صفحة الكاتب : الشيخ احمد صالح ال حيدر

فقيه أهل البيت (عليهم السلام) و السجين المظلوم 
الشيخ احمد صالح ال حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

في حياة فقهائنا الكبار الكثير من الجوانب المربية والتي تجذب المؤمنين ورواد العلم نحو الاقتداء بهم كونهم أهلا لأن يكونوا قدوةً تهدي إلى الإستقامة وتنير الدرب نحو الصلاح والفلاح والثبات على المبدأ مهما كانت الظروف والمتغيرات التي تحيط بالإنسان ، ومن تلك القدوات العظيمة فقيه أهل البيت (عليهم السلام) فقيد الطائفة المعظم سيدنا المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره الشريف) الذي نعيش ذكراه 

فقد كان (رضوان الله عليه) كبيراً بمواقفه وثباته وصبره وذوده عن حمى الدين في احلك الظروف ،فعندما نقرأ أيامه في سجون الظالمين طغاة عصره نجده مدرسة متكاملة من الصبر والثبات والهمة من أجل غاية أسمى وهي الحفاظ على دين الله ونهج أهل البيت (عليهم السلام) بعيداً عن عبث فراعنة العصر وأعوانهم فلم يهادن ولم يداهن أحدا منهم وبقي يتحمل المرارات والعذابات في سبيل دعوة الحق ، رغم التنكيل والحقد البعثي المجرم على أفراد أسرته التي عانت القتل والتشريد والسجون وهناك الكثير من أفرادها من المفقودين الذين لايُعلم مصيرهم حتى اللحظة ، تحت ظل هذه الظروف الضاغطة والعصيبة كان سيدنا الفقيه ينظر إلى أبعد من ذلك حيث لم تفتر همته عن درسه وتاليفه واقامته للشعائر الدينية وهو بوسط الجلادين العتاة مرتزقة النظام الكافر 

وكان (رضوان الله عليه) أمانا للسجناء من حوله فقد كان يتفقدهم وينظر في شؤونهم ويبذل مابوسعه لمساعدتهم وقد خرج الكثير منهم وقد تعلموا من رعايته لهم ، الأحكام الشرعية وعقائدهم الحقة ، فقد كان يعمل بتكليفه مهما كلفه الأمر وهذا في ظل ظرف لايُعلم متى يأتي دورهم ويُقدموا للجزار هو وأفراد أسرته الاكارم 
ورغم مرارة السنين التسعة التي عاشها في قعر تلك السجون والامها كان لايترك التأليف مع شحة مستلزماته فقد لجأ إلى طرق بدائية لتدوين نظرياته الأصولية وعمقه الفقهي وآفاقه الاعتقادية اي عظمة هذه!!!

وعندما مّنَ الله عليه وعلى المؤمنين بالفرج بسقوط صنم بغداد كانت داره كهفا لطلبة العلم ورواد الفضيلة والمؤمنين وخدمة الحسين( عليه السلام) فقد كان شديد الحرص على رعاية شؤون الشيعة والاهتمام بقضاياهم المصيرية ورسم خارطة حركتهم ، أما الشعائر الحسينية فقد كان ناصرا مخلصاً وأمنيا لها وقد ذاد عنها كثيراً ورد شبهات المبطلين حولها كما أنه كان شديد الولاء لآل محمد (عليهم السلام) وهي من السمات البارزة في شخصيته فلا تاخذه في الدفاع عنهم لومة لائم فقد أطلق عليه فقيه العصر سيد الطائفة المعظم المرجع الأعلى المفدى السيد علي الحسيني السيستاني (مد ظله العالي) العالم الرباني وفقيه أهل البيت (عليهم السلام) لثقله العلمي ولولاءه الخالص 

حقيقة كان يوم نعيه ثقيلاً على الحوزة العلمية في النجف الاشرف مراجعاً وفضلاءاً وأساتذةً وطلاباً فقد شُيع بدموعهم حيث أن رعايته الأبوية لطلبة العلم كانت تحفهم وكان برانيه مركزا لهم ، فارقنا رضوان الله عليه في يوم شهادة الإمام زين العابدين (عليه السلام) المظلوم وهي كرامة لهذا العالم الكبير أن يكون يوم رحيله بهكذا مناسبة 

سيدي أبا رياض يا فقيه أهل البيت الأمين ويا سجين الطغاة  الظالمين ويا صفوة الفقهاء والمجتهدين  ويا سليل الأطهار الميامين ، الهمتنا الثبات في نصرة المعصومين "عليهم السلام" رغم أقسى الظروف وعلمتنا أحياء الشعائر الحسينية تحت أعتى الصروف ، تبقى فينا بعلمك وتوجيهاتك التي لازالت تقرع أسماعنا عبر صوتك الهاديء الذي أتعبه الدهر في مصائبه ونوائبه وأنت ترى أرحامك وأخوتك وأولادك مابين شهيد ومعذب ومفقود وسجين رضي الله عنك وجزاك عن العترة الطاهرة "عليهم السلام" خير جزاء المحسنين .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ احمد صالح ال حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/08/02



كتابة تعليق لموضوع : فقيه أهل البيت (عليهم السلام) و السجين المظلوم 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net