صفحة الكاتب : نديم عادل

اسامة النجيفي وسوء استخدامه للحصانة البرلمانية
نديم عادل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا شك ان المهام الملقاة على عاتق نواب الشعب جسيمة وخطيرة ، واكثر تلك المهام خطورة هي المهمة الرقابية ، فالنائب اثناء اداءه لواجبه هذا يصبح وجهاً لوجة مع قتلة ومجرمين ولصوص ومزورين من الوزن الثقيل ، لابل هو في مواجه مريرة مع مافيات سياسية وغير سياسية تمتلك اشرس الوسائل والادوات ، بما فيها القتل ، لتكميم الافواه وطمس الحقائق كي تستطيع الاستمرار في جرائمها دون رقيب .

لذا فلابد في الحالة هذه من توفير اسباب الطمأنينة التامة والثقة الكاملة للنواب عند مباشرة أعمالهم من خلال منحهم الحصانة البرلمانية ، لذلك قرر المشرّع ، وعبر الدستور منح ممثلي الشعب شيئ من الحصانة ضمانا لاستقلالهم وحماية لهم ضد أنواع التهديد والانتقام ، ولكن ليس معنى هذا أن يصبح أعضاء البرلمان بهذه الحصانة فوق القانون لا حسيب عليهم ولا رقيب ، ولا يحق لهم اساءة استخدام هذه الحصانة للقيام باعمال غير تلك التي مُنحت لاجلها ، فمثلما يُسمح للطبيب الجراح ارتداء القفازات الواقية عند دخوله الى غرفة العمليات ليحمي جسده من خطر العدوى ، لكن من غير المسموح له ( اذا اختار ان يكون مجرماً ) في استعمال هذه القفازات لاخفاء اثار جريمته عند فتحه وسرقته للخزائن ، مثلاً ، او ارتكابه جريمة قتل ...

بعد هذه المقدمة ، لنتوجه مباشرة الى السؤال الاخطر، وهو: كيف يطبق السيد اسامة النجيفي هذه الحصانة التي مُنحت له ولاعضاء مجلسه ، وهل احسن ام اساء استخدامها ؟ ولكي تسهل الاجابة عن هذا السؤال ، لابد لنا من الاقتراب من هذا المجلس ورسم صورة دقيقة عنه .

كل البرلمانات في العالم تتكون من احزاب ذات عقائد ومناهج  و رُؤىً مختلفة ، لذلك من الطبيعي ان تكون اهدافها و برامجها وتوجهاتها السياسية وشعاراتها مختلفة ، ويصبح من السهل على المتابع تمييزها عن بعضها البعض ورسم صورة واضحة للكتل المكونة للمجلس وفق التقسيمات المتعارف عليها ، فنقول هذا المجلس مكون من الكتل التالية : يمين .. ويسار.. ووسط .. ويسارالوسط .. ويمين الوسط ..الخ ،
او نقول ان هذا المجلس مكون من عدة تيارات ، بعضها اسلامي والاخر علماني  وثالث  ديمقراطي  او ليبرالي ... وهلم جرا

هذا المنطق في التقسيم لا يصلح لرسم صورة مجلس النواب العراقي وذلك بسبب انه يعيش حالة هلامية بشكل غريب ، فالشعارات والاهداف المعلنة هي مستنسخة من بعضها البعض ، اما واقع الحال والتطبيق على الارض  فمختلف تماماً ، اضافة الى الحركة الزئبقية لمعظم الكتل السياسية في مواقفها ، فهي تتخذ هذا الموقف اليوم ثم تنقلب ضده غداً دون ان تفسر لنا ذلك او حتى تعطينا فرصة للتفكير.. لذا بات من الضروري البحث عن شكل جديد نستطيع من خلاله رسم صورة دقيقة لهذا المجلس ومكوناته ، والشكل الانسب في اعتقادي هو ان نقول : ان مجلس نوابنا الموقر يمكن تقسيمه الى اربع فئات رئيسية هي كما يلي:

الفئة الاولى : فئة خيرة تحاول جاهدةً ، رغم الكم الهائل من المعوقات والعراقيل ، لابل حتى المؤامرات ، ان تفعل شئ لانقاذ هذا الوطن وشعبه ، فئة رغم ان عددها قليل لكنها بدأت تفرض وجودها وحضورها على المشهد السياسي باندفاع ، فعلينا ان نتعامل معها باعتبارها نبتة صالحة قابلة للنمو، خصوصاً وهي تحاول جاهدة الخروج من حالة التشرنق الطائفي والاثني والاصطفاف تحت راية الوطن ، احدى مشاكل هذه الفئة انها لاتزال مبعثرة ، فافرادها موجودون في اكثر من كتلة داخل المجلس وهي ربما بحاجة لبعض الوقت كي تنتظم في تكتل واحد واضح المعالم خلف برنامج موحد لاعادة بناء الدولة .

اما الفئة الثانية فهي الفئة التي فرضها علينا قدرغريب واغبر، هذه الفئة يصح لنا تسميتها بفئة المنتفعين الذين يتعاملون مع الوطن كبقرة حلوب ، لا هم لهم سوى امتيازاتهم ، فهم نيام ولا يصحوا من غفوتهم مهما احاق بالوطن من مخاطر، هم يستيقظون فقط وفقط عندما تتعرض مصالحم الخاصة للخطر او عند توزيع المغانم ، فتجدهم كالقطط ، تموء وتتراقص متمسحةً باذيال القصاب طمعاً بجزء من تلك الشحمة التي بين يديه ..!
هذه الفئة عندما يزداد عددها تصبح خطر حقيقي على الديمقراطية والدولة والمجتمع . في اعتقادي ان معظم الديمقراطيات الناشئة ، تحطمت وتحولت الى دكتاتوريات مرعبة بسبب امثال هذه الفئة وهيمنتها على البرلمانات ..


اما الفئة الثالثة فهي بكل بساطة فئة كاك مسعود البرزاني .. هذه الفئة يحق لنا تسميتها ، وبدون تردد ، بالطابورالخامس لمسعود في بغداد ..
فئة كاك مسعود البرزاني القابعة في بغداد والتي تكلف الميزانية العراقية اموال طائلة ، لها في مجلس النواب اربع مهمات محددة لاغير:
أولى هذه المهام هي التجسس على بغداد ونقل كل صغيرة وكبيرة تحدث في اروقتها السياسية ونقلها في تقارير مفصلة الى كاك مسعود ليتدارسها مع مستشاريه ومعظمهم من الصهاينة وليتخذ على ضوء ذلك مايلزم من مواقف وسياسات ..
اما ثاني مهام هذه الفئة فهي الاستفادة من وجودها في المجلس لتحقيق اكبر كمية ممكنة من المكاسب التي تصب في صالح مخطط مسعود وحلمه في بناء دولته المزعومة على حساب العراق ..
ثالث هذه المهام هي ، احباط اي محاولة تصدر من داخل المجلس لاجبار مسعود على التقيد بالدستور والقوانين المتفرعه عنه اسوةً بباقي المسؤولين المحليين كالمحافظين وغيرهم ..
واخيراً ، رابع هذه المهام هي عرقلة كل اجراء يُراد منه اعادة بناء الدولة ومحاولة ايقاف كل ما من شأنه دفع البلاد خطوة الى الامام ان على الصعيد السياسي او الاقتصادي او حتى الخدمي ، لكون نظرية مسعود تقول : انه لا امكانية لتحقيق احلامه المريضة الا بتدمير العراق ، او على الاقل عرقلة اي محاولة للنهوض به من خلال ابقائه تحت الازمات لاطول فترة ممكنة ..

لناتي الان الى الفئة الرابعة فهي النقيض التام للفئة الاولى . هذه الفئة اعزائي القراء ، وبعيداً عن اي تجني ، هي عبارة عن مجموعة قتلة ارهابيين ورجال مافيا ولصوص ومزورين ، بعضهم  طلاب مناصب  ومعظمهم عملاء لدول كبرى او لدول المحيط الاقليمي ، وهمهم الوحيد هو تحقيق اهدافهم الخاصة او تنفيذ اجندات تلك الدول التي تستخدمهم . طبيعة هؤلاء وحجم مخاطرهم على البلد ومستقبله بحاجة الى اكثر من مقال للاحاطة بها ، لكن مايجب ذكره هنا انها مجموعة متماسكة يسند بعضها البعض ، وفوق ذلك هي عابرة للطوائف والثنيات ...
غريب امر هذا البلد الطيب .. كل المقاييس انقلبت فيه .. ها نحن نرى الاشرار فيه يوحدهم شرهم عليه في حين يتحرك اخياره ببطئ شديد نحو التوحد من اجله ..!؟

بعد هذه الصورة التي رسمناها لمجلس نوابنا الموقر لننظر الان كيف يتعامل السيد النجيفي مع هذه الفئات الاربع وكيف يتصرف بالحصانة البرلمانية التي مُنحت لهم .
سنؤجل الحديث عن الفئة الاولى ولنبدأ بالفئة الثانية التي اسميناها بفئة المنتفعين ، هؤلاء عندما يتعلق الامر بواجبهم الرقابي ، فهم صم بكم عمي فهم لا يفقهون .. ( مطنشين على طول الخط .. يحترق البلد وهم في سبات عميق ..) فهم والحالة هذه ليسوا بحاجة لحصانة ما ، لانهم ليسوا في صراع مع احد ، لا مع رئيس المجلس ، فهم اداة طيعة بين يديه ، ولا مع الفئة الثالثة او الرابعة لانهم لايشكلون خطراً عليهما ..
اما علاقتهم باطراف الاجهزة التنفيذية المطلوب مراقبتها من قبلهم كما يُفترض ، فهي في اغلب الاحيان اما علاقات بزنز او علاقات مبنية على الولاء الحزبي او العشائري ، وفي كل الاحوال وفي ظل هكذا جو تصبح الرقابة عمل مستحيل ، لابل تتحول الرقابه الى عملية تزكية للجهاز التنفيذي يتم من خلالها التغطية على كل جرائمه وفي مقدمتها الفساد بكل انواعه ..
 بالمناسبة ، هذه الحالة من تشابك المصالح بين الجهاز الرقابي والجهاز التنفيذي تنطبق ايضاً وبشكل اوضح على الفئتين الثالثة والرابعة ، وفيها تكمن كل عوامل شلل الدولة .. الا ترون معي بان معظم الوزراء و وكلائهم ينتمون الى هذه الفئات الثلاث ..؟
 
اما الفئة الثالثة ، فئة كاك مسعود ، فهذه لها حصانتان ، الاولى منحهم اياها الدستور والثانية منحهم اياها كاك مسعود ، فاي محاولة للتعرض لاحدهم بنقد او حتى بعتاب تجعل مسعود يرتدي الزي العسكري ويهدد ب 190 الف مقاتل مدجج بالاسلحة الثقيلة للدفاع عنهم ..
وهي في كل الاحوال الفئة التي تحضى باهتمام استثنائي من قبل النجيفي لكونه حليف ثابت لكاك مسعود ، فنجده يعاملها بمنتهى الرقة والحنان ويوفر لها جو مريح  وهي تمارس مهامها الاربع التي ذكرناها اعلاه  دون منغصات ..

ناتي الان الى الفئة الرابعة لنرى كيف يدافع عن افرادها السيد النجيفي بكل ضراوة  مصراً على عدم رفع الحصانة البرلمانية عنهم رغم انهم  كما وصفناهم وكما هو واقعهم ، مجرمون من الوزن الثقيل ..! مزورون ومرتشون ولصوص وقتلة وارهابيون ، هؤلاء جميعاً يرفض النجيفي تسليمهم للقضاء لينالوا جزائهم العادل للجرائم التي يرتكبونها بحقنا ليل نهار ..!
الا ترون معي اعزائي القراء بان قبة البرلمان العراقي تحولت بفضل ادارة النجيفي وتواطئ بعض النواب معه الى مغارة لايواء عتاة القتلة والمجرمين ...!؟
ثلاثة عشر نائب متهم بالارهاب ، تطالب الاجهزة القضائية برفع الحصانة عنهم لكن رئيس مجلس مشرعي القوانين السيد اسامة النجيفي يرفض باصرار تنفيذ ذلك ..!!
عن اي دولة ديموقراطية نتحدث وعن اي قانون ..!!؟؟

موقف النجيفي هذا حيال الفئة الرابعة المُدللة لديه ينقلب الى نقيضه تماماً عندما يتعلق الامر بالفئة الاولى التي اسميناها بالخيرين ، فهو في حالة حرب شرسة معها يستعمل فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في التضييق عليها ومحاولة حرمانها من الحصانة التي هي احق واحوج لها من بقية الفئات ..!

من منا لا يتذكر صولاته وجولاته في اروقة القضاء لملاحقة النواب الخيرين لمجرد انهم حاولوا تقويم اخطائه في ادارة المجلس الذي ينتشر فيه الفساد كالجذام ..؟
من منا لا يتذكر اصراره الغريب على حرمانهم من المعلومات التي يحتاجونها لمتابعة عملهم الرقابي الشاق ، حتى وصل به الامر الى تهديد موظفي المجلس باشد العقوبات اذا فكروا يوماً بالتعاون معهم وتزويدهم بما يحتاجون ..؟

من منا يستطيع ان ينسى صمته المريب عند محاولة اغتيال النائب زهير الاعرجي او النائب السيدة كريمة الجواري ..؟

السيدة الجواري قالت : بأن احد نواب القائمة العراقية اتصل بي خمس مرات وفي ساعات متأخرة من الليل وخيرني بين التصويت على سحب الثقة او التصفية من قبل القاعدة ..
ماذا فعل النجيفي حيال هذه التهم البالغة الخطورة ..؟ لماذا بلع لسانه وصمت صمت القبور ..؟ الم يكن هو احد قادة القائمة العراقية  التي تتهمها السيدة بجريمة الشروع بالقتل ، ثم تتهمها بانها على علاقة بتنظيم القاعدة ..؟
اسئلة كثيرة من هذا النوع ، مطلوب الاجابة عنها من قبل السيد النجيفي ، ليس اقلها اهمية السؤال التالي :
الى اي الفئات الاربع ينتمي السيد النجيفي بصدق ..؟
نتمنى عليه قبل الاجابة عن هذه الاسئلة ان يتذكر الوعود التي قطعها على نفسه لناخبيه ..!
نديم عادل


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نديم عادل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/15



كتابة تعليق لموضوع : اسامة النجيفي وسوء استخدامه للحصانة البرلمانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net