من بين كتبه التي بلغ عددها (٨٤) كتابا لم احظ الا بعدد قليل منها في حدود عشرة إصدارات حمل أقدمها تاريخ ٢٠١٣ واحدثها ٢٠٢٣ وفي هذا العقد من السنين ومن خلال مطالعتي لكتب صديقي الكبير الطائي وجدته يتحرك في خط عقلنة البحث وانسنة التشخيص وعصرنة القراءة بروحية منفتحة على آفاق المعرفة في فضاء متعدد الاتجاهات . متجاوزا حدود الانتماء البيئي وضغوطات الأنا وقيود الفهم الايديولوجي للحدث وللنص والشخصية موضع الدراسة فهو يخاطب القارئ بلغة لا لون فيها لصبغته البشرية ولا طعم فيها لعرقه وعقيدته ..
وعدٌ ظهور الفكر المنحرف حالة طارئة يجب معالجتها لكي لا ينحرف الإنسان عن محتوى التقويم الأحسن الذي خلقه فيه الله تبارك وتعالى .. ومن ذلك وجدت الدكتور صالح الطائي يستعمل ادواته الفكرية في البحث والتنقيب والكشف بما يمكنه من الوقوف على اسباب نزوع العقل البشري الى انتهاج الإنحراف الفكري بما يترتب عليه من انحراف أخلاقي وسلوكي فجاءت ( سلسلة اثر النص المقدس) لتصادق على ما ذهب اليه ميخائيل نعيمة من ضرورة توافر الكاتب على ثلاثية ( الشعور والفكر والبيان) كي يحظى بلقب (كاتب) وعندما يباشر القلب الواعي نفسا نقية سيتشكل في رحم العقل فكر إيجابي ينمو بشكل تدريجي ليعيش صاحبه مخاض ولادة إبداع حقيقي ولا اجدني ابالغ اذا قلت انني وجدت ذلك بعد قراءتي لهذا العدد القليل من كتب العزيز د. صالح الطائي فقد قدم من خلال كتبه وصفات فكرية تعالج ( عقيدة التهجير) و ( عقيدة المثلة) و ( عقيدة التكفير) و .. وامتد شباب عقله ليصل باعوامه التي تجاوزت السبعين الى شواطئ الجيل المعاصر فلم يكتف بدور المتفرج او الناصح بل نزل معه الى ميدان الحياة وركب امواجها كي يشخص ادواءها حتى بعد تعرضه الى الخطف والتعذيب والتهجير ومصادرة تاريخه الشخصي والعائلي كما يذكر في احد كتبه .. لم يمنعه ذلك من مواصلة المسير في طريق الحق الموحش كما لم يسمح لهذا الحادث المريع ان يترك اثره السلبي على معنوياته مثلما حصل مع الفيلسوف جون لوك في القرن الثامن عشر عندما جوبهت أفكاره بالسخط الى الحد الذي حرمت فيه الكنيسة قراءة كتابه ( مبحث في الفهم الانساني) الأمر الذي اثر فيه كثيرا فأنطوى على نفسه حتى مات .. كما لم يختر الطائي الهجرة خارج البلاد مثلما فعل غيره من الكفاءات العراقية . بل استطاع ان يترجم حزنه وقلقه وهلعه واوجاعه الى لغة جميلة وجدتها تلح علي كثيرا كي اكتب عن تلك التوافقية العالية بين صالح الطائي وبين نفسه والتي افضت الى العمل عل تقديم إبداع للناس يجعلهم يقتدون بتجربه وخبرته فكانت كتبه ثمار تلك التوافقية العالية ووجدت ان من حقه على الوسط الثقافي والاجتماعي في بلادنا ان نحتفي بمنجزه الثقافي فاطلقت عليه لقب ( ذو العمرين ) لبلوغ عدد مؤلفاته ما يفوق عدد سنوات عمره المديد ان شاء الله فتم ذلك في حفل بهيج إقامته رابطة المجالس البغدادية الثقافية قبل أعوام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat