فاطمة الزهراء عليها السلام خير قدوة
نرجس سعدون
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نرجس سعدون

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين محمد وآلهِ الطيبين الطاهرين
معنىٰ القدوة:أصل صحيح يدلُّ على اقتباس الشيء ،ومُقادَرة في الشيء حَتّى يأتي بهِ مُساريًا لغيره.
وهوَ اتّخاذ الغير مِثالاً لنا، واتِّباعًا له فإن كانت المتابعة في الخير، فَهو المِثال الحَسن والقُدوة الحَسنة، وإن كانت المتابعة في الشرِّ فهو مثال السوء والقدوة السيئة.
-كما قال روبرت ميرتون عالم الأجتماع :أن الأفراد يقارنون أنفسهم بمجموعات مرجعية من الأشخاص الذين يشغلون الدور الاجتماعي الذي يطمح إليه الفرد.
و قال تعالى : ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾(٩٠ /الأنعام)
-لأن القُدوة أثر عظيم في بناء شخصية المقتدي وصِياغة شخصيتَه وتنمية مَهاراته ولهذا فإن اللّٰه تعالى بعث الأنبياء والرسل لِتبليغ دعوته قولًا وعملًا.
وقوله تعالى : ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ … }(٤/الممتحنة)
الأسوة كالقُدوة ، وهي اتباع الغير على الحالة التي يكون عليها حسنةً أو قبيحة
-من الظواهر الاجتماعية في حياة البشر أن الإنسان بطبعه إلى التقليد والمحاكاة خصوصًا لمن يرى فيه أنه أفضل منه، فالصغير يقلّد الكبير، والضعيف يقلّد القوي، والمتعلم يقلّد المعلّم.
أنواع القدوة
أ-الحسنة
ب-السيئة
أ-القدوة الحسنة:اتّخاذ الغير مِثالاً لنا، واتِّباعا له، فإن كانت المتابعة في الخير، فهو المثال الحَسن
يجب أن تكون أصول الخير مُتمثِّلةً مجسدةٌ فيما يفعل، وإلاَّ فلا يُقتدى به أبدًا.
أصول القدوة الحسنة:
١-الصّلاح:هو الحصول على الحالة المُستقيمة النافعة
٢-الإيمان:فلا يُقتدى بمن فسدت عقيدته، ولا يَصحُّ أن يتقدَّم الناس؛ لأنّه سيحرف عقائد الناس ويَضلُّهم.
٣-العبادة :فمن صَلُحَت عبادته، وكانت على الكتاب ، اتّخذه الناس قدوةً لهم.
٤-الإخلاص:إنّ الغاية من مُتابعة القدوة هي أن يوصل الخلق إلى الله -تعالى، والإخلاص شرطٌ لقبول العمل، فإن كان غير مُخلصٍ لله أضَّل الخلق في أفعاله.
٥-حُسن الخلق:يُعًدُّ الخُلق الحسن هو التطبيقُ العمليُّ لما في قلب المسلم، والخُلق الحسن هو الذي يؤثِّر في الناس، ويسعى الناس إلى تقليده، فمن حَسُن خلقه، صحَّ أن يكون قدوةً للناس،
٦-موافقة القول للعمل:وتُعتبر مخالفة القول للعمل من القدوة، هي من أسباب انتكاس الناس، حين يَرون أنَّهم يقلدون إنسانًا لا يفعل ما يقول، مع قدرته على ذلك
وقال اللّٰه-تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}(٣،٢/الصف)
وهنا نجد أنَّ كُل صفات وأصول القدوة الحسنة تنطبق على سيد الخلق مُحمد صلى اللّٰه عليه وآلهِ وسلم
وقال تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو اللّٰه واليوم الآخر وذكر اللّٰه كثيرًا}(الأحزاب:٢١)،
{ورفعنا لك ذكرك}(الشرح:٤)
،{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيم}(التوبة:١٢٨)
{وإنك لعلى خلق عظيم}(القلم: ٤)
وكُل هذهِ الأيات نزلت في حق سيد الخلق محمد صلى اللّٰه عليه وآلهِ وسلم
-ولأن فَاطمة الزهراء عليها السلام هي أبنت النبي وأم أبيها ورُوحهُ التي بين جَنبيه ومَن وصلها فقد وصل رسول اللّٰه ومن قطعها فقد قطع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وآلهِ وسلم
وعن النبي محمد صلى اللّٰه عليه وآلهِ وسلم : (فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبيَّ ،فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله.) [بحار الأنوار/ج٤٣ ]
وعَنه( يا فاطمة إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك )
[بحار الانوار ج ـ٤٣]
مع كل هذا أليس فاطمة الزهراء عليها السلام أحق بأقتداء النساء بها؟
-فهي سيدة العالمين ، وخيرة النساء وأفضَّلهُن
وقد خلق اللّٰه السموات والأرض لأجلِ فاطمة عليها السلام
ب-القدوة السيئة:وهي الأسوة المرفوضة ، والأتباع المنهي عنه ؛ لما يشتمل من مفاسد العقائد والأهواء والبدع والضلالات..
وقال عز وجل : ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ }(الزخرف/٢٢)
من المؤسف مُعظم الفتيات يَقتدن بالغرب وينجرن نحوه
الذي هو خير مثال على القدوة السيئة
وتَراهُن يقتدن بنساء الغرب أشد الأقتداء ويُقلدنهُنَّ في مَلابسهُنّ وشخصيتهُنّ ومحاولة التحرر من الأهل والمجتمع
ويَرن أن الإسلام يُضايق عليهن حُريتهن وسلوكهن ومقارنة أنفُسهن مع الرجال,
"والإسلام عكس ذلك تمامًا"
وفي الواقع يرجع هذا السبب إلى الوالدين فهما العُنصر الفعال في الأسرة
وحين يغيب هذا العنصر تتحلل الأسرة وتتفكك ويبدأ الأبناء بلأنجذاب نحو المغريات التي كَمنها لهم الشيطان،
وعلى الأهل مُنذ الصغر أن يَحثوا بَناتهُم على كثيرٍ من الأمور النافعة ويتكلموا لهنّ عن أهل البيت عليهم السلام كافة وفاطمة الزهراء خاصة
وأن يوسعوا فهَمهُنّ وأدراكُهنّ ويِحبذوا لهنّ الإسلام وكيف و هوَ الذي رفع المرأة وجعل لها قيمتها،
فقد كانت المرأة قبل الأسلام ذليلة،مُهانة ،ليست سوى حاجة رخيصة ،عبيدة لهم ولِشهواتهم
ولقد أبغض العربُ قبل الإسلام البنات، وكان أحدُهم إذا بُشِّر بمولود أنثى علاَ وجهَه الكآبةُ والحزن، ثم يفكِّر في مصير تلك الأنثى أيُمسِكها على هون أم يدسها في التُّراب؟ ويقول الله تعالى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ }(النحل ٤٨)
-وقد حَرَمَ الجاهليُّون المرأة حقَّها في الحياة إنسانًا، فقتلوها بطريقةٍ بشعة، تدلُّ على الهمجية، وغياب الرحمة والإنسانية، وذلك بوأدِ البنت، وهي: أن تُدفَن حيَّة في التراب حتى تموت، أمَّا طريقة الوأد فيَصِف الزمخشري : «كان الرجل إذا ولدتْ له بنت، فأراد أن يستحييها ألبسَها جبَّة من صوف، أو شَعر، ترعى له الإبل والغَنم في البادية، وإنْ أراد قتْلَها تركها، حتى إذا كانتْ سداسية، قال لأمِّها: طيِّبيها وزيِّنيها، حتى أذهب بها إلى أحمائِها، وقد حفَر لها بئرًا في الصحراء، فيبلغ بها البئر فيقول لها: انظري فيها، ثم يدفعها مِن خلْفها، ويهيل عليها التراب حتى تستويَ البِئر بالأرْض، وقيل: كانت الحاملُ إذا أقربت، حفرتْ حفرة فتمخَّضت على رأس الحُفْرة، فإذا ولدتْ بنتًا رمتْ بها في الحفرة، وإنْ ولدت ابنًا حبستْه.
وقال -تعالى-: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ)(.سورة التكوير ، آية:٨)
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُۥ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}(سورة الزخرف ، آية:١٧)
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم}.(سورة النحل ، آية:٥٨)
فهذا حال المرأة قبل الأسلام يُرثى له؛
—فقد جاء الأسلام رفعها من الحضيض وجعل لها الحقوق والواجبات وفرض عليها الحجاب لما يتوافق مع طبيعتها
لذا من الأفضل أن تقتدي النسوة بسيدة النساء الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام
والأقتداء بها يكون بها في جميع سيرتها
فـ ترتدي الحجاب ؛
والحجاب ليس قطعة قماش فقط"فهو كلّ ما احتجب به، والحجاب هو كلّ ما يستر به، ويمنع من الوصول نحو المرغوب، أمّا مفهوم الحجاب في الإسلام فيشتمل على كلّ ما يستر جسد المرأة بالكامل بما في ذلك الوجه والكفين"وفي ذلك تراعي جميع شروط الحجاب من عدم الضحك مع الأجنبي ،خفض الصوت،عدم وضع المكياج
فَـ لا يُطاع الله من حيث يعصى
وقد ذكر الحجاب في القرآن ٧مرات
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }(النور/٣١)
وفي تحريم المكياج والزينة
وقال تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (النور/٦٠)
وأفضل الحجاب وأكمله هي أرث أمنّا الزهراء عليها السلام "العباءة "
وقيامِها بدورها الأساسي وهوَ العبادة وطاعة اللّٰه تعالى.
وقال عزّ وجل :{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات،٥٦)
وتكون مُتعلمة ،متفقهة في الدين،بَارّة بوالدِيها
وقال تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان:١٤]
وحسّن الخلق
قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤].، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:١٣٤]
وأيضًا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال تعالىٰ ﴿وَلْتَكُنْ مِنكم أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾( آل عمران ١٠٤)
والعمل الصالح ،وقوله تعالى
{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }[الزخرف: ٧٢]
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [(٥٨) العنكبوت]
-وإذا أقتدت المرأة بالسيدة الزهراء عليها السلام وعملت بما تؤمر وتركت ما تُنهى عنه ،فقد رضت اللّٰه عزَّ وجل
وفازت وَربِحت في الدُنيا والآخرة
وقال تعالى {خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (٢٦/ المطففين).
هذا وللّه الحمد
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat