تاريخ شهادة أمير المؤمنين عليه السلام / نظرة مختلفة
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

قد يُقال أن حزن أتباع أهل البيت عليهم السلام على ما لاقاه ائمتهم من سلب حق وقتل وتشريد .. وما صدر عن الشيعة من ردود فعل كبيرة ، ثورات وانتفاضات وانقلابات .. قد أحدث شرخاً كبيراُ في جسد الأمّة وضرراً في حياة المسلمين ، نتج عنها انشقاقات عقائدية وفقهية وحتى تصدعات اجتماعية .. الخ .
وفي الواقع وما يفرضه الإنصاف أن صاحب هذه التهمة أحق بها ممن يتهمهم بها ، لأننا لو رجعنا الى التاريخ لوجدنا أن ما سببه مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وردود الفعل المبالغة بها من قبل مريديه ومطالبتهم بدمه ورفعهم لقميصه نفاقاً وكذباً ، لا لشيء إلا لغرض معاداة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وتأليب الأمور عليه وإفساد انقياد الأمة له .. سواء ما حصل من قبل السيدة عائشة وطلحة والزبير ومواجهتهم لأمير المؤمنين بحرب الجمل في البصرة ، أو ما قام به معاوية في الشام الذي رفع قميص عثمان وتمرد على طاعة الخليفة الشرعي وواجهه بحرب صفين .. أكبر ضرراً وأعمق شرخاً في الأمة وأكثر مفسدة لأمرها ..
بل لا يقاس ما خلّفه الحزن على أهل البيت بما أورثته المطالبة بدم عثمان .. وما مقتل أمير المؤمنين والحسن والحسين والائمة من ذرية الحسين عليهم السلام وما تلقاه شيعتهم من حيف ومآسي إلا سيئات ردات فعل مقتل الخليفة الثالث ..!! .
لا يعادل غصب خلافة الرسول في تغيير مسار الأمة وحرف بوصلتها الإلهية إلا ما حصل بعد مقتل عثمان .. هذان الحدثان وراء كل ظلم وسيئة وتأخير في تاريخ الإسلام والمسلمين وإلى يومنا هذا ..
فقميص عثمان خلّف لنا حربا الجمل وصفّين ، وصفين ورّثت لنا الخوارج وحرب النهروان ، وكذلك فرعنة معاوية في الشام ، والخوارج سببت لنا اغتيال أمير المؤمنين عليه السلام ومن ثم تقوية شوكة معاوية وسحب بساط الخلافة من الإمام الحسن عليه السلام ، ومعه انتهت الخلافة الراشدة كما يقولون هم ، وبدأ حكم بني أمية ومن وراءهم حكم بني العباس وما أدراك ما حكم بني أمية وبني العباس .. !!
بهذا السيناريو ينبغي أن نفهم تسلسل الأحداث وخلفيات شهادة أهل البيت عليهم السلام وتخندق المسلمين وراء مذاهب عقائدية وفقهية وذهاب دولتهم وتهاوي قوتهم حتى طمع بهم الشرق والغرب وأصبحوا لقمة سائغة لكل حاقد على الإسلام وطامع بخيرات المسلمين ..
فاجتمع على أمير المؤمنين عليه السلام بعد مقتل عثمان وتسنّمه مسؤولية الخلافة عدد من الأمور ، كلها أدّت الى ضرب هامته الشريفة بسيف اللعين ابن ملجم :
الأول : كره المرأة له وكره بني أمية لبني هاشم وللإسلام عموماً ، يقول طه حسين ( ان السيدة عائشة وجدت على الامام ـ من الناحية النفسية ـ فحسدته لعقمها ، ولأن عقب الرسول قد انحصروا في بنيه من فاطمة زوج علي ) . أما تاريخ بنو أمية فهذا أوضح من أن يُذكر ..!
الثاني : جهل الكثير من المسلمين بأحقية الإمام وخداع المنتفضين بوجهه ومكرهم على الإسلام ، حتى اندلعت في أيامه ثلاث معارك داخل الجسد المسلم ، الناكثون ( طلحة والزبير وعائشة ) ومن دار حولهم ، والقاسطون ( معاوية ومن وراءه جيش الشام ) ، والمارقون ( وهم الخوارج ) .
الثالث : عدالة أمير المؤمنين وعدم المساومة بدين الله ، لم يرض بأنصاف الحلول ولم يداهن على حكم أو مبدأ إسلامي وخاصة مع الذين كانوا منعّمين في خيرات المسلمين ومتسلّطين عليهم أيّام خلافة عثمان بن عفان - ومن قبله - والذي تشكّلت في أيّامه طبقتان ، الأولى يمثلها معاوية ، وكان يأكل ولا يشبع ، والثانية يمثلها أبو ذر الغفاري الذي مات طريداً شريداً في الربذة .
كانت ثروة الزبير بن العوام عند وفاته : خمسون ألف دينار ، وألف فرس ، وألفاً من العبيد والاماء.. الخ ، وأما طلحة بن عبيد الله التميمي فكان دخله من ممتلكاته بالعراق وحدها ألف دينار في اليوم الواحد .
فلم يحتملوا عدالة علي عليه السلام السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وقصته مع أخيه عقيل أشهر من أن تذكر عندما حمى له حديدة ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat