العواطف والانفعالات: تناغم بين الحس والجسد
السيد يوسف البيومي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن العواطف والانفعالات ليست مجرد أمور عابرة يحس بها الإنسان وليس لها أثر عليه، إنما هي مزيج من المشاعر فهي: نبض القلب ومرور الأحلام، هي همس العشاق ودموع القهر والحرمان، وأناهيد الحسرة والندامة، وعنين الحاسد الأعمى عن الخيرات، وزغردات السعادة للفرح، ولهفة الضعيف البائس، وهتفات الرابح المنتصر، وأنين المتألم وندب الفقدان لعزيز أو حبيب، وصراخ معجب لمن أعجب به، وبسمة شماتة من ظالم لا يرحم، وبكاء المظلوم الذي لا ينسى، وزمجرة الغاضب..
بل هي وجه مشرق، وثغر مبتسم، ونار في قلب محب، وسرور الرضا والسعادة، إنها أيضاً وجه شاحب، وعيون اغرورقت بالدمع، وجبين مقطب، وهدوء النفس مرارة الشقاء والتعاسة..
كل تلك العواطف والمشاعر تمس قلوبنا، فتثيره حباً وإعجاباً ببعض الناس، وتمقته تارة أخرى حزناً فنبكي ونأسف و ترتجف عوطفنا إشفاقاً على البعض الآخر، وتثيرها أحياناً بالكراهية والبغضاء والنفور من أناس يمرون في حياتنا، وقد تثير في أنفسنا وذواتنا مختلف العواطف فنعكس على وجهنا وتصرفاتنا وردة أفعالنا..
إذا ما هو الأنفعال؟!
لقد جاء بالتعريف العلمي للأنفعال:" الانفعال حالة نفسية ذات شحنة وجدانية قوية مصحوبة بتغيرات فسيولوجية خاضعة خاصة للجهاز العصبي السمبتاوي ـ الجهاز العصبي الودي ـ أو الجملة العصبية الودية، وبحركات تعبيرية كثيرا ما تكون عنيفة، وينشأ الانفعال عادة عن إعاقة فجائية لرغبات قوية كما في الغضب والخوف، أو عن إرضاء غير متوقع لهذه الرغبات كما في انفعال الفرح".
أما وصف الأنفعال يعتمد على:
أولاً: نوع الانفعال وسببه والتغيرات الجسمية والنفسية التي ترافقه عادة.
ثانياً: هناك اختلاف بالانفعالات، فالناس يختلفون في ردود أفعالهم، فهناك من يصبح كالحيوان، يضرب ويقتل ويكسر الأدوات في حالة الغضب، وهناك من يتحكم في نفسه إلى أبعد الحدود رغم علامات الغضب البادية عليه، وهناك من يتسمر في مكانه أو يغمى عليه عند الخوف، وهناك من يستطيع التغلب على خوفه فيقوم بأعمال بطولية. كل هذه العواطف تدور في داخل كل إنسان وتظهر على صفحات الوجه وتؤثر على الأفعال وردود الأفعال..
وقد أقر العلم النفسي الحديث: " أن بالوجه خمساً و خمسين عضلة نستخدمها من دون إرادة أو وعي في التعبير عن العواطف والانفعالات، و تحيط بتلك العضلات أعصاب تصلها بالمخ، و عن طريق المخ تتصل تلك العضلات بسائر أعضاء الجسم، و كذلك ينعكس على الوجه كل ما يختلج في صدرك أو تشعر به في أي جزء من جسمك، فالألم يظهر واضحاً أول ما يظهر على الوجه، و الراحة و السعادة، مكان وضوحها و ظهورها هو الوجه، و كل عادة كانت حسنة أو سيئة تحفر في الوجه أثراً عميقاً، فلذلك فإن الوجه هو الجزء الوحيد من جسم الإنسان الذي يفضح صاحبه و ينبيء عن حاله و لا يوجد عضو آخر يمكن به قراءة ما هو عليه الإنسان، وهو منهج رئيسي يستعمل لعلاج المرضى، بل إن العلماء يقولون بإمكان قراءة طبع الشخص و خلقه في تجاعيد وجهه، فعلى سبيل المثال لا حصر: فأهل العناد وقوة الإرادة الذين لا يتراجعون عن أهدافهم من عادتهم زم الشفاه فيؤدي ذلك إلى انطباع تلك الصورة حتى حين لا يضمرون عناداً، أما التجاعيد الباكرة حول العينين فترجع إلى كثرة الضحك والابتسام والقهقهة.."
وهناك هرمون أسمه: الأدرينالين أو إبينيفرين ويعتبر ناقل عصبي تفرزه غدة الكظر وهي تقع فوق الكلية، حيث ينتج في الخلايا أليفة الكروم في لب الكظر، وهو يعمل على زيادة نبض القلب وانقباض الأوعية الدموية وبالمجمل يؤدي إلى تحضير الجسم لحالات الكر والفر. يعد الإبينفرين ونورإبينفرين أهم الناقلات العصبية في الجهاز العصبي الودي..
والبكاء هو أحدى الانفعالات أو التعبيرات التي تظهر على الإنسان في الظروف الصعبة التي تمر به، نتيجة تعرضه لحادث أليم أو موقف محزن، أو ضياع عزيز أو فقدان خليل، أو حب شديد أو لربما فرح شديد. وهو يصاحبه دائماً سيلان الدموع، والمرأة دائماً أكثر بكاء من الرجل نتيجة رقتها الفطرية، إلى جانب محاولة الرجل دائما التماسك امام الأزمات كمظهر من مظاهر القوة، حتى ولو كان ذلك من باب الخداع والشجاعة الزائفة. ولكن في بعض الأحيان يجد الرجل نفسه وقد انهار وخانته شجاعته ولم يستطع الصمود، فنراه وقد سالت دموعه دون أن يدري بالرغم من عنفوانه وجبروته وهناك من القادة والزعماء من اجهشه البكاء بالرغم من سلطانه الذي أقام الدنيا وأقعدها في يوم من الايام.
في حالة البكاء، تُثار الغدد الدمعية عبر إشارات تصلها من مراكز في الدماغ معنية بالتفاعل العاطفي. ولا تزال الغالبية في الأوساط العلمية تعتقد بأن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يذرف الدموع تفاعلاً مع حالة عاطفية تعتريه، وأن الحيوانات بأنواعها لا تملك هذه السمة والميزة.
وقد رسخ في أذهان معظم الناس أن القلب هو المسؤول عن مشاعر الحب أو الكراهيه، وقد يعود هذا الاعتقاد إلى خفقان القلب أو انقباضه، أو لربما أشتهر عند الشعوب وخاصة عند العرب استعمالهم لكلمة القلب حين التفكير أو في حالة الحب أو الكره. وإنما الحق فالقلب ليس له علاقة بالحب أو المشاعر الإنسانية.
إنما تؤول الأمور إلى المخ، وهذا ما اكتشفه العلماء حديثاً أن السر في حب أشياء معينة دون أخرى مسؤولية مراكز المخ التى تتكون فيها مشاعر الكراهية لدى الإنسان قبل أن تظهر على سلوكه.
كيف نقرع أحاسيس الانفعالات:
إن أحاسيس والانفعالات لا تحدث بسهولة، فيجب أن يحدث الانفعال المطلوب من خلال الإحساس المصاحب للانفعال، ولكي نثير الانفعال يجب التحضير والتمهيد له جسمياً ونفسياً وعصبياً، فالضحك مثال على نوع من هذه الإنفعالات، وانفعال الضحك ليس من النوع الصعب جداً إحداثه، بعكس رعشة الحب التي ليس من السهل إحداثها فيجب التحضير الجسمي والنفسي لها، ومن أحاسيس الإنفعالات الأحاسيس الناتجة عن الأعمال الأدبية والسينمائية، وعن الخطابة وغيرها، فهي تحتاج إلى تهيئة المتلقين لها، وامتلاكهم لخصائص نفسية وفكرية مناسبة لكي يتسنى إحداث الانفعالات المطلوبة لديهم، وأغلب أحاسيس الانفعالات إن لم يكن كلها، سواء كانت أحاسيس انفعال الغضب أو الحقد أو الخوف أو الحزن أو اليأس والإحباط، أو كانت هذه الأحاسيس هي انفعالات الفرح أو النصر والفوز أو الشجاعة، لا يمكن إحداثها أو التحكم بها بسهولة وبساطة، فلا بد من التحضير والتمهيد لها نفسياً وفكرياً.
وهذا يجعل الفنون بكل أنواعها التي تسعى لإحداث أحاسيس الانفعالات مثل الخطابة والأدب والسينما والموسيقى والشعر، ليس من السهل إحداثها وقرعها لدى المتلقين، فهي تحتاج إلى إمكانيات وخبرات من الذين يريدون جعل الآخرين يتأثرون بها ويتذوقونها، فإحداث أحاسيس الانفعالات أصعب بكثير من إحداث كافة أنواع الأحاسيس العادية.
وفي خاتمة البحث: فإن تفاعل العواطف لا بد أن يظهر بأجلى حالاته خصوصاً مع كتاب الله عز وجل القرآن الكريم وأدعية أهل البيت (عليهم السلام) التي فيهما حياة القلوب من خلال هذه الآيات الكريمة في القرآن العظيم والعبارات المتينة في الأدعية التي تُعجز أي أحد ولا يستطيع إلا وأن يقر بذلك ويعترف به ويسلم لهما، ـ كيف لا ـ فلو أن أحدنا هيأ نفسه نفسياً وصقل ذاته لا بد من أن يتفاعل مع حبل الله الممدود كتاب الله وعترة أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وأكبر مثال على هذا التفاعل العاطفي ـ وأختم به ـ ما جاء في خطبة المتقين لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) حيث قال وهو يصف حالهم وتفاعلهم مع كتاب الله العزيز: " أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به تهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع كلوم جراحهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم، جلودهم، ووجلت قلوبهم فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم، وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً، وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً، وظنوا أنها نصب أعينهم".
14/4/2013
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
السيد يوسف البيومي

إن العواطف والانفعالات ليست مجرد أمور عابرة يحس بها الإنسان وليس لها أثر عليه، إنما هي مزيج من المشاعر فهي: نبض القلب ومرور الأحلام، هي همس العشاق ودموع القهر والحرمان، وأناهيد الحسرة والندامة، وعنين الحاسد الأعمى عن الخيرات، وزغردات السعادة للفرح، ولهفة الضعيف البائس، وهتفات الرابح المنتصر، وأنين المتألم وندب الفقدان لعزيز أو حبيب، وصراخ معجب لمن أعجب به، وبسمة شماتة من ظالم لا يرحم، وبكاء المظلوم الذي لا ينسى، وزمجرة الغاضب..
بل هي وجه مشرق، وثغر مبتسم، ونار في قلب محب، وسرور الرضا والسعادة، إنها أيضاً وجه شاحب، وعيون اغرورقت بالدمع، وجبين مقطب، وهدوء النفس مرارة الشقاء والتعاسة..
كل تلك العواطف والمشاعر تمس قلوبنا، فتثيره حباً وإعجاباً ببعض الناس، وتمقته تارة أخرى حزناً فنبكي ونأسف و ترتجف عوطفنا إشفاقاً على البعض الآخر، وتثيرها أحياناً بالكراهية والبغضاء والنفور من أناس يمرون في حياتنا، وقد تثير في أنفسنا وذواتنا مختلف العواطف فنعكس على وجهنا وتصرفاتنا وردة أفعالنا..
إذا ما هو الأنفعال؟!
لقد جاء بالتعريف العلمي للأنفعال:" الانفعال حالة نفسية ذات شحنة وجدانية قوية مصحوبة بتغيرات فسيولوجية خاضعة خاصة للجهاز العصبي السمبتاوي ـ الجهاز العصبي الودي ـ أو الجملة العصبية الودية، وبحركات تعبيرية كثيرا ما تكون عنيفة، وينشأ الانفعال عادة عن إعاقة فجائية لرغبات قوية كما في الغضب والخوف، أو عن إرضاء غير متوقع لهذه الرغبات كما في انفعال الفرح".
أما وصف الأنفعال يعتمد على:
أولاً: نوع الانفعال وسببه والتغيرات الجسمية والنفسية التي ترافقه عادة.
ثانياً: هناك اختلاف بالانفعالات، فالناس يختلفون في ردود أفعالهم، فهناك من يصبح كالحيوان، يضرب ويقتل ويكسر الأدوات في حالة الغضب، وهناك من يتحكم في نفسه إلى أبعد الحدود رغم علامات الغضب البادية عليه، وهناك من يتسمر في مكانه أو يغمى عليه عند الخوف، وهناك من يستطيع التغلب على خوفه فيقوم بأعمال بطولية. كل هذه العواطف تدور في داخل كل إنسان وتظهر على صفحات الوجه وتؤثر على الأفعال وردود الأفعال..
وقد أقر العلم النفسي الحديث: " أن بالوجه خمساً و خمسين عضلة نستخدمها من دون إرادة أو وعي في التعبير عن العواطف والانفعالات، و تحيط بتلك العضلات أعصاب تصلها بالمخ، و عن طريق المخ تتصل تلك العضلات بسائر أعضاء الجسم، و كذلك ينعكس على الوجه كل ما يختلج في صدرك أو تشعر به في أي جزء من جسمك، فالألم يظهر واضحاً أول ما يظهر على الوجه، و الراحة و السعادة، مكان وضوحها و ظهورها هو الوجه، و كل عادة كانت حسنة أو سيئة تحفر في الوجه أثراً عميقاً، فلذلك فإن الوجه هو الجزء الوحيد من جسم الإنسان الذي يفضح صاحبه و ينبيء عن حاله و لا يوجد عضو آخر يمكن به قراءة ما هو عليه الإنسان، وهو منهج رئيسي يستعمل لعلاج المرضى، بل إن العلماء يقولون بإمكان قراءة طبع الشخص و خلقه في تجاعيد وجهه، فعلى سبيل المثال لا حصر: فأهل العناد وقوة الإرادة الذين لا يتراجعون عن أهدافهم من عادتهم زم الشفاه فيؤدي ذلك إلى انطباع تلك الصورة حتى حين لا يضمرون عناداً، أما التجاعيد الباكرة حول العينين فترجع إلى كثرة الضحك والابتسام والقهقهة.."
وهناك هرمون أسمه: الأدرينالين أو إبينيفرين ويعتبر ناقل عصبي تفرزه غدة الكظر وهي تقع فوق الكلية، حيث ينتج في الخلايا أليفة الكروم في لب الكظر، وهو يعمل على زيادة نبض القلب وانقباض الأوعية الدموية وبالمجمل يؤدي إلى تحضير الجسم لحالات الكر والفر. يعد الإبينفرين ونورإبينفرين أهم الناقلات العصبية في الجهاز العصبي الودي..
والبكاء هو أحدى الانفعالات أو التعبيرات التي تظهر على الإنسان في الظروف الصعبة التي تمر به، نتيجة تعرضه لحادث أليم أو موقف محزن، أو ضياع عزيز أو فقدان خليل، أو حب شديد أو لربما فرح شديد. وهو يصاحبه دائماً سيلان الدموع، والمرأة دائماً أكثر بكاء من الرجل نتيجة رقتها الفطرية، إلى جانب محاولة الرجل دائما التماسك امام الأزمات كمظهر من مظاهر القوة، حتى ولو كان ذلك من باب الخداع والشجاعة الزائفة. ولكن في بعض الأحيان يجد الرجل نفسه وقد انهار وخانته شجاعته ولم يستطع الصمود، فنراه وقد سالت دموعه دون أن يدري بالرغم من عنفوانه وجبروته وهناك من القادة والزعماء من اجهشه البكاء بالرغم من سلطانه الذي أقام الدنيا وأقعدها في يوم من الايام.
في حالة البكاء، تُثار الغدد الدمعية عبر إشارات تصلها من مراكز في الدماغ معنية بالتفاعل العاطفي. ولا تزال الغالبية في الأوساط العلمية تعتقد بأن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يذرف الدموع تفاعلاً مع حالة عاطفية تعتريه، وأن الحيوانات بأنواعها لا تملك هذه السمة والميزة.
وقد رسخ في أذهان معظم الناس أن القلب هو المسؤول عن مشاعر الحب أو الكراهيه، وقد يعود هذا الاعتقاد إلى خفقان القلب أو انقباضه، أو لربما أشتهر عند الشعوب وخاصة عند العرب استعمالهم لكلمة القلب حين التفكير أو في حالة الحب أو الكره. وإنما الحق فالقلب ليس له علاقة بالحب أو المشاعر الإنسانية.
إنما تؤول الأمور إلى المخ، وهذا ما اكتشفه العلماء حديثاً أن السر في حب أشياء معينة دون أخرى مسؤولية مراكز المخ التى تتكون فيها مشاعر الكراهية لدى الإنسان قبل أن تظهر على سلوكه.
كيف نقرع أحاسيس الانفعالات:
إن أحاسيس والانفعالات لا تحدث بسهولة، فيجب أن يحدث الانفعال المطلوب من خلال الإحساس المصاحب للانفعال، ولكي نثير الانفعال يجب التحضير والتمهيد له جسمياً ونفسياً وعصبياً، فالضحك مثال على نوع من هذه الإنفعالات، وانفعال الضحك ليس من النوع الصعب جداً إحداثه، بعكس رعشة الحب التي ليس من السهل إحداثها فيجب التحضير الجسمي والنفسي لها، ومن أحاسيس الإنفعالات الأحاسيس الناتجة عن الأعمال الأدبية والسينمائية، وعن الخطابة وغيرها، فهي تحتاج إلى تهيئة المتلقين لها، وامتلاكهم لخصائص نفسية وفكرية مناسبة لكي يتسنى إحداث الانفعالات المطلوبة لديهم، وأغلب أحاسيس الانفعالات إن لم يكن كلها، سواء كانت أحاسيس انفعال الغضب أو الحقد أو الخوف أو الحزن أو اليأس والإحباط، أو كانت هذه الأحاسيس هي انفعالات الفرح أو النصر والفوز أو الشجاعة، لا يمكن إحداثها أو التحكم بها بسهولة وبساطة، فلا بد من التحضير والتمهيد لها نفسياً وفكرياً.
وهذا يجعل الفنون بكل أنواعها التي تسعى لإحداث أحاسيس الانفعالات مثل الخطابة والأدب والسينما والموسيقى والشعر، ليس من السهل إحداثها وقرعها لدى المتلقين، فهي تحتاج إلى إمكانيات وخبرات من الذين يريدون جعل الآخرين يتأثرون بها ويتذوقونها، فإحداث أحاسيس الانفعالات أصعب بكثير من إحداث كافة أنواع الأحاسيس العادية.
وفي خاتمة البحث: فإن تفاعل العواطف لا بد أن يظهر بأجلى حالاته خصوصاً مع كتاب الله عز وجل القرآن الكريم وأدعية أهل البيت (عليهم السلام) التي فيهما حياة القلوب من خلال هذه الآيات الكريمة في القرآن العظيم والعبارات المتينة في الأدعية التي تُعجز أي أحد ولا يستطيع إلا وأن يقر بذلك ويعترف به ويسلم لهما، ـ كيف لا ـ فلو أن أحدنا هيأ نفسه نفسياً وصقل ذاته لا بد من أن يتفاعل مع حبل الله الممدود كتاب الله وعترة أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وأكبر مثال على هذا التفاعل العاطفي ـ وأختم به ـ ما جاء في خطبة المتقين لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) حيث قال وهو يصف حالهم وتفاعلهم مع كتاب الله العزيز: " أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به تهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع كلوم جراحهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم، جلودهم، ووجلت قلوبهم فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم، وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً، وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً، وظنوا أنها نصب أعينهم".
14/4/2013
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat