حين استشيط غضبا ويحترق جوفي غيظاً وأسفاً مما رأيتُ وأرى جمَّ التناقض والتفاوتِ والعبث في الحياة يستلذُّ التافهون برائحة الشواء المنبعثة من احتراقي
جوفي جحيمٌ كجوف الارض ملتهبُ
نيرانهُ حممٌ يرمي بها الغضبُ
فيها ولدنا كما آبائنا ولدوا
عنها سنمضي كما آبائنا ذهبوا
فما انتفعنا بمن جاؤوا ومن رحلوا
بل ساءنا إذ جنى أمٌّ لنا وأبُ
جئنا الحياة وكنّا قبلها عدماً
يا ليتَ آباءنا ذا الجرم ما ارتكبوا
دنيا تسيّدها في الشرِّ داهيةٌ
أمضى سلاحٍ لهُ في حكمها الشغبُ
والظلمُ ديدنها في الناسِ ما عدلتْ
لم يشتكِ الجورَ إلا الصفوةُ النجبُ
جمُّ التناقضِ والإجحافُ شيمتّها
فالوغدُ في دعةٍ والحرُّ محتربُ
دنيا رأتها عيون الناس صافيةً
لكن بعيني بدا في صحوها الكذبُ
وما العدالةُ ترجى عند منْ جبنوا
بل عند مَنْ بأسهمْ قد هابهَ العطبُ
والناسُ لو بذلوا في العزِ أنفسَهُمْ
ما استعبدَ الحرُّ أو أودى به السغبُ
وما استضامَ الخنى عفّاً وذا خُلُقٍ
ولا الطغامُ بخير الناس قد لعبوا
والناسُ صنفانِ صنفٌ صيغَ من ذهبٍ
وأكثر الناس فيها القشُّ والحصبُ
لا تعجبَنَّ إذا ما سادَ أرذلهم
فالناسُ بالتّفهِ المنحطِّ قد رغبوا
سقطُ المتاعِ على سطح الحياةِ طفا
والناسُ من عسجدٍ في قاعها رسبوا
بها المذاهبُ زادتْ من تفرّقنا
جلُّ الجرائمِ باسمِ اللهِ تُرتكبُ
*** *** ***
لا ينفع الناس عند الشدةِ الأدبُ
ولا المكارمُ والأخلاقُ والنسبُ
بل ينفع الناس ما حازوا وما اكتنزوا
لا يبتني المجدَ إلا من لهُ نشبُ
كم فاسدٍ مدّعٍ زوراً بموعظةٍ
إنّ السعادةَ لا يأتي بها الذهبُ
لو كانتِ الارضُ منهُ اليومَ خالية
فالناس في السلمِ أخوانٌ وما احتربوا
*** *** ***
هوى بنو آدمٍ للأرض أم خلقوا
منها فلم يعلموا ما أخفتِ الحجبُ ؟!!!
جاؤوا اليها عراةً كلّهم أخذوا
منها المساويء والأخلاقُ تُكتسبُ
والخير والشرُّ في جيناتهم زُرعا
والعِرْقُ والدِّينُ من آبائهم كسبوا
تعاضدُ الذئبَ والإنسانُُ تمقتُهُ
لمَ التناقضُ ما المغزى وما السببُ ؟!!!
تهوى الرعاعَ وتقلي كلَّ نابغةٍ
فكلُّ ذي أدبٍ باكٍ ومغتربُ
شتّى المهازلِ والاوهامِ سائدةٌ
منها اشتكى ذاهلاً مما رأى العجبُ
والتافهون بها يحيون في رفهٍ
وأكرمُ الناسِ من حرمانها شربوا
وما رأيتُ بها ذا فطنةٍ فرحاً
فالجهلُ مبتهجٌ والعقلُ ينتحبُ
شمسُ العراق اذا تبدو بلا ألقٍ
فلم تغبْ إنّما بالغيمِ تحتجبُ
يبقى العراق لنا تاجاً ومفخرةً
أمجادهُ لم تزلْ تشدو بها الحقبُ
ما بالُ قومي كأهلِ الكهفِ قد رقدوا
طال السباتُ وهل يجدي بهم عتبُ ؟!!!
لا تحسب الناس أحياءً إذا جهلوا
فآفةُ الجهلِ للأمواتِ تنتسبُ !!!
أمّابناةُ العلى من طول ما سهروا
فالليلُ من رهقٍ قد ضجَّ والتعبُ
لا يذكرُ الناسَ كالأحياءِ إنْ فقدوا
الا المآثرُ والإحسانُ والكتبُ
وزادني أسفا لمّا رأيتُ بها
شرُّ الطغامِ على الأكتافِ قد ركبوا
حثالةَ الناس قد أضحوا فراعنةٍ
وخيرة الناس فيهم يفتكُ العطب
ًفكلُّ ذي خلقٍ ظنّوا به خورا
لكنّما من طغى في الناس مُنتَجَبُ
لو المسيحُ هوى للأرض ينقذها
بدا له الناسُ كالماضينَ إذ صلبوا
لو الحسينُ أتى للطفّ ثانية
بدا له الشمرُ آلافاً قد انتصبوا !!!
سلّوا على وطني حقداً خناجرهم
واليوم في دمه الفوّار يختضبُ
بانتْ سرائرهم طرّاً بلا شرفٍ
وموطني كلُّهُ دامٍ ومُغتَصبُ
إنّي ارى وطني بيتي الكبير فهل
أرضى بهِ سارقاً ما شاء ينتهبُ
في موطني اليوم انماطٌ عباقرةٌ
فاقوا الطواغيتَ من بالأمس قد نهبوا
أضحى العراقُ لكلِّ العابثينَ بهِ
مأوىً ومنتجعاً في شعبهِ لعبوا
فما انتفاعي بشعرٍ زادني وجعاً
كأنّني أصطلي في ناره حطبُ
هل أرتجي العدل والإكرامَ في وطني
ولم أجدْ فيهِ إنصافاً لمنْ كتبوا ؟!!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat