نموذج الناصر عمار بن ياسر
رياض السيد عبد الأمير الفاضلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رياض السيد عبد الأمير الفاضلي

نقشت على لوحة صدر الإسلام بخط الصبر والثبات أسماء لا يغادرها الذهن الإسلامي، فقد غرست في عمق التاريخ آثارها، هي قامات عالية ونفوس كبيرة، هم علامات على قارعة طريق الولاء، وشخصيّات لا نظير لها في الفداء.
تاريخ لم يكن كلمات سطّرها أهل التنظير والتحبير، بل هي مواقف كانت لله فنمت، ونور حفّ بهم من شموسهم التي كانوا بين يديها، لم يكن أحد في زمانهم يجاري صلابة إيمانهم، ولا صدق ولائهم، ولا شدّة تسليمهم.
لقد بلغوا مبالغ لا تبلغها إلّا نوادر الزمان، هذا أبو اليقظان من الأركان الأربعة الذي بشّره النبي (صلّى الله عليه وآله): " أبشر يا أبا اليقظان، فإنّك أخو عليّ في ديانته، ومن أفاضل أهل ولايته، ومن المقتولين في محبته، تقتلك الفئة الباغية وآخر زادك من الدنيا ضياح من لبن".بحار الأنوار - ج ٢٢ - ص ٣٣٤.
هو المعارض لكلّ من عدو للحقّ، ثابت صامد مسلم مسلّم، لم يرغب بدولة وحكم، ولا بسلطة وقيادة، إلّا تحت لواء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ووصيه (عليه السّلام).
لم يكن ممّن ينافس الآخرين على مكانة أو يفاخر أحداً في قرابة، إنّما ميزانه الولاء للحقّ والسير على الصراط، والتمسك بحبل الله تعالى الممدود من السماء إلى الأرض حتى قضى نحبه ( رضوان الله عليه).
لم يترك نصرة الحقّ، حيث واصل مسيرته بين يدي أمين الله تعالى، وحرص على سقي شجرة ولاءه من نمير ساقي الكوثر، لا يريد إلّا الالتزام بما يريد والتسليم له.
لم يجامل على حساب الحقّ، ولم يجلس ينتظر تكليفه المحتمل، بل كان سيفاً مشرعاً على الناكثين والمارقين والخارجين على ولاية ولي ربّ العالمين.
نذر عمره للإسلام وخدمة العدل والإحسان، وقف ضدّ السقيفة، وجاهد في عن الولي والخليفة، نعم الثبات ثباته، وخير الصفات صفاته، لم يتأثر بعقل جمعيّ مخالف لله ولا رأي عام، لأنّه عرف الحقّ وأهله، وصدّق وليه ونبيه وربّه.
وقد كانت شهادته نور لمن يطلب الحقيقة، وتصديق لما أخبر به من لا ينطق عن الهوى، بكلّ تفاصيله كان موعظة، يفوح من حركاته الثبات، يقول لا يداهن ولا يماطل، كان من مصاديق قوله تعالى:
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّـهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّـهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً) سورة الحجرات الآية ٢٩.
لم يذكر تضحياتهم ليمنّ بها على الإسلام، ولم يترك النصر لله تعالى بنصره لوليه يوم استوحده الطغاة، بل كانت كلمته الخالد مدوية على مرّ العصور حيث قال: (يا معاشر قريش إن كنتم علمتم وإلا فاعلموا إن أهل بيت نبيكم أولى وأحق بإرثه، وأقوم بأمور الدين، وآمن على المؤمنين وأحفظ لملته وأنصح لأمته فمروا صاحبكم ليرد الحق إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم ويضعف أمركم ويظهر شتاتكم فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم وعلي من بينهم وليكم بعهد الله ورسوله فمالكم تحيدون عنه وتغيرون على حقّه، وتؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة بئس للظالمين بدلاً، أعطوه ما جعله الله له ولا تولّوا عنه مدبرين ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين)الاحتجاج ص 78.
نعم إنّه عمّار بن ياسر ابو اليقظان شهيد الحقّ الذي قال حديثه المشهور(صلّى الله عليه وآله) بحقّه وأهله : (صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة, ما تريدون من عمار ؟ عمار مع الحق والحق مع عمار, عمار جلدة بين عيني وأنفي تقتله الفئة الباغية).
فسلام عليه ورحمة الله وبركاته ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat