قصص قصيرة جدا
عبد الكريم رجب صافي الياسري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الكريم رجب صافي الياسري

1 / نظرتان مختلفتان
قالَ لزميلِهِ ,
والطائرةُ توشكُ على الهبوط ، بعدَ عدَّة ساعاتٍ مِنْ إقلاعِها:
مَرَّ الزَّمنُ سريعاً،
فقَدْ أمضيْتُ الوقتَ أنظرُ لهذهِ الفتاة ،
ذات القميص الشفاف ، والتنورة القصيرة جداً.
فقالَ زميلُهُ :
وأنا كذلك ، فقدْ كنتُ سعيداً جداً بهدوئها واحترامها للوقت ،
فعيناها لم تغادرا كتابها ، مُذْ احتضنَها المقعد .
وازداد إعجابي بها ، واحترامي لها حين رفضَتْ وجبةَ الطعامِ بكلمةٍ واحدة ، وتابعَتِ القراءةَ باهتمامٍ شديد .
وعندَما هبطَتِ الطائرةُ ، قالَتِ الفتاةُ وهي تغلقُ كتابَها ، وتتهيَّأُ للنزول:
نعم ، فالمرءُ يفكِّرُ دائماً فيما يجدُ نفسَهُ فيه .
*************
2 / حجاب اللسان
انتبهَ جميعُ ركّابِ الحافلةِ ، التي لم تنطلقْ بعد ،
لصوتِ رجلٍ نهضَ مِنْ كرسيِّهِ ،
وهو يسبُّ ويشتمُ شحاذاً حافياً قد مسَّ بأصابعِ قدمِهِ حذاءَ ذلكَ الرجل ، الذي شملَ بسبِّهِ وشتمهِ أمّ الشحاذِ وأخته .
ثمَّ جلسَ فخوراً ، يحدِّثُ امرأةً بجانِبِهِ لا يبدو منها شيئاً أبداً.
فسألَ الشَّحّاذُ الرجلَ:
هلْ هذه زوجتُك
فصرخ الرجلُ:
نعمْ ، وماذا تريد ؟
فقالَ الشَّحّاذُ ، والابتسامةُ تملأُ شَفَتَيْه :
لماذا ، إذن ، لَـمْ تُحَجِّبْ لسانَكَ كما حَجَّبْتَ زوجتَك ؟
************
3 / قيمة الإنسان
مُذْ انطلقنا لزيارةِ إحدى المدنِ الأثرية ،
والمُضيفُ يتحدثُ عنْ عظمةِ حضارةِ بلاده .
وحينَ وصلنا هناك ،
تمايلَ زهواً وفخراً ،
وهو يشيرُ إلى الصروحِ الشاهقة ،
التي شيّدَها آباؤه
لكنَّهُ نظَرَ إلى الأرض ،
ثم ركلَها برجلهِ حينَ سألتهُ :
وهلْ ارتفعتْ قيمةُ الإنسانِ مع ارتفاعِ هذهِ الصروح ،
أمْ كانَ نصيبُها الهبوط ؟
**********
4 / صاحب المنظر
لازال صاحبُ المنظرِ الحسن يصفُ جمالَهُ وكمالَه ، وينعتُ جلساءَهُ البسطاءَ بِقُبْحِ المظهرِ والصورة
حتى هزَّهُ صوتُ شيخٍ يخاطبُهُ قائلاً :
ألا أدلُّكَ على تجارةٍ تزدادُ معها جمالا ؟
أجابَ بصوتٍ ملؤهُ الغرور:
لستُ بحاجةٍ لنصائح أحد
لكنْ هات ما عندك
فقالَ الشيخ :
لا يمكنك أن تزدادَ جمالاً
حتى تسترَ قبحَ الآخرينَ وعيوبَهم
فساد الصمتُ قليلاً ، ثمَّ انصرفَ الجميع
عبدالكريم رجب صافي الياسري
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat