعض السلف: هو الذي كلما هوى شيئاً ركبه .
كلما زينت له نفسه فعل شيء فإنه يفعله، لا يحجزه شيء من تقوى الله عز وجل، ولا يدفعه شيء إلى حب الله عز وجل .
وبين القلب السليم والقلب الميت القلب السقيم: وهو الذي تمده مادتان، ففيه من محبة الله عز وجل والدار الآخرة ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات وإيثارها ما هو مادة هلاكه وعطبه، فقد يدعوه الداعي إلى الله عز وجل فيستجيب له، وقد يدعوه إلى غير الله عز وجل فيستجيب له .
فالقلب الأول: حي مخبت واعٍ، والثاني: يابس ميت، والثالث: مريض، فإما إلى السلامة أدنى، وإما إلى الموت أدنى .
يقول حذيفة رضي الله عنه: القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي فذلك قلب المنافق، وقلب تمده مادتان، مادة إيمان، ومادة نفاق فهو للغالب عليه منهما .
ومعنى قلب أجرد، أي: متجرد مما سوى الله عز وجل، قد أخلص عبوديته ومحبته لله عز وجل ,وللأسف نرى اليوم علماء السوء والفجور والنفاق وعبيد الدينار والدرهم تشوه معنى هذا الحب الطاهر وتصدر الفتاوى النفاق وتكفر جموع المسلمين وتصدر فتاوى لقتل أصحاب الشهادتين وتدمر صرح معنى معالم الأحاديث النبوية والطابع الإسلامي الذي أتى به نبي الرحمة الذي كان خلقه القرآن الكريم , وأهتم بالأخلاق ورفع شأنها فقال : ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .هذا كان خلق النبي محمد صلى الله عليه وآله يا علماء الفسق والطائفية تفقهوا واستنبطوا وحدوا الصف لا تدمروا العالم والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين .
behbahani@t-online.de
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
سيد صباح بهباني

المقدمة | نرفض كل فتاوى التكفيريين ونتمسك بكتاب الله ورسوله والسنة النبوية الشريفة وأهل البيت كما هو المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :
(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
[المائدة: 2 ]
(إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة: 5 ]
(قال ما مكني فيه خيرًا فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا) [الكهف 95 ]
(واجعل لي وزيرًا من أهلي . هارون أخي . اشدد به أزري . وأشركه في أمري) [طه: 29-32 ]
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
"خير الناس من نفع الناس"
وقال أيضاً : " حب لأخيك ما تحب لنفسك" ..
تعريف التعاون
والتعاون هو مصدر تعاون مأخوذ من العون الذي يراد به المظاهرة على الشيء ولو التجأتم للمعاجم اللغوية ترون الكثير من المعاني التي تجلب الفرحة للقلوب.
والتعاون هو الأصل في شريعتنا: قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وأيضاً نرى القرآن الكريم غني بالحث للمبادرات بل الأوامر الإلهية للاتحاد والاعتصام بحبله المتين {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} ويقول تعالى أيضاً {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ..وعندما نتعمق بالنصوص والشريعة والخطاب الجماعي الموجه لنا لقوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وردت 89 مرة، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} عشرين مرة، وقوله {يَا بَنِي آدَمَ} خمس مرات دلالة على أهمية الاجتماع والتعاون والتكامل . وأترككم بشحنة من أحاديث الطرفين من المسلمين السنة والمسلمين الشيعة في هذا الصدد :
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنْ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَإِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ» ..
عن رسول الله (صلَّى الله عليه و آله )
(من مشى في حاجةِ أخيه ساعةً من ليلٍ أو نهارٍ، قضاها أو لم يقضها كان خيراً له من اعتكاف شهرين )..
عن أمير المؤمنين (عليه السلام ) :
(تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهلهِ فإنَّ للجنَّة باباً يقال له "المعروف" لا يدخله إلا من أصطنع المعروف في الحياة الدنيا فإنَّ العبد ليمشي في حاجةِ أخيه المؤمن فيوكّل اللَّه به ملكين واحداً عن يمينه وآخراً عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته ).
عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله ) :
(إنَّ اللهَ في عون المؤمن ما دام المؤمنُ في عون أخيه المؤمن ومن نفَّس عن أخيه المؤمن كُربةً من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه سبعين كُربةً من كُرب الآخرة ) .
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(واللهِ لرسولُ الله - صلَّى الله عليه و آله - أسَرُّ بقضاءِ حاجةِ المؤمنِ إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة ) ..
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(من طاف بالبيت طوافاً واحداً كتبَ اللهُ لهُ ستةَ آلاف حسنة، أمحى عنهُ ستةَ آلاف سيِّئة، ورفعَ لهُ ستة آلاف درجة ). وفي رواية قيل :
عن الإمام الصادق :
(إن الله خلق خلقا من رحمته برحمته لرحمته وهم الذين يقضون حوائج الناس فمن استطاع منكم أن يكن منهم فليكن )
و في روايةٍ : (و قضى لهُ ستة آلاف حاجة حتى إذا كان عند المُلتزم، فتح له سبعة أبواب من الجنَّة
قلت له : جعلت فداك! هذا الفضل كلُّه في الطواف؟
قال: نعم! و أخبرك بأفضل من ذلك :
قضاء حاجة المؤمن المُسلم أفضلُ من طوافٍ و طوافٍ و طوافٍ. . . حتى بلغَ عشراً )..
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(ما قضى مُسلمٌ لمسلمٍ حاجة إلا ناداهُ الله تعالى عليَّ ثوابك، و لا أرضى لك بدون الجنَّة )..
عن أبي الحسن (عليه السلام ) :
(من أتاهُ أخوهُ المؤمن في حاجةٍ فإنّما هي رحمةٌ من الله - تباركَ وتعالى- ساقها إليه فإن قَبِل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصولٌ بولاية الله وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط الله عليه شُجاعاً من نارٍ ينهشهُ في قبرهِ إلى يوم القيامةِ، مغفوراً له أو معذّباً، فإن عذره الطالب كان أسوأ حالاً ).
قال أبي عبد الله (عليه السلام ) :
(من مشى لامرئٍ مُسلمٍ في حاجتهِ فنصحهُ فيها كتبَ اللهُ له بكُلِّ خطوةٍ حسنة، أمحى عنهُ سيّئة؛ قُضيَّت الحاجة أو لم تُقضَ فإن لم ينصحهُ، فقد خانَ الله ورسوله، وكان رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - خصمهُ )
قال الإمام جعفر بن مُحمَّد الصادق (عليه السلام ) :
(إنّ لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة ومن أدخل على مؤمنٍ سروراً فرّحَ الله قلبه يوم القيامة )
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام ) :
(من نفّس عن مؤمنِ كُربة نفّس الله عنهُ كُرَب )
قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام ) :
(إنَّ خواتيم أعمالكم قضاءُ حوائجِ إخوانكم والإحسان إليهم ما قدرتم وإلا لم يُقبل منكم عمل حنُّوا على إخوانكم وارحموهم تلحقوا بنا )
قال الإمام الصادق (عليه السلام ) :
(احرصوا على قضاء حوائج المؤمنين وإدخال السرور عليهم ودفع المكروه عنهم فإنَّه ليس من الأعمال أحبُّ عند الله -عزّ وجلّ- بعد الإيمان أفضل من إدخال السرور على المؤمنين ).
نستند على قول النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه )) وقال أيضا إعانة البشر قال : ((قال صلى الله عليه وآله وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) وهذا أيضاً لأن الجزاء من جنس العمل، فمن كان يساعد إخوانه ويسعى في قضاء حوائجهم فالله عز وجل يساعده ويقضي له حوائجه )) ..
وكذلك الرحمة رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث سلمان الفارسي فقد روى الحاكم في مستدركه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج على جماعة فقال: ما كنتم تقولون؟ فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأردت أن أشارككم فيها) فكانوا في ذكر الله عز وجل وفي طاعته عز وجل، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة وهي تنزل على أصحابه فانضم إليهم حتى يأخذ نصيبه منها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»
عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا وَرَضِيَ لَكُمْ ثَلَاثًا رَضِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ تَنْصَحُوا لِوُلَاةِ الْأَمْرِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» ..وأترككم مع حوار حدث بين المسلمين الأوائل في عهد خلافة الإمام علي عليه السلام :
جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب وقالوا يا أمير المؤمنين - علي بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضوان الله عليه وسلامه - نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل فقد قتل والدنا
قال أمير المؤمنين: لماذا قتلته؟
قال الرجل : إني راعى ابل وماعز.. واحد جمالي أكل شجره من أرض أبوهم فضربه أبوهم بحجر فمات فأمسكت نفس الحجر وضربته أبوهم به فمات
قال أمير المؤمنين : إذا سأقيم عليك الحد
قال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي
فقال أمير المؤمنين ومن يضمنك
فنظر الرجل في وجوه الناس فقال هذا الرجل
فقال أمير المؤمنين : يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل
فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين
فقال أمير المؤمنين : إنك لا تعرفه وأن هرب أقمت عليك الحد
فقال أبو ذر أنا أضمنه يا أمير المؤمنين
ورحل الرجل ومر اليوم الأول والثاني والثالث وكل الناس كانت قلقله على أبو ذر حتى لا يقام عليه الحد وقبل صلاة المغرب بقليل جاء الرجل وهو يلهث وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ووقف بين يدي أمير المؤمنين
قال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد
فاستغرب أمير المؤمنين وقال : ما الذي أرجعك كان ممكن أن تهرب ؟؟
فقال الرجل : خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس
فسأل أمير المؤمنين أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟
فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس
فتأثر أولاد القتيل
فقالوا لقد عفونا عنه
فقال أمير المؤمنين : لماذا ؟
فقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس
و أما أنا
فأرسلتها لكي لا يقال ذهبت دعوة الخير من الناس!الله يحفظكم شباب الأمة الإسلامية والعربية انتم الأمل في وحدة الأمتين
ونعم ما قال الشاعر ونعم ما قيل في هذا الصدد :
سيد الناس من يجد ويسعى
في رقي العباد دنيا وأخرى
يخدم الشعب فهو يجلب نفعاً
مستجدّاً لهم ويدفع ضرّا
والسخيف الذي تَصَدَّر بالمال
أو العلم فازدرى الناس كبرا
حاسب أن من سواه تراب
وهو من بينهم تكون تبرا
ليت هذا السخيف كان حمارا ..
للنبيل الذي تقدم ذكرا . وبعد ما عرفنا ما هو الهدف من التعاون والتآخي والسعي لخدمة الناس والتنافس لفعل الخير بين العباد هي روح الحب والتسامح والرقي بين البشر وإرساء للقواعد الإنسانية لبناء خير أمة أخرجت للناس وعليكم بالتعاون والتآخي وحب الخير لجيرانكم قبل أهاليكم وخصوصاً نحن قادمون على شهر الله شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ,وأن التمسك بحبل الله خير من الفرقة والنفور لقد جعل الله تعالى من قلوب عباده القلب السليم، وهو قلب المؤمن الذي سلم من الشرك والبدعة والشهوة المحرمة والشبهة، وجعل منها القلب الميت، وهو قلب الكافر، وجعل منها القلب المريض، وهو الذي تمده مادة فيها حياته؛ وهي محبة الله، ومادة فيها هلاكه؛ وهي محبة سوى الله والتلوث بأوضار الشهوات والشبهات، وعلاج هذا البلاء هو القرآن الكريم تلاوة وعملاً .. لما كانت القلوب -عباد الله- توصف بالحياة وضدها، قسم العلماء القلوب إلى ثلاثة أقسام هي: القلب الصحيح أو السليم، والقلب المريض أو السقيم والقلب الميت .
وقالوا في تعريف القلب السليم: هو القلب الذي قد صارت السلامة صفة له، فقد سلم مما سوى الله عز وجل، فإذا أحب أحب في الله، وإذا كره كره في الله، وإذا أعطى أعطى في الله، وإذا منع منع في الله، ولا تتم سلامة هذا القلب، حتى يعقد صاحبه مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عقداً محكماً مبرماً على الائتمام به في جميع أقواله وأفعاله، فسلم من عبودية غير الله عز وجل، ومن اتباع غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يدخل الجنة إلا من أتى الله عز وجل بقلب سليم، قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89 ]..
القلب الميت: فهو الذي أخلص العبودية لهواه، فإذا أحب أحب لهواه، وإذا كره كره لهواه، وإذا أعطى أعطى لهواه، فهواه آثر عنده من رضا مولاه، والدنيا تسخطه وترضيه، والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه، ينادى إلى الله والدار الآخرة من مكان بعيد فلا يستجيب إلى الداعي، ويتبع كل شيطان مريد، فصاحب هذا القلب واقف مع حظوظه وشهواته، لا يبالي رضي الله عنه أم سخط، كما قال الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23 ]
قال بعض السلف: هو الذي كلما هوى شيئاً ركبه .
كلما زينت له نفسه فعل شيء فإنه يفعله، لا يحجزه شيء من تقوى الله عز وجل، ولا يدفعه شيء إلى حب الله عز وجل .
وبين القلب السليم والقلب الميت القلب السقيم: وهو الذي تمده مادتان، ففيه من محبة الله عز وجل والدار الآخرة ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات وإيثارها ما هو مادة هلاكه وعطبه، فقد يدعوه الداعي إلى الله عز وجل فيستجيب له، وقد يدعوه إلى غير الله عز وجل فيستجيب له .
فالقلب الأول: حي مخبت واعٍ، والثاني: يابس ميت، والثالث: مريض، فإما إلى السلامة أدنى، وإما إلى الموت أدنى .
يقول حذيفة رضي الله عنه: القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي فذلك قلب المنافق، وقلب تمده مادتان، مادة إيمان، ومادة نفاق فهو للغالب عليه منهما .
ومعنى قلب أجرد، أي: متجرد مما سوى الله عز وجل، قد أخلص عبوديته ومحبته لله عز وجل ,وللأسف نرى اليوم علماء السوء والفجور والنفاق وعبيد الدينار والدرهم تشوه معنى هذا الحب الطاهر وتصدر الفتاوى النفاق وتكفر جموع المسلمين وتصدر فتاوى لقتل أصحاب الشهادتين وتدمر صرح معنى معالم الأحاديث النبوية والطابع الإسلامي الذي أتى به نبي الرحمة الذي كان خلقه القرآن الكريم , وأهتم بالأخلاق ورفع شأنها فقال : ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .هذا كان خلق النبي محمد صلى الله عليه وآله يا علماء الفسق والطائفية تفقهوا واستنبطوا وحدوا الصف لا تدمروا العالم والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين .
behbahani@t-online.de
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat