صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

طوفان الأقصى والعدّ العكسي لزوال إسرائيل
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لأنّ هذا الكيان معتدٍ أثيم، ارتكب ما ارتكب من الجرائم، منذ أن وطأت قدما قُطعانه أرض فلسطين، يحملون في عقولهم عقلية شعب الله المختار، وحُلم إسرائيل الكبرى، الممتدّ غربا وشرقا من النيل إلى الفرات، وجنوبا إلى تخوم خيبر وصحراء الحجاز، لم يتردّد من أجل بسْط هيمنته، عن ارتكاب مجازر دموية بشعة، في مناطق مختلفة من أرض فلسطين ولبنان، لم يحجزه عن تلك الجرائم قانون ولا عرف دولي، بل إنّ المعتدي الصهيوني بنظر أمريكا ودول الغرب، صاحب حق في الدفاع عن كيانه على أرض، يعرفونها جيّدا أنّها ليست أرضه وهو غاصب لها، وليسألوا انفسهم أين كان هذا الكيان المسمّى بإسرائيل قبل سنة 1948؟، وفي المقابل يرى هؤلاء الداعمين للكيان الصهيوني، حركات وفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية جماعات إرهابية، وهي صاحبة الأرض والمسلوبة والمغتصبة، والساعية إلى تحريرها من براثن الاحتلال الصهيوني.

عندما قصفت طائرات الاحتلال الصهيوني مشفى المعمداني وهو عاجّ بنزلائه - ضحايا قصفهم العشوائي على غزة- أغلبهم من الأطفال والنساء، لم ترتكب غاراتها الهمجيّة دون سماح أمريكي، وتغطية منه على ما قد تسفر عليه من جرائم بحقّ المدنيين، جريمة قصف مشفى المعمداني، بدت للعالم المتحرّر من الهيمنة الأمريكية في منتهى الفظاعة، أوقفته على مشاهد مأسويّة لا يمكن وصفها، ظهر فيها مرتكبوها في منتهى الجبن والخسة، وتاريخ الصهيونية في جرائم القتل والإبادة، مليء بنماذج عديدة من دير ياسين 9/4/1948 (1) خان يونس 12/11/1956 (2) إلى مذبحة حي الشجاعية 20/7/2014 (3)إلى مجزرتي قانا (لبنان) 1996 و2006 (4) وهاو مشفى المعمداني (5) يدخل في سجل جرائم الحرب الصهيونية، ويسفر القصف الجبان على إرتقاء مئات من نزلاء المشفى من الأطفال والنساء، يكفي للتعريف بهؤلاء المجرمين، أنّهم أحفاد قتلة الأنبياء، كما أخبرنا عنهم الله سبحانه في قرآنه: ( فبما نقضِهم ميثاقهم وكفرِهم بآيات الله وقتلِهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلْف) (6) حتى تكون الصورة مستكملة واضحة تماما الوضوح في جنايات مرتكبيه، الذين تليق بهم صفة وحوش.

لم يعُد مستغربا أن تصطفّ دول الغرب إلى جانب باطل الكيان الصهيوني، فهؤلاء هم من أنشأه ورعاه ودعّمه، وهو حقيقة يمثل مشروعه في الهيمنة على المنطقة كلها ولا يقتصر بسط نفوذه على فلسطين فقط، بل إنّ حلّ الدولتين الذي تفتقت به قريحة حكام العرب، هو تخلّص من القضيّة الفلسطينية، وتنصّل من واجب الوقوف إلى جانب شعبها المظلوم، من أجل استرداد كامل أرضه، وتخلّ عما بقي من شرف لهذه الحكومات، عن كان لهم شرف في الأصل، ولم تتفطن الشعوب بأن تلك الدول فاقدة للشرف إلا بعد فوات الأوان.

القاء (جو بايدن) الرئيس الأمريكي تهمة قصف مشفى المعمداني على الجانب الآخر يقصد به المقاومة الفلسطينية، ذكّرتني بمقتل سيدنا عمار بن ياسر في معركة صفّين وهو يقاتل إلى جانب مولاه الامام علي بن أبي طالب رغم تقدّمه في السن، في مواجهة القاسطين أتباع معاوية وصاحبه عمرو بن العاص، لما شاع الخبر اضطرب جيش الشام بعدما علموا بمقالة النبي لعمار تقتله الفئة الباغية، فكان عذر معاوية وعمرو أنّ الذي جاء به هو الذي قتله فوافقه أتباعه على ذلك(6)، هكذا هو المنطق الأرعن لكل مجرم فاقد للحجة، متنصّل من فعلته القبيحة.

سريان تلك الإشاعة الباطلة والسخيفة، وهي بمقام رب عذر أقبح من ذنب، كما سرت إشاعة (بايدن) الحالية وهي متطابقة في خبثها ومكرها مع الرواية التاريخية القديمة، بأن من قصف المشفى هي المقاومة من الداخل وليس الجيش الصهيوني، تبرئة منه لما اقترفه هذا الجيش من فظاعة متجددة، وإلقاء المسؤولية على رجال المقاومة، تضليل اعلامي فاشل، دلّ على خرف هذا الرئيس المتصهين، وبعده عن التمييز بين ما يجب أن يقال واقعا، وبين التّخريف والهذيان الفاقد للمنطق والحجة.

لقد اثبتت الدول الغربية اليوم أنّها فاقدة لجميع القيم الإنسانية، وكاذبة إلى أبعد حدود الكذب، بل لا حدود للكذب عند هؤلاء، فمصالحهم أعمت عيونهم وأغلقت قلوبهم عن روية حقّ الشعب الفلسطيني المظلوم الذي تعاطفت معه شعوب عديدة غير عربية ولا مسلمة كالشعب الاسكتلندي وشعوب أمريكا اللاتينية، وهذه مواقف مشرّفة لهؤلاء الذين رفضوا منطق الدول المستكبرة، في فرض أحكامها على الدول المستضعفة، وحده يكفي لإبقاء مظلومية الشعب الفلسطيني قائمة، مدعومة من كل أحرار العالم حكومات وشعوبا.

حرّية التعبير التي كانت تتشدّق بها الدول الغربية، لم تعد موجودة على أراضيها، يكفي بأن تعبّر عن مساندتك للشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه، حتى تُعْتَبَر مخالفا ومعرضا للعقوبات المادية والبدينة، وهو ما يكشف عن وجه ظلم كان مخفيّا من قبلُ، وظهر بعد طوفان القدس، نعتبرها ردّة فعل غاضبة منحازة إلى جانب ربيبتهم إسرائيل، المنهزمة عسكريا امام قوى المقاومة المنطلقة من غزة المحاصرة، ونحن نعزيهم بحقّ على ما لحق مشروعهم الاستعماري، وهو ذاهب إلى زوال بإرادة وعزم الرجال.

  • فعلت دول الغرب وخصوصا أمريكا وبريطانيا، فلن تتمكن من وأد القضية الفلسطينية، بعدما وُجِد من أهلها، من آمن بأنّ السبيل الوحيد لكسْبها، يكمن في مقاومة محتلّ الأرض وإخراجه بالسلاح، سبيلا وحيدا لتحرير كامل الأرض، ولا سبيل غير ذلك كأوهام من دعا الى التفاوض وحلّ الدولتين، والغاية من ذلك اخضاع الجانب الفلسطيني للتفريط في حقوقه المشروعة، ليستسلم الى سلطة عبّاس وما جنته على الفلسطينيين ومقاومتهم، هكذا هو الحلّ الغربي المخادع والذي تدفع إليه دول عربية، لم يعد يعنيها الحقّ الفلسطيني في شيء.

 

المراجع

1 – مذبحة دير ياسين https://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – مذبحة خان يونس https://ar.wikipedia.org/wiki/

3 – مجزرة الشجاعية https://ar.wikipedia.org/wiki/

4 – مجزرة قانا 1996 https://ar.wikipedia.org/wiki/

5 – مجزرة مشفى المعمداني https://ar.wikipedia.org/wiki/

6 – سورة النساء الآية 155

7 – طبقات ابن سعد ترجمة عمار بن ياسر ج3 ص 260/ أنساب الأشراف البلاذري ص317 رقم: 385

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/10/19



كتابة تعليق لموضوع : طوفان الأقصى والعدّ العكسي لزوال إسرائيل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net