صفحة الكاتب : ا . د . محمد الربيعي

أزمة ساعات الدوام والشهادات المزدوجة وتأثيرها على جودة التعليم
ا . د . محمد الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

منذ عام 2003، خضعت ساعات الدوام في الكليات العراقية لتغيرات جذرية، بدافع الاوضاع الامنية المضطربة، حيث تم تقليصها لعدة ساعات وانتهائا في افضل الاحوال بالساعة الثانية ظهرا. مثلت هذه التغيرات تتويجا لتدهور أوضاع التعليم العالي الذي بدأ بتسيس التعليم في السبعينيات وبلغ ذروته بالانهيار في التسعينات. نتيجة لذلك، فقدت ساعات الدراسة مرونتها، وباتت الجامعات تعاني من قيود كبيرة في إدارة العملية التعليمية.

مع مرور الوقت، ساد تيار بما يعرف بالدراسات المسائية، وتم تخصيص نفس مرافق الدراسة الصباحية لها، مما ادى الى تحويل الجامعات الى نموذج يشبه المدارس الابتدائية والثانوية المزدوجة او الدوام الجزئي. فباتت الدراسات المسائية تشارك نفس المباني مع الدراسات الصباحية وتدرس نفس الاختصاصات وتمنح نفس الشهادات، وتبدا في الساعة 2 ظهرا بدلا من السادسة مساء كما كانت عليه سابقا، لتنتهي في الساعة 5 او 6 مساء. مع ملاحظة انه حديثا تم تغيير موعد بداية الدراسات المسائية الى الساعة الرابعة لربما لمنح وقت اطول للدراسات الصباحية. 

وبالرغم من اننا ناقشنا هذا الموضوع واعترضنا على نظام الدوام المزدوج في عدد من الكتابات واللقاءات منذ 2003 الا انه لم يحضى بالاهتمام اللازم بسبب الضغوط السياسية والامنية ولتفضيل التدريسيين والموظفين لساعات العمل القصيرة، بالرغم من كونه يحمل في طياته مخاطر جمة، خاصة على صعيد جودة التعليم، حيث يعد من اهم واخطر المشاكل التي تواجه هذا القطاع، ويتعارض مع متطلبات الجودة والاعتماد. كما ان تأثيراته السلبية تمتد الى الدراسات العليا والتي تتطلب قضاء اوقات طويلة في المختبر والمكتبة وهو ما دفع كثير من الطلبة الى شراء خدمات المختبرات والمكاتب الاهلية.  

ويزيد من الطين بله صدور قرار مجلس الوزراء ببدء دوام الكليات في الساعة 10 صباحا حيث انه من المؤكد انه سيفاقم المشكلة، وسيوسع الفجوة بين الجامعات العراقية ونظيراتها العالمية، ويؤثر سلبا على مستوى التعليم العالي في البلاد خصوصا بعد تحديد نهاية الدوام بالساعة الرابعة. 

يعتبر عدد ساعات الدوام الدراسي في الجامعات العراقية منخفضا للغاية مقارنة بالجامعات العالمية. بدون ادنى شك تمنع قصر هذه المدة الطلاب من فترات الدراسة اللاصفية داخل الجامعة، وتشكل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق التميز على المستوى العالمي، حيث لا يتيح للطلاب الحصول على المعرفة والمهارات اللازمة للمنافسة في سوق العمل.

ولعلّ الحل الامثل لمواجهة هذه التحديات، يكمن في اعادة ساعات فتح الجامعات الى ما كانت عليه سابقا، اي من 8 صباحا الى 6 او الى 9 مساء، وهو ما سيمنح الدراسات الاكاديمية خصوصا العلمية مزيدا من المرونة في جدولة ساعات التدريس والتدريب، بما يتناسب مع خيارات الاقسام والاساتذة ومحتوى المنهج من ساعات نظرية وعملية ومكتبية ومشاريع تطبيقية بالاضافة الى النشاطات اللاصفية والتي لا يتضمنها المنهج.

ولكن تطبيق هذا الحل يتطلب اتخاذ خطوات حاسمة، اهمها التوقف عن اعتماد نظام الشهادات المزدوجة، وعودة اوقات الدراسة الى حالتها الطبيعية، واعادة النظر في نظام الدراسات المسائية، اما من خلال عودتها الى ما بعد الساعة السادسة مساءً، او استخدامها لمباني اخرى، او حتى فصلها تماما وتأسيس جامعات مسائية مستقلة.

من خلال هذه الاجراءات، ستتمكن الجامعات من تحقيق الاستفادة القصوى من مرافقها، وتقديم المزيد من الخيارات للطلاب، وتحسين جودة التعليم العالي في العراق، ليواكب التطورات العالمية في هذا المجال.

محمد الربيعي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . محمد الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/03/30



كتابة تعليق لموضوع : أزمة ساعات الدوام والشهادات المزدوجة وتأثيرها على جودة التعليم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net