صفحة الكاتب : صباح الطالقاني

عظمة التعويض الإلهي
صباح الطالقاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في اللحظة التي حطَّ بها الركب الحسيني رحاله في ارض كربلاء تحولت هذه المنطقة المقفرة التي لم يكن لها شأن سابقا الى ومضة خالدة الوهج بفعل بركة القرآن التي حلّت بها، فالليالي المعدودة التي قضاها الامام عليه السلام مع صحبه محاصَرين في تلك البقعة يصلّون لله ويتلون القرآن، كانت أصواتهم تشق الظلام الدامس الذي أحاط بهم من كل جانب (لهُم دوي كدوي النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد).

ورغم مرور نحو 1382 عاماً على تلك الأيام فإن نور الإمامة وبركة القرآن التي حلَّت بكربلاء حوّلتها الى نبع للثقافة القرآنية بل ان مرقد الإمام الحسين عليه السلام تحول بالفعل الى مركز اشعاع للثقافة القرآنية والمبادئ الإسلامية السمحاء.

ان هذا التلازم الأبدي بين الإمام الحسين عليه السلام والقرآن الكريم ليس بمستغرَب، اذا ما علمنا بأن هناك العديد من الصفات التي وشَّحت شخصية الإمام عليه السلام ولها تشابُه مع صفات القرآن الحكيم، فالقرآن جاء هدى للناس الى الاسلام وبيّنات من الهدى والفرقان. والحسين هدى للناس الى الايمان، وبيّنات من الهدى والفرقان بين اهل الحق والباطل، عندما عزم على محاربة الزيف والانحراف الذي طغى على امة الإسلام.

والقرآن الكريم ليلة نزوله ليلة القدر، والحسين ليلة ولادته نزل الملائكة بإذن ربهم لهذا الأمر بسلام من الله وتهنئة جاء بها جبرئيل للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله.

والقرآن الحكيم شافع لقارئه وحافظه والعامل بهديه، والحسين عليه السلام شافع لمن يزوره وينشر مظلوميته ويحزن عليه ملتزماً نهجه وخطّه الداعي للفلاح والنجاة.

والقرآن معجزة بأسلوبه وبمعانيه وبما جاء به من البينات، والحسين معجزة برأسه وبَدنه وبدمه وترابه، ولسانه الذي لهجَ بالقرآن حتى عندما كان رأسه على سنان الرمح.

والقرآن جديد لا يبلى ولا يُمل بكثرة التكرار، والحسين مصابه يتجدد وتتعمق معانيه، ولا يُمل بكثرة الذكر والتكرار انما يتزايد محبّوه وأتباعه.

والقرآن قراءته عبادة واستماعه عبادة، والحسين رثاؤه عبادة، والاستماع لرثائه عبادة، والجلوس في مجلسه عبادة، والبكاء له عبادة، وزيارته عبادة، وتمنّي الشهادة على أهدافه عبادة.

حتى اننا إذا ما تقصّينا أوجه الشبه بين سيد الشهداء عليه السلام وجدّه المصطفى محمد صلى الله عليه وآله نجد ان الحسين هو امتداد لشخص النبي على قوله:" حسين منّي وأنا من حسين". ومعنى ذلك يصبُّ في أطر متشعبة أوّلها، أن مقام الشفاعة الكبرى الذي وهبه الله تعالى لرسوله الكريم إنما هو لأسباب عديدة منها رِضاه عزوجل بشهادة سبط النبي وريحانته الحسين عليه السلام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صباح الطالقاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/09/05



كتابة تعليق لموضوع : عظمة التعويض الإلهي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net