العراق: هل يمكن تجنب الحرب الأهلية؟
سعد عزالدين احمد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سعد عزالدين احمد

منذ أكثر من عشرة أشهر، يعاني العراق من أزمة سياسية حادة بسبب عدم قدرة القوى السياسية على تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات المبكرة التي جرت في أكتوبر 2021. وقد تصاعدت التوترات بين التيار الصدري الذي فاز بالأغلبية النسبية والإطار التنسيقي الذي يضم الأحزاب الموالية لإيران والمنافسة على السلطة. وقد اندلعت اشتباكات عنيفة بين أنصار الطرفين في الشوارع وداخل البرلمان، مما أثار مخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
وفي هذا المقال، سأحاول تحليل أسباب هذه الأزمة وآفاق حلها، وسأقدم رأيي حول ما يجب فعله لتجنب المزيد من العنف والانقسام.
أولا، يجب أن نفهم أن الأزمة السياسية في العراق ليست جديدة، بل هي نتيجة لنظام الحكم الذي أقيم بعد الغزو الأمريكي عام 2003، والذي اعتمد على المحاصصة الطائفية والإقليمية. هذا النظام أدى إلى تفكك الهوية الوطنية وتمزق النسيج الاجتماعي، وأعطى الفرصة للتدخلات الخارجية، خاصة من قبل إيران، التي استغلت الفراغ الأمني والسياسي لتوسيع نفوذها وتأثيرها على الجماعات الشيعية المسلحة والأحزاب السياسية. وقد عانى العراق من سلسلة من الأزمات والتحديات، مثل الفساد والبطالة والفقر والإرهاب والاحتجاجات الشعبية والتوترات الإقليمية، دون أن يتمكن من تحقيق الاستقرار والتنمية والديمقراطية.
ثانيًا، يجب أن ندرك أن الانتخابات المبكرة التي جرت في أكتوبر 2021 لم تكن حلاً سحريًا للأزمة السياسية، بل كانت مجرد تأجيل لها. فالانتخابات شهدت مشاركة منخفضة للغاية، حيث بلغت نسبة المشاركة 41% فقط، مما يعكس نقص الثقة في العملية السياسية والحكومة. علاوة على ذلك، تعرضت الانتخابات للعديد من التلاعبات والتجاوزات، مما زاد من عدم شرعية النتائج في نظر العديد من الفئات السياسية والشعب.
ثالثًا، لتجنب الحرب الأهلية في العراق، يجب أن تتوافر بعض العوامل الأساسية. أولاً، يجب أن يكون هناك إرادة سياسية حقيقية لحل الأزمة وتجاوز الانقسامات السياسية. يجب على الأطراف المختلفة أن تكون مستعدة للحوار والتفاوض والتنازل من أجل المصلحة العليا للعراق. ثانيًا، يجب أن يتم تعزيز المصالحة الوطنية وبناء جسور الثقة بين الأطراف المتنازعة. يجب أن يتم تشجيع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية على دعم عملية المصالحة والوساطة بين الأطراف.
رابعًا، يجب أن يتم التركيز على تحقيق العدالة ومكافحة الفساد في العراق. يعد الفساد من أبرز الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة السياسية وتقويض الثقة في النظام السياسي. يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات حازمة لمكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه، بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو طائفتهم.
خامسًا، يجب أن يتم تعزيز الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. يعاني العراق من مشاكل اقتصادية جذرية، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع معدلات الفقر. يجب على الحكومة توجيه الجهود نحو تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين.
وأخيرًا، يجب أن يلعب المجتمع الدولي دورًا فاعلاً في دعم العراق ومساعدته على تجاوز الأزمة. يجب أن تقدم الدعلى العراق الدعم السياسي والاقتصادي والأمني لتعزيز استقراره وتطويره. يجب على المجتمع الدولي أيضًا المساعدة في تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق ودول الجوار وتهدئة التوترات الإقليمية التي تؤثر سلبًا على الأوضاع في العراق.
باختصار، لتجنب الحرب الأهلية في العراق، يجب أن تتوافر الإرادة السياسية للحوار والتفاوض، ويجب تعزيز المصالحة الوطنية ومكافحة الفساد، وتحسين الظروف المعيشية وتعزيز الاقتصاد، ويجب أن يلعب المجتمع الدولي دورًا فاعلاً في دعم العراق. إن تحقيق هذه العوامل يمكن أن يساهم في تجنب الحرب الأهلية وتحقيق الاستقرار والتنمية في العراق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat