بعض اللقاءات لاتحتاج الى مقدمات كبيرة يستعرض فيها الضيف ومقدمة عن موضوعية الموضوع نفسه هنا ندخل الى الحوار مباشرة
دكتور علي البديري :ـ اود ان ادخل لصميم بعض الهموم الثقافية ونحن نعيش مرحلة انفراج جميلة ونحمل في احلامنا حراك عراقي عالمي من مهرجانات تعطي قيمة للضيف الجمهور وتضع في حسابها المسافات الطويلة التي قطعها الناس ، تشعر بقيمة الوقت المبذول والجهد المبذول والمال المبذول ، واحمد الله اني اتنفس اليوم في ظل الاجواء الرحمانية ،
المحاور :ـ الاديب العراقي في خضم السلطة الساقطة كان يحاول اجتياز المرحلة وهو يريد ان يحافظ على ماء وجهه
الدكتور علي البديري :ـ نحن لسنا بصدد المقارنة بين عصرين لكننا بصدد معاينة وتشخيص المرحلة الراهنة لمعالجتها بقسوة دون ان نجامل احدا ، المرحلة التي مررنا بها كانت قاسية جدا ومن كل جوانبهاوقد همشت لنا الثقافة العراقية الحقيقية ودفعت بالثقافة المؤدلجة الى الأضواء .. ببهرجتها وزينتها وجعلتها الواجهة بحيث انها صارت تحمل عنوان الثقافة العراقية كله ، واعتقد ان مثل هذا التشخيص امتلك عمومية الرؤى لكن علينا الآن ان نبحث فيما ابتدأنا به والنظر الى الانشطة الثقافية العراقية ليست كمرحلة جديدة ولابد التغاضي عن الكثير من الهفوات بل لابد الاعتناء بها وتوضيح مهام كل خطوة ونتائج كل مهرجان واسباب الخفوت او نقاط النجاح لاينفعنا اليوم ان نرفع تشخيصاتنا ببرود ،
المحاور :ـ الاديب العراقي الحقيقي استطاع استثمار جميع الخطوات في زمن السلطوية كي يبقى واستلهم من دور الرقيب الامني حوافز جديدة كالتورية والتغاير والمسكوت عنه ،ومن هذه الملامح شيد ابداعه وهذا ما اعطى النتاج ميزة المقاومة كون الاديب بدا يشعر بما انيط على عاتقه من مسؤولية تاريخية على ان لايسقط امام الطغاة ، عليه مهمة مراوغة الشرطي الامني ومعنى هذا ان ليست هناك حدود استسهال اليوم الذي حصل هو عملية استسهال الكتابة استسهال نشر وشعور منفلت لعدم وجود رقابة فنية على الاقل
الدكتور علي البديري :ـ انا اعتقد ان الرقابة لاتقدر ان تتحكم في القيمة الجمالية بقدر تحكمها بجانب واحد هو زرع الخوف واما الشعور بجودة النص او حتى قضية الاستسهال الكتابي انا معك ارى ان مهمة الاديب الحقيقي كانت صعبة جدا لكن ماذكرته من صيغ الجودة هذا شعور نسبي يتعلق بذات الاديب نفسه بثقافته بمدى تألقه وحرصه على الامانة ، فالذي يكتب في ضوء اشتراطات الفنية هذه مسالة خاصة بالاديب ولا اعتقد انها توجه من الخارج ، ولذلك اسمحلي ان اختلف معك ، سابقا القوة التي وجهت ضد الاديب ووعيه ونشاطه باتجاه ماهو تعبوي ، انتج الكثير من النصوص الضعيفة فنيا ، هناك التقى الطاغية بمجموعات من كتاب القصة والرواية وكان التوجيه معين لخدمة توجهاته وظرفه وبعض الادباء لايتجاوزون عدد الاصابع هم الذين كتبوا نصوصا مراوغة وبعضها رفض والبعض الاخر عرض كاتبه للمحاسبة
المحاور :ـ انا اقصد ان النوافذ كانت قليلة ، كم جريدة ، كم منفذ كان موجودا ، الآن المنافذ كثرت واصبح لدينا صحف كثيرة ومواقع كثيرة ، هل هذه المنافذ اسهمت برفع قيمة ما ينشر جماليا وفكريا ،
الدكتور علي البديري :ـ مع هذه المنافذ المتعددة هناك الكثير ممن يتحدث عن صعوبة النشر، رغم كثرة هذه المنافذ ، المنافذ الالكترونية لاينظر اليها بجدية ، كثير مما ينشر على صفحاتها يشير الى الاستسهال ، وكثيرا ما اتفاجىءحين اقرأ نصوصا لم ارسلها في بعض الصحف التي تأخذ من هذه المواقع دون ان تخبر الاديب
المحاور :ـ ربما لكون مثل هذه الطريقة ستكون مجانية فليس هناك من سيطالب باجر وربما هي الصحف نفسها تعاني من قطيعة المثقف العراقي او غير معروفة لديه
دكتور علي البديري :ـ على صعيد الشخصي اشعرتني تلك الصحف بالاحباط ، فتجربتي حديثة مع النشر ، لكن عندما اجد موقعا ثقافيا ينشر لسماء ونصوص راقية فنيا وبجانبها ارى نصوصا هابطة قد لاتستوفي شروط النشر اساسا ، ومن ثم ارى سيلا من التعليقات والمجاملات واغلب تلك التعقيبات غير موضوعية ، وماهي الا عبارة عن مجاملات رخيصة ومجرد بناء علاقات سطحية تهمش لنا الاديب الحقيقي لكون القضية غير معنية بالابداع بل بعلاقات البعض مع قنوات النشر ، المسألة اذا لاتفرح ، وهذه النوافذ المشرعة لاتفرح قلب اديب حقيقي ، والدليل ان اغلب الاسماء المعروفة على المستويات الفنية والشعرية والسردية نجدها غائبة
المحاور :ـ الا تعتقد ان هذا العيب سينعكس سلبا على لحمة المنشور الوطني العراقي
دكتور علي البديري :ـ المسألة كانت تبشر بالخير لو كانت هذه الكثرة هي مخلصة لعملها الاعلامي لكن الذي انكشف من خلال هذه السنوات ان الاغلب لديه غايات محددة وارتباطات سياسة جعلت تلك الصحف تعمل بمحور توجهاتها فما كان اصدارها حبا بالحقيقة ولاالاسهام في بناء وطني يعاني الكثير من موارد الضعف ،
المحاور :ـ وهذه النوافذ والمنافذ موجودة لكنا انهضمنا ايضا
الدكتور علي البديري :ـ المسألة نسبية ، بقدر ما افادت المثقف الذي يشعر بالاهتظام حيث وفرت له مساحة لنشر نصه الابداعي فهي قد اضرت بالعملية الابداعية برمتها لظهور اسماء لاتمت الى الابداع بسمة واخذت بفضل تلك المواقع من مزاحمة المبدع نفسه ، وهذا يعني ان تلك المواقع شكلت خطرا على الذائقة العامة الى درجة صارت بها لاتفرق بين الغث والسمين ، وهذا الرديء اصبح يسوق عبر مسابقات كبيرة وابعدت اسماء كبيرة وهذه طامة كبرى لايفرح بها حتى الاديب المهمش الذي وجد نافذة يطل منها الى العالم ان يكون عنوانا من عناوين المواربة لتمشية اسماء ركيكة ، لقد اختلط الحابل بالنابل حتى صرت اذهل وافكر في نوعية تلك المعايير المشخصة ولااعرف ضمن اية آلية هم يعملون ، ليقدموا لنا نصوصا لايختلف عليها احد بانخفاض مستوياتها الفنية ،
المحاور:ـ وكيف سيتصرف المثقف امام هذا الوضع المؤلم
دكتور علي البديري:ـ وتبقى المسألة نسبية ايضا ولابد للمثقف ان يوازن الحالة بما يمكن ان يقدمها من رؤى تشخيصية تأملية ، او المشاركة بنص ابداعي او بكتابة رؤية نقدية تقيمية لبعض النصوص ،
المحاور :ـ لكنه سيهمش ايضا
دكتورعلي بديري :ـ هذه لاحظتها بنفسي تجاهل عام من قبل بعض الصحف وكأن المبدع غير معني في هذا الامر
المحاور :ـ يرى البعض ان المشكلة برمتها تنضوي تحت يافطة الجهد التقني للمواقع كهيئة تأسيس بينما الجهد الابداعي يهمل كمرتكز....ولكن الملاحظ ان هذه المواقع انتجت مواقع مواجهة ليتنفس الضد من خلال قيادة مثقفة واعية تسعى لخلق التوازن هل يمكن ان يكون هذا جزءا من الحل ؟
الدكتور علي البديري:ـ بالتأكيد ان مثل هذه المراكز الثقافية تشعر المثقف ولو على الصعيد الشخصي انه يشعر بمسؤوليته اتجاه هذا الخراب وهذا هو الذي دفع المتصدين للمواقع الرصينة ، لأنشاء مواقع مهنية على الاقل تشعر بدورها ، اقولها دون مجاملة موقع كتابات في الميزان على رغم قصر تجربته الا انه انتج مكانة ابداعية لايستهان بها فكثير من الاصدقاء في الاكاديمية التي اعمل بها لهم تواصل مع الموقع ويتابعون بشغف كل ماينشر وهذا يعني وجود مواقع تحمل رسالة معينة ومحددة وشاعرة بفداحة هذا الخراب وبضرورة مواجهته ويشترك معها المبدع الحقيقي ومن الممكن ان يتم تعاون غير معلن مع صاحب الموقع يمكن ان يكون هناك عمل مشترك في سبيل تقديم الجميل الى الضوء ودفع القبيح الى الظل
المحاور :ـ طيب .. الا يستطيع مهرجان بقيمته المضمونية المعنوية ذات الهوية الرمز الشمولي المقدس ان يعوض بعض الخسائر ويرمم الثغرات التي شخصها المثقف العراقي بنفسه ،
الدكتور علي البديري :ـ نعم بالتأكيد وله القدرة على ذلك ولكن هذه المهرجانات تحتاج الى عملية تلاقح فكري يعني بعبارة ثانية ، هناك الكثير من الفعاليات الدينية والحوزوية اقيمت تحت يافطة التثاقف والتلاقح الفكري مع المؤسسة الاكاديمية حتى اننا اصبحنا نقرأ اسماء بعض الاكاديمين الى جانب العالم الحوزوي وهنا لاحظت ان الاكاديمي مغيب عن دائرة البحوث
المحاور :ـ في العديد من المحاورات المهمة التي يقوم بها اعلاميو العتبتين نلاحظ وجود قصور في المعلومة المشاعة عن المنجز الكلي والمتنوع فلذلك تدخل بعض الاسئلة بين فجوات هذا الحيز ، نحن في العتبتين المقدستين لدينا مهرجانات كثيرة منها ما ينفذ بتعاون العتبتين ومنها ما ينفذ بجهد اعلامي تابع لأحد العتبتين له حرية الخدمة ومن ضمن المهرجانات الموحدة ربيع الشهادة المختص بالبحوث الحوزوية ومعرض الكتاب ومهرجان ثاني بعنوان ربيع الرسالة مختص بالبحوث الاكاديمية ومعارض للرسم والنحت ومهرجانات اخرى متفردة كالمسرح الحسيني ومهرجان الجود والكثير من المهرجانات التي تقدم محورا من محاور الابداع وهذا يعني انكم شاهدتهم ما يخص الجهد البحثي الحوزوي
الدكتور علي البديري :ـ لاخلاف بيننا ابدا لكن لو نظرنا الى الجهد الاكاديمي سنرى هناك لجان تحضيرية ولجان تقيمية للبحوث فلماذا مثلا وتخلصا من الاحراج لا تقام مسابقة بحوث حوزوية للشباب الحوزوي
المحاور :ـ ارى ان البحوث التي قدمت في هذا المهرجان كانت في مستوى رائع لكني اقدر ايضا حماس الاكاديمي لتقديم الاروع دائما للحسين عليه السلام
الدكتور علي البديري :ـ عليك ان تتأمل في ضخامة العنوان لوحده فكيف به وهويتعلق بواقعة كبيرة لها معطيات متوالدة غير متوقفة ، التقابل يتطلب منا تقديم جهد بهذا الثقل وبهذا العنفوان ،
المحاور :ـ في كل الاحوال المهرجان استطاع ان يثبت حضور المثقف الاسلامي ان يعطيه كامل حضوره في بلد قد أدلج الثقافة ، فلا اعتقد ان للعتبتين احراج من دخول الجهد الاكاديمي بل نحن نرى ان الجهد الاكاديمي هو الذي يحتاج الى امكانية العتبات المقدسة في ترسيخ مناهجه العلمية والثقافية
الدكتور علي البديري :ـ انا ابحث عن شرائط علمية للبحث العلمي بغض النظر عن اي مسألة متعلقة بالباحث ، وانا بودي فعلا ان يصل الباحث الحوزوي الى الشرائط العلمية واطمح بارتقاء البحث الحوزوي الى نوال كل طموح وحتى على مستوى المطبوع هناك مسافة لنرتقي الى الطموح مع الايمان بوجود الامكانية ، واتمنى كدعوة لاقامة مسابقة بحثية حوزوية على غرار مايقدم من مسابقات النص المسرحي والقصيدة العمودية والف شكر لهذا الاحتفاء
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat