انتخابات مزورة .. وشعب أعزل .. ومفوضية غير مستقلة
غفار عفراوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
غفار عفراوي

لست أعلم من أين أبدأ الكلام.. فالعراق أصبح بلد الغرائب والعجائب بكل شيء! ملبسه غريب، وكلامه غريب، ونقاشاته غريبة، قادته أغراب، شبابه ونساءه وطعامه وكل شيء.
أسوق هذا المقدمة للحديث عن موضوع الساعة وهو انتخابات مجالس المحافظات المحلية القادم. فجميع المرشحين وكل الكيانات قد لملمت وحشدت ما عندها من جهود وطاقات مادية ومعنوية من أجل كسب صوت الناخب الذي ( بُحّ ) صوته من كثرة المطالبات ولم يلتفت إليه أحد طيلة السنوات الأربع الفائتة! لكنه يصبح من ذهب والكل يتوسله ويناغيه ويبكيه ويواسيه ويعده ويهديه من اجل أن يكون نصيبه في يوم التصويت.
الأمر إلى هنا ليس فيه أية غرابة، فلعبة الديموقراطية تستدعي عمل أي شيء قانوني وشرعي لكسب صوت الناخب.
لكن..
المشكلة أن يكون التجهيل و(الاستحمار) والاستغفال هي الأدوات التي تستخدمها الأحزاب والكتل المتصارعة على مقاعد المجلس! وبطرق متعددة لا تخفى على أغلب المتابعين والمثقفين. ومن أبرز طرق التجهيل والاستخفاف بعقل الناخب، هو عدم وجود أي تفكير بتقديم برنامج انتخابي للمرشحين لا بصورة مباشرة ولا عن طريق الحوارات أو الكتابات أو أي وسيلة أخرى تثبت أن هذا المرشح يفهم العمل السياسي ويعلم ماهية الانتخابات وما هو المطلوب منه حين يكون رجل حكومة ورجل دولة ! رغم أنني متأكد أن نصف المرشحين لم يكلف نفسه حتى قراءة النظام الإداري للمجالس أو معرفة نظام الانتخابات الحالي، وأتصور أن بعضهم لا يعرف عدد أعضاء المجلس ولا عدد أعضاء النساء من عدد أعضاء الرجال لسبب بسيط انه مشغول من الصباح وحتى المساء ب(دكانه ) أو (بسطته) أو مقاولاته! وبقدرة الحزب تم ترشيحه، لا لسود عينيه أو خبرته أو كفاءته، وإنما لإتمام عدد القائمة ( بأي شي ) للأسف الشديد.
وان كان المرشح بهذه الكيفية، فما بالك بالناخب البسيط الذي لا ناقة له ولا جمل بكل العملية الانتخابية سوى ما سيحصل عليه من وعود كاذبة وتسويف وهمي وإعلانات وبوسترات تسد عليه الطرقات وقد تصيب أحداها رأسه حين تسقط بسبب عدم ربطها بإحكام لان العامل لا يهتم إلا بأجرته ولا يعنيه أن يربط صورة المرشح بأية كيفية كانت!
فهل يعلم هذا العامل كيف يضيع صوته في صناديق الاقتراع وتغرق سنواته الأربع القادمة في المجهول!؟
الأمر الآخر في سياسة التجهيل والاستغفال التي تسلكها أغلب الكيانات هو طريقة الإعلانات والشعارات التي ترفع في البوسترات والملصقات وفيها من المهازل والاستخفاف بالعقول ما يثير المشاعر ويغيض العواطف والقلوب. والأمثلة عديدة من أهمها: صورة لإحدى نائبات مجلس النواب (عتاب الدوري ) وهي تضع رجلا بجانبها وتقول انتخبوا زوجي!!! وصورة أخرى لأحد النواب ( هيثم الجبوري ) ويقول انتخبوا أخي! وصورة لرجل يقول ( رشحت لأجلك يا ولدي ) ويعطي علامة على اسمه ويقول ( أبو القاعة )!!! وكأن الموضوع مسألة عشائرية أو دعوة لإقامة حفل زفاف جماعي في القاعة !
أو تلك المرشحة التي تخجل من وضع صورتها في البوستر ووضعت بدله صورة زوجها الذي يقول انتخبوا زوجتي! فلعمري هل المرشحة تعمل بزوجها أم بشهادتها! أليس لهؤلاء شهادة؟ أو خبرة؟ أو مهنة؟ او حتى تاريخ مشرف؟ لكي يعتمد على ذويه؟
أليس عيباً أننا لم نشاهد برنامج انتخابي واضح وكان اعتماد هؤلاء على سمعة ذويهم؟
أليس هذا هو الاستخفاف التام بالعقول والاستغفال المبكي للناخب ؟
أنا اعتقد أن المسؤول الرئيسي في كل هذه المهازل التي تثير المشاعر وتغيض العواطف وتسيء للقلوب هي مفوضية الانتخابات بسبب سماحها بهذه الانتهاكات غير الشرعية ضد العقل العراقي الذي يوزن بالذهب (فقط) خارج العراق ! لكنه يوزن ببطانية، أو كلمة تسويف، أو وعد كاذب (داخل ) العراق.
المفوضية التي تحولت بقدرة الأحزاب إلى مفوضية غير مستقلة بعد أن تحاصصتها الأحزاب في سابقة خطيرة جدا تم تمريرها بغفلة من الشعب الحائر بأمره .
أدعو كافة الكتاب والمثقفين والمؤسسات والمنظمات التي ترفض التجهيل والاستغفال والاستغلال أن لا تبقى ساكتة وان تقول كلمتها المدوية، فالصحافة سلطة رابعة ومنظمات المجتمع سلطة خامسة، وأتصور أن سلطتكم أقوى من سلطة المفوضية الكارتونية التي تتلاعب بها الأحزاب كالكرة، وممكن أن تغيروا كثيراً من هذه الفوضى إن تكاتفتم وتعاونتم على إطلاق صرخة مدوية بوجه التجهيل ..
كلا للتجهيل
كلا للاستغفال
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat