اين دور المثقف في العراق
مهدي المولى
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مهدي المولى

هل للمثقف العراقي دور في ما حدث وما يحدث لا اعتقد اني جانيا على المثقف اذا قلت ليس له دور
علينا ان نعرف ما هو المثقف هل المثقف الشاعر والكاتب والصحفي واستاذ الجمعة فهؤلاء ليس مثقفين هؤلاء اتخذوا من الشعر والكتابة والصحافة مهنة كغيرهم مثل الاطباء والمحامين والحدادين وسواق الاجرة وميكانيكي السيارات والعربنجية عمال فلاحين وحتى الوزراء واعضاء البرلمان ورئاسة الوزراء والجمهورية فاتخذوا من تلك المهن وسيلة للعيش لا شك ان المثقف يخرج من بين كل تلك الشرائح والمهن
فالمثقف ارقى وافضل من كل ذلك المثقف هدفه صنع العلاقات الانسانية بين الانسان واخيه الانسان بين الانسان والسلطة لهذا فالمثقف لا ينتمي الى دين ولا الى القومية ولا الى طائفة ولا الى مذهب ولا الى حزب ولا حتى الى وطن انه ينتمي الى الانسان فهو ضد كل ما هو ضد الانسان كل ما يسئ للانسان كل ما يهتك حقوق الانسان ويحط من شأنه فهو السبب والمصدر والمحرض لكل ما يحدث في كل مجالات الحياة من تطور وتقدم من ابداع واختراع واكتشاف من حب وسلام من احترام وتقديس للانسان
فالمثقف ينتمي الى كل مظلوم وكل مضطهد وضد كل ظالم وضد كل مجرم لهذا فالمثقف لا ينتمي الا الى الانسان فهو مع الصابئ مع السني مع الشيعي مع المسيحي مع اسرائيل مع كل من يتعرض الى الانتهاك فهو يقف الى جانب الصابئ الى المسيحي اذا تعرض الى اي قمع واي اضطهاد او اي منع او قيد يعرقل اقامة طقوسهم الدينية مع اي انسان يمنع من التعبير عن رأيه ووجهة نظره مهما كان ذلك
فالمثقف يرى في الانسان سيد الوجود وكل شي في خدمة الانسان ومن اجله الدين القانون الحكومة ويرى احترام الانسان من خلال احترام عقله فالانسان قيمته هي عقله فعندما يقتل عقله يعني مسخ انسانية الانسان وتحوله الى درجة دون الحيوانات منزلة
لهذا فان المثقف يرفض اي قيد يقيد عقل الانسان لان اي قيد يقتل عقل الانسان وبهذا يصبح الانسان اعمى البصر والبصيرة لهذا نرى الحكام المستبدين اول عمل يعملونه هو وضع القيود والاغلال على عقول الشعوب وبهذا تتحول الشعوب الى قطيع من البقر يستطيع ان يلعب بها ما يشاء ويرسلها حيث ما يرغب وما يشتهي الى المرعى ثم الى المذبح
فالمثقف لا موقع معين يتحرك منه فهو متغير الحركة حسب مستوى الجماهير الفكري والثقافي فهو دائما ينزل الى دون مستوى الجماهير ويخاطبها وفق مستواها ثم يعلمها ويرفع من مستواها تدريجيا فهو مثل المعلم الذي يعلم طلاب الابتدائية ليس غايته ان يعلمهم الدور دار بل غايته ان يجعل من هؤلاء اطباء مهندسين علماء مبدعين لكنه لا يحقق هذه الغاية الا ان يبدأ معهم بدار دور واعتقد ان مجتمعنا يعيش هذه المرحلة وعلى المثقف ان ينزل ويعلم الشعب المعلومات الاولية
اما ان يبقى في بروجه العاجية ويدعوا الشعب الى الصعود اليه فهذا هو المستحيل وهذا هو الخطأ الذي ارتكبه ادعياء الثقافة لهذا فانهم عاشوا في واد والشعوب في واد احدهم لا يجدون من يسمعهم ولا يجدون من يقترب منهم وهذا هو السبب في فشل المثقف وضعف دوره بل الكثير من هؤلاء المثقفين يرمون ذلك على الشعب ويتهمون الشعب بالتخلف ويقارنون بين هذا الشعب وذاك الشعب والحقيقة اذا هناك شعوب متطورة ومتقدمة في علاقاتها الانسانية يعود الى دور المثقف في تطور الشعب وتغيره
اعتقد ان التغيير التحرير الذي حدث في 9-4-2003 فتح المجالات على مصراعيها امام المثقفين للتحرك والعمل بحرية تامة وعلى المثقفين ان يستغلوا هذه الفرصة استغلال كامل للعمل وخلق جيل مثقف واعيا مهتم بمصلحة شعبه ومستقبله
فالتغيير فتح المجال لكل العراقيين بمختلف اتجاهاتهم وتوجهاتهم مما جعل الانتهازيون واصحاب المصالح الخاصة بل حتى اللصوص كانوا في المقدمة حيث استغلوا الدين القومية العشائرية والطائفية فوجدوا في كل ذلك مطايا توصلهم الى تحقيق رغباتهم واهدافهم الخاصة والمضادة لمصلحة الشعب العراقي
هل يمكن للمثقفين ان يكون لهم مكان في هذه الفوضى الضاربة اطنابها وسيادة التخلف والجهل وسيطرت الخرافات والغيبيات لا شك ان بعض المثقفين يشعرون بالاحباط ويستسلمون الى اليأس ويعلنون استسلامهم وهذا هو الخطأ القاتل والمدمر لهم ولشعبهم
الحقيقة انها فرصة لا تتعوض ولا يمكن ان تأتي فرصة اخرى افضل منها انها فرصت سليمة وصحيحة حيث دعت كل الافكار كل الاراء كل المجمعوعات التي تسبح في بحر الديمقراطية وعلى المثقفين ان ينزلوا معهم ويعلموا ان التغيير والتطور لا يأتي دفعة واحدة وانما بشكل تدريجي والتغيير والتطور لا يأتي من خلال الاصطدام المباشر مع القوى الرافضة للتغيير والتطور بل خلال الحركة السلمية من خلال الكلمة الجريئة الصادقة فالكلمة الصادقة الجريئة اثبتت انها اقوى وامضى سلاح
لا في الحدي ولا في النار متنصر كلاهما في لهيب الفكر يحترق
حيث اثبت الرفض وحرق المراحل والقوة لا تجدي نفعا بل تنتج العكس
فهيا ايها المثقفون انزلوا الى الساحة ولا تضيعوا الفرصة فلا تضيعوها فالويل للشعب اذا ضيعتموها لا شك انكم مسؤولون
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat