عن مطبعة الطيف في الكوت صدر ديوان (قصائد خيرة) للدكتور محمد تقي جون /تقديم رائد السوداني ضم 45قصيدة توزعت في أربعة محاور (خيرة) :الدين .الوطن ،الحب العذري ،معالجة الاحتلال وملابساته ،وقد عرفها الدكتور الشاعر محمد تقي جون بأنها "أقرب إلى الله من إلهام شياطين الشعراء،وهي مبرأة من الشر على نظرية (الشعر بابه الشر) وغرضها التوجيه إلى :الأخلاق الكريمة ،والرجوع إلى الديانة الحقة ،والوطنية الصالحة ،والسلوك الصحيح ،ونصرة الحق ، والمعاني الطيبة ؛فهي قصائد لا تقال في مربد أو مهرجان شعري ،وإنما تقرأ أمام القبلة " ويقول عن مهمة الشعر "وكنت في دراساتي المختلفة للشعر وجدت أن مهمة الشعر انزوت كثيرا عن تناول قضايا مهمة ومصيرية ،وصار عربدات كلامية وحذلقات أجنبية .وخلاصة ما تخرج به منه أنك تحترم الشاعر قائله جدا وتعترف له بفضل القول جدا لا غير ؛إذ ليس في شعره فضل عمل ،ولا يفيد في معاجة القضايا الكبيرة والمصيرية لعدم قدرته على حملها " ويقول أيضا "وكانت موجة (الشعر – النثر) أو كما تسمى (قصيدة النثر )،آخر الصرخات والموضات الشعرية الأجنبية المستوردة .وهي أسلوبا لا تصلح في معالجة قضايا تحتاج إلى الوضوح لميلها الشديد إلى التركيز والغموض .وشكلا لا تستطيع تمثيل الشعر العربي بأن تكون بديلا من الشكل (العمودي) المتوارث المنسجم من طبيعة اللغة العربية على الرغم من أنها أعلت (الشعرية) فجددت الشعر برمته حتى العمودي وأعادت لديباجته النضارة والرونق" ولم يخرج الدكتور محمد تقي جون هنا عمّا كتبه في مؤلفه (أنا الشعر :أساسات الشعر العربي) الذي أثبت صلاحية أساسات الشعر العربي هذه صلاحيتها للإبداع الشعري الحداثوي مثلما صلحت لعصور الشعر العربي القديمة ،ويثبتها بعد محاولات طمسها وإزالتها من مبشرين بنظريات غربية متلاحقة .
إن الدكتور محمد تقي جون وعلى الرغم من إنه يبوأ منصبا رسميا في جامعة واسط ،وانشغاله بالتدريس في كلية الآداب في هذه الجامعة فلم يلهه المنصب ولا اللقب العلمي عن الكتابة بحثا وإبداعا .فهو كتب (شعر الثورات العلوية في العصر الأموي) فأوضح حقائق تاريخية غامضة وبرّز شعراء منسيين .كما كتب (المتنبي مؤرخا ) الذي يعد مرجعا في دراسة المتنبي ،واتخذ المرجع الأول لطلبة الدراسات العليا في فلسطين .ولأنه ابن بيئته ،كتب (قصة الكرد الفيليين ) عن شريحة من المجتمع العراقي شُكك بعراقيتها ولاقت صنوف الاضطهاد منذ تأسيس ما يسمى بالدولة العراقية ،جراء سياسات دولية جرّت العراق إلى ويلات الطائفية المقيتة ،والعصبية القومية المنبوذة .وكذلك كتب (منامات ابن سيا) وهو نص سردي مفتوح تناول فيه الحراك السياسي والفكري والاجتماعي للمجتمع العراقي قبل وبعد الاحتلال ،وهو يدرّس لطلبة الدكتوراه في مادة السرد بجامعة ديالى .وهذّب العروض وبسّطه في كتابه (العروض الرقمي) في جامعتي واسط وذي قار .
واليوم تأتي (قصائد خيرة) لتجسم أسلوب وفن الدكتور محمد تقي جون ،وهي ككتبه السابقة ولاسيما (شعر الثورات العلوي) (والكرد الفيليين) وحتى (أنا الشعر) قد تثير جدلا كبيرا لما فيها من صراحة في الطرح .وقد عرف عنه إنه لا يجامل على حساب الحقيقة التي آمن بها وشرع في كتابتها ،حتى إذا صُوبت عليه السهام ،فهي عنده أسمى وأعلى .وتراه يقول دائما :نحن أصحاب قلم ، فمن يعارضني أو يخالفني الرأي فليردها إن استطاع بقلمه لا بسيفه أو لسانه ،وليرد الحجة بالحجة وحسب المنطق والمنطلق العلمي .إنها قصائد جديرة بالقراءة والدراسة لأنها تجمع الفن مع المعنى واللفظ الجميل .
الموضوع السابققناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat
.jpg)
