صفحة الكاتب : محمد كاظم الموسوي

قراءة في دعم المؤسسات الأمنية إجتماعياً
محمد كاظم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لايختلف إثنان على ضرورة توفير الأمن للأفراد وللمجتمع, فالمجتمعات في حركة دائمة ومسيرة سلوكية تطورية نحو التكامل والرقي, وكل حركة اجتماعية فهي بحاجة إلى شعور بالاستقرار والسكينة والطمأنينة لكي تأتي ثمارها وتصل إلى غايتها, ولذا حرصت المجتمعات ـ وبلا استثناء ـ على تحقيق الأمن بتوفير لوازمه ومقوماته ووضع الشروط والضوابط القانونية اللازمة لرعاية الحقوق والقوانين والسلوك العام.

والذي يدل على ضرورة ذلك أن المجتمعات ـ عموماً ـ وإن عمدت إلى تأسيس مؤسسات أمنية لحفظ النظم والاستقرار إلا أنها جعلت توفير الأمن والحفاظ عليه وصيانته من مسؤولية جميع الأفراد على نحو المسؤولية التكافلية, فأصلت مبدأ (الأمن مسؤولية الجميع).ومعنى هذا أن الأمن لايمكن له أن يتحقق إلا بالتكافل والتعاون بين المؤسسات الأمنية وبين أفراد المجتمع الواحد, بمعنى أن الأفراد تقع عليهم مسؤولية المشاركة في توفير الأمن وحفظه وصيانته, ولكن لا بنحو المشاركة الاختيارية التسامحية, بل بمعنى الوجوب الشرعي والوطني والعرفي في دعم ورفد المؤسسة الأمنية وبما هي جزء من البناء الاجتماعي.

وبمعنى آخر أن المسؤولية الأساس للمؤسسة الأمنية هو منع وقوع الجريمة ومكافحتها والمحافظة على الأمن العام للمجتمع والإشراف على تنفيذ القوانين, فإذا كان حفظ أمن المجتمع من أساسيات عمل هذه المؤسسة, فمن الضروري والبديهي أن تكون هناك علاقة وتعاون ملحوظ بين أفراد المجتمع ومؤسساته الإجتماعية من جهة وبين المؤسسة الأمنية من جهة أخرى, وكلما تفاعل أفراد المجتمع في تعاونهم مع المؤسسة الأمنية تكامل عنصر الأمن العام في المجتمع على أرض الواقع.

وبهذا يتضح لنا معنى آخر لمفهوم التكافل في الأمن, وهو الدور الاجتماعي الذي تلعبه المؤسسة الأمنية وأثره في الوقاية والتحرز من الجرائم ووسائل الانحراف.

فالعلاقة بين الأفراد وبين المؤسسة الأمنية وأهمية ذلك وضرورته قد أصبحت جلية وواضحة, على الرغم من وجود ما يعكر صفو هذه العلاقة المهمة والضرورية, فبعض الأفراد ـ مثلاً ـ لازال يحمل في ذهنه فكرة خاطئة عن المؤسسة الأمنية وذلك بسبب تاريخ هذه المؤسسات في زمن الطواغيت, فقد يعتقد البعض أنها لازالت أداة للقمع والإرهاب, وهذا ما تنشره وسائل الإعلام المغرضة والكاذبة, فتصور للناس أن المؤسسات الأمنية الحاضرة ما هي إلا أداة للقمع والكبت والظلم, في حين أنها تنفي ذلك عن المؤسسات الأمنية القمعية الظالمة التي كان يستخدمها نظام البعث الكافر لقتل الناس ونفيهم من دائرة الوجود.

وهناك مشاكل أخرى تعترض هذه العلاقة الضرورية بين المجتمع والمؤسسة الأمنية فقد يواجه رجال الأمن الكراهية وعدم القبول من شرائح عريضة في المجتمع وذلك بسبب طبيعة عملهم وبسبب جشع وحرص بعض الأفراد واعتيادهم التجاوز على الحقوق والقانون والمال العام.

هذا مع وجود شريحة كبيرة من الناس لاترى ضرورة ولا أهمية في التعاون مع المؤسسات الأمنية, بل يرى البعض منهم الانتقاص والدونية في التعامل والتعاون مع المؤسسات الأمنية وهذا بلا شك قياس على التعامل مع أمن النظام السابق وهو قياس مع الفارق بلا أدنى شبهة.

من هنا يتطلب على المؤسسات الأمنية أن تعلب دوراً كبيراً في كسب ثقة الأفراد عن طريق المشاركة الفاعلة في الفعاليات الاجتماعية, والمساهمة في الكثير من النشاطات التي تمارسها المؤسسات الحكومية وغيرها, بل قد يتطلب الأمر إلى النزول والمشاركة في النشاطات الخاصة والفردية أيضاً. فقوام المؤسسة الأمنية بالمجتمع, وعليها إحراز عنصر الثقة.

وفي مقابل هذا على المؤسسات الاجتماعية الحكومية وغيرها أن تلعب دوراً في توعية الأفراد بضرورة دعم المؤسسة الأمنية, والمشاركة معها في مسؤولياتها, ورفدها بالمعلومات, واعتبار ذلك من الواجب الوطني والشرعي والعرفي.

فالمؤسسات الاجتماعية بكل مسمياتها ـ من المدارس والمعاهد والجامعات والمساجد والمنظمات والمؤسسات الثقافية والاعلامية وغيرها ـ تقع عليها مهمة التوعية والارشاد ونشر الثقافة الأمنية وتوعية الأفراد بكل ما له دخل في تحصينهم ذاتياً من عوامل الانحراف, وكذلك التأكيد على أهمية دور المؤسسات الأمنية في صيانة النظم والقوانين وتوفير الأمن العام, والتأكيد على أهمية التعاون مع هذه المؤسسات لتحقيق أمن اجتماعي يكون بداية لطريق الرقي الاجتماعي بكل أبعاده.

وفي المقابل يجب على المؤسسات الأمنية أن تبذل جهوداً في رفع المستوى الثقافي والعلمي لأفرادها بنحو ينعكس إيجاباً على دورهم وعلى تصرفاتهم وسلوكهم داخل المجتمع ليلاقوا بذلك قبولاً واستحساناً ويكونوا أفراداً مميزين بسلوكهم وقادرين على التواصل والتفاوض والتعامل مع أفراد المجتمع عموماً, وعلى المؤسسة الأمنية أن تكثف من جهودها في إزالة كل العقبات بينها وبين أفراد المجتمع وخصوصاً الرواسب والمخلفات وآثار وسلوكيات مؤسسات النظام السابق, وعليها أيضاً أن تضع الخطط والبرامج والدراسات اللازمة لتشجيع أفراد المجتمع على ضرورة التعاون مع المؤسسة الأمنية وبيان أهمية ومحصلة هذا التعاون بينهما.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/16



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في دعم المؤسسات الأمنية إجتماعياً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net