صفحة الكاتب : تقى محمود السعدي

الفكر العقائدي الشيخ اغا يزرك الطهراني
تقى محمود السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 
وصف الدكتور عماد موسى الكاظمي الشيخ المرحوم آغا بزرك الطَّهراني بأنَّه كان أشبه بالمعجزة التي خلَّفت لنا كتاب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة)، هو المرجع المهم للباحثين والمحقِّقين جميعاً. 
وفي سيرته الذاتية كتب الأستاذ رفعت عبد الرزاق، بدأ في مدينة طهران بدراسة العلوم الدينية، وعمره عشر سنوات، وظلَّ مشغولاً بالدراسة مدَّة اثنتي عشرة سنة، قضاها عند الأساتذة المعروفين، ثمَّ سافر إلى مدينة النجف الأشرف لإكمال دراستهِ الحوزوية عند مراجعها العِظام آنذاك، فعاش فيها حوالي أربع عشرة سنة، وبعد ذلك سافر إلى مدينة سامراء، والتحق بحوزتها العلمية للدراسة عند علمائها الأعلام، وبقي هناك مدَّة أربع وعشرين سنة. 
 وفي عام 1354هـ عاد إلى مدينة النجف الأشرف، وبقي فيها مشغولاً في البحث والتصنيف إلى آخر لحظةٍ من عمرهِ. 
 استطاع الشيخ آغا بزرك الطَّهراني بصبرهِ وتحمله الشديد أنْ يكون من أبرز علماء الشيعة، ومن مشاهير مؤلِّفيها، وقد تحمَّل في سبيل إصدار كتابيه المعروفين (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) و (طبقات أعلام الشيعة). 
وفي تعريف مهم لكتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة كتب المُحقق أحمد الحلي، عن سبب تأليف الطَّهراني لكتابهِ (الذريعة) هو ما ذكره جرجي زيدان في كتابهِ (تاريخ آداب اللغة العربية)، حينما تحدث عن الشيعة، فقال ما خلاصته: (الشيعة طائفة صغيرة لم تترك أثراً يُذكر، وليس لها وجود في الوقت الحاضر). 
 فدفع هذا القول بالشيخ آغا بزرك ورفيقيه في العِلم: السيد حسن الصدر، والشيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء، أنْ يتعاهدوا ويأخذ كلَّ واحدٍ منهم على عاتقهِ بيان جانبٍ من جوانب الثقافة الشيعية الغنية والتعريف بها. وبالتالي فقد تقرر أنْ يبحث السيد حسن الصدر حول الآثار العلمية للشيعة وبيان فضل الشيعة وسهمهم في تأسيس علوم الإسلام، وظهرت ثمرة بحثهِ في كتابهِ (تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام)، أمَّا العلَّامة الشيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء فقد تقرر أنْ يكتب نقداً لكتاب جرجي زيدان (تاريخ آداب اللغة العربية) ويكشف عن كلِّ أخطائهِ فيه، وقد نفذ هذهِ المهمة، وكتب نقداً علمياً جامعاً للكتاب بمُجلَّداتهِ الأربع. أمَّا الشيخ آغا بزرك الطَّهراني فقد تعهَّد أنْ يكتب فهرساً يجمع فيه أسماء كلِّ مؤلَّفات الشيعة، والذريعة كتاب في (29) مجلَّداً، ومجموع عناوين الكتب التي ذكرها فيه يُقارب (55) ألف عنوان. وقد ضمَّن موسوعته بالإضافة إلى مصنَّفات الشيعة الإثني عشريَّة بعض عناوين مصنَّفات الزيديَّة والإسماعيليَّة كذلك. 
 واعتمد آغا بزرك في تأليف الكتاب على الفهارس الأولية للشيعة، منها فهرس أبي جعفرٍ الطوسي، وفهرس أبي العباس النجاشي، وغيرهما. 
 كما أنَّه راجع فهارس المكتبات الأخرى وبعض المؤلَّفات المطبوعة والمخطوطات واستشهد بكلام مَن يثق بهم. 
 واستغرق طبع ونشر هذهِ المجموعة في مدينتي قم والنجف أكثر من (40) سنة، وجاء في الموسوعة الحرة تعريفا باسمه الحقيقي هو الشيخ  محمد حسين آل كاشف الغطاء لقد أودع الله سبحانه هذا العالم الذي جمع العلم والورع والهمة العالية والنشاط والعزيمة، فقد قام بإحياء السنة الشريفة  وتصدى في الرد على أهل البدع والشبهات، وقال العلامة الشيخ علي المدرس، كان بحق  فقيها ومحققا ومدققا وأصوليا عالما باقول الرجال، جامعا للعلوم المختلفة، وقد تحمل في سبيل إحياء آثار علماء الشيعة الشيء الكثير ويمكن أن نعده علما من أعلام عصرنا الحاضر.  
توجت العتبة العباسية تاريخ هذا العالم الجليل بافتتاح مكتبته الكبيرة وعمران مرقده المبارك وجعله تحفة عمرانية تتلاءم مع المكانة المتميزة لهذا العالم، وكتب الأستاذ عقيل الياسري عن المكتبة بأنها مكتبة العلامة الطهراني ملجأ للعلماء وملاذ للفضلاء، تحتوي على أكثر من خمسة الاف مطبوع، وكذلك أطلقت العتبة العباسية من خلال مركز إحياء التراث تطبيق موسوعة طبقات أعلام الشيعة العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني، 
 كتب الأستاذ محمد الوكيل، أن هذه الموسوعة التراثية من أهم الموسوعات التراثية واوسعها وأعمقها 
 نضد مركز إحياء التراث 16 مجلدا، وفي قراءة سريعة لكتاب مصنف علم الرجال، يقول آغا بزرك الطهراني قدس سره كانت دائرة رواة الأحاديث تتدرج في التوسعة وتزيد عدتهم في كل سنة حتى كان ثقاة الرواة للإمام الصادق عليه السلام أربعة آلاف رجلا 
 وفي مسجد الكوفة وحده تسعمائة عالما، كان الكتاب تعريف لأحوال الرجال، من الجائز أن يكونوا من القراء أو الحفاظ أو الحكماء أو الشعراء، كلهم لا يخرجون عند آغا بزرك الطهراني عن كونهم رجال الرواية والحديث، وأما في كتاب حصر الاجتهاد إلى أن أهل العامة سدوا باب الاجتهاد على أنفسهم، ومن الحكم الجميلة في حياة هذا العالم المجاهد والتي تنفعنا درسا من دروس المثابرة والإخلاص لله سبحانه تعالى 
(الحكمة الاولى) 
نقل آية الله نجومي الكرمانشاهي الذي كان كثير الحضور
عند المحقق الخبير آية الله الشيخ آغا بزرك الطهراني، أن رجلا دخل إلى مكتبه قطع شريط أفكاره بكلمات لا تنفع الدنيا ولا الآخرة، وأطال الجلوس إلى ما يقارب ساعة وحين خرج ضرب الشيخ على فخذه وقال بحسرة وتألم: انظر كيف يتلفون أوقات عمرهم فيما لا يعنيهم ولا يعود إليهم بالنفع الدنيوي ولا الأخروي! 
 كان الشيخ الطهراني آنذاك يناهز عمره التسعين سنة وهو ضعيف البنية منهوك الطاقة، ورغم ذلك كان مكبّاً على القراءة والتأليف وحريصاً على دقائق عمره الشريف. 
 درس بليغ  
(الحكمة الثانية) 
التحدي الذي أثاره جرجي زيدان هو فعل سلبي، هناك من أهمل المسألة وهناك من غضب وانفعل والعالم الشيخ الطهراني جعل من الموقف السلبي حافزا للإبداع، رحم الله شيخنا الشيخ محمد حسين بن علي الطهراني النجفي والمعروف باسم آغا بزرك الطهراني.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


تقى محمود السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/10/18



كتابة تعليق لموضوع : الفكر العقائدي الشيخ اغا يزرك الطهراني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net