تاريخ شهادة أمير المؤمنين ، نظرة مختلفة / ٢
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

كان أمير المؤمنين عليه السلام بين إرادتين في الأمّة ، واحدة تريد أن تستمر سياسة الخلفاء الثلاثة وخاصة الأخير منهم ، وأن تبقى العطايا والهبات وإقطاع الأراضي والإستئثار بالمناصب خاصة بطبقة دون أخرى .. سنّة الشيخين وطريقة إدارة الخليفة الثالث هي الإرادة الأولى التي واجهها عليه السلام ، وكان يمثل هذه الإرادة شخصيّات لها ثقلها ونفوذها وقتئذ ، كالسيدة عائشة وطلحة والزبير ومعاوية .. هؤلاء كأنهم رفعوا شعار ( لا حكم إلا للشيخين وعثمان ) ..
أما الإرادة الثانية فهي إرادة الخوارج ، فهؤلاء رفضوا أيضاً حكم أمير المؤمنين عليه السلام ولكنهم رفعوا شعار ( لا حكم الا لله ) ، هذا الشعار الذي وصفه عليه السلام بأنه ( كلمة حق يراد بها باطل ) ..
بهذا التشرذم عاش علي بن أبي طالب أيام خلافته ، وبهكذا أجواء تشتتٍ ورفضّ كان زمان إدارته وقيادته للأمّة .. فلم يجد حلّاً إلا أن يقبض بذي الفقار ، هذا السيف الذي أرسى قواعد الإسلام في معارك التنزيل ، لا بد له أن يحافظ على ما أرساه في معارك التأويل .. هذه المعارك التي كان يشير إليها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حياته ، في حديث رواه العامّة والخاصة ، ففي مستدرك الصحيحين ، روى الحاكم بطريقين عن أبي سعيد قال : كنّا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فانقطعت نعله ، فتخلّف علي ( عليه السلام ) يخصفها فمشى قليلاً ثم قال : إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر ، قال: أبو بكر : أنا هو ؟ قال : لا ، قال عمر : أنا هو ؟ قال : لا ، ولكن خاصف النعل يعني علياً ( عليه السلام ) ، فأتيناه فبشرناه فلم يرفع به رأسه كأنه قد كان سمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . قال الحاكم : هذا حديث صحح على شرط الشيخين .
وقد نظّمها الصحابي الجليل عمار بن ياسر ( رضوان الله تعالى عليه ) في شعره الذي كان يرتجز به في معركة صفين التي استشهد فيها ، فكان من رجزه :
نحن ضربناكم على تنزيله فاليوم نضربكم على تأويله
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat