صفحة الكاتب : د . حامد العطية

أوباما: أمريكا الأمة التي لا غنى للخلق عنها
د . حامد العطية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   في المناظرة الأخيرة بين الرئيس أوباما ومنافسه على منصب الرئاسة في الانتخابات القادمة وصف أوباما أمريكا بأنها الأمة أو الدولة الوحيدة التي لا غنى للخلق عنها، ومن حق كل فرد أن يفاخر بقومه ولكن في حدود المعقول ومن دون غطرسة واستكبار.

   يعرف أوباما تاريخ أمريكا، وبأن عمرها قرنان فقط من السنين، وكادت أن تندثر بسبب الحرب الأهلية، أما عمر الحضارات البشرية فهو ستة ألاف سنة، أي أن أمم أخرى شيدت حضارات مزدهرة قبل ولادة أمريكا بأكثر من خمسة ألاف سنة، فكيف تدبروا أمورهم من دون الأمة التي لا غنى للخلق عنها؟ كما أن موطن الحضارة الغربية الحديثة هو أوروبا لا أمريكا حيث انتجت النهضة الفكرية والعلمية حصيلة ضخمة من الفكر والاكتشافات العلمية، وحتى منتصف القرن العشرين كانت معظم الاختراعات والفتوحات العلمية أوروبية المنشأ، وما زالت الدول الأوروبية معيناً رئيسياً للتقدم العلمي والفكري في أمريكا.

    في كل عام يتخرج عشرات الألاف من مواطني دول العالم  من جامعات أمريكية، ويستجيب كثير من هؤلاء الخريجين لإغراءات قوية للإقامة والعمل في أمريكا، ويساهمون في رفد المؤسسات التعليمية والانتاجية الأمريكية بمعارف ومهارات عالية في الوقت الذي تحرم أوطانهم الأصلية من خدماتهم، ويتضح من هذه الحقيقة أن أمريكا ليست في غنى تماماً عن غيرها من الأمم.   

   يتناقض حال سكان امريكا الأصليين مع وصف أوباما، فقد كان نشوء دولة أمريكا السبب في ابادة الملايين منهم ونهب أراضيهم ومحو تراثهم واندثار لغتهم وقسرهم على تغيير ديانتهم، وهم يتمنون لو لم توجد دولة أمريكا أساساً.

   لا غنى للكيان الصهيوني عن أمريكا، التي تقدم له كل أنواع الإسناد والدعم، لكن الفلسطينيين الذين يحتل الصهاينة ارضهم ويسومونهم الخسف يودون لو لم يكن هنالك كيان صهيوني ولا أمريكا، وأمريكا في الحقيقة وبال على كل الشعوب المستضعفة في اسيا وأفريقيا وامريكا الوسطى والجنوبية، ومن ضمنهم الشعوب العربية والإسلامية، وإن كانت بعض حكوماتهم تحت النفوذ الأمريكي.

   وحتى بعض العراقيين الذين يشعرون بعرفان الجميل تجاه أمريكا لأنها حسب ظنهم الخاطيء حررت بلادهم لتنشر فيه مباديء الديمقراطية وتعيد اعماره لا يمكن أن يتفقوا مع تبجح أوباما بأن امريكا الأمة التي لا غنى للبشر عنها، لأن موافقته هي أما كفر أو شرك بالله، الذي هو وحده غني عن الخلق وهو أيضاً وحده لا غنى للخلق عنه.

( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ) [ فصلت: 15- 16]


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حامد العطية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/29



كتابة تعليق لموضوع : أوباما: أمريكا الأمة التي لا غنى للخلق عنها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net