الصبر القيادي.. السيدة زينب عليها السلام انموذجا
زينب محمد ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زينب محمد ياسين

القيادة سر تفوّق المجتمعات تحمل في طياتها مفتاح تجاوز العقبات وكسر قيود الأزمات، حيث يزخر تراثنا الإسلامي بمن جسدت القيادة ضمن اطارها الشامل، فكانت القيادة عندهم هي الاستعداد بتحمل عناء الدفاع عن الافراد والمجتمعات والصبر على الانفعالات والضغوطات والدرجة العالية من السيطرة على المشاعر والتحكم في توجيه الذات، فكانت علامة قيادتهم : العمل والأمل والبذل والصبر، فصبروا وهم شامخين وأصروا وهم متحدين على السلطة الدكتاتورية.
وما زينب عليها السلام الا نموذج للقادة السادة على مر الزمان ، كيف لا وهي نهلت من معين القيادة المحمدية واستقت من رحيق التجارب العلوية وأرتوت من فيض النهضة الحسينية، أي ان صبرها القيادي لم تخرج من سلسلة الأدوار القيادية للرسالة المحمدية واهل بيته الاطهار ، فكما كان صبر رسول الله جهادا في أحد وصبر علي عليه السلام جهادا في نهروان وصبر الحسن عليه السلام جهادا في صفين ، وصبر خديجة رضوان الله عليها انفاقا في سبيل الإسلام ، وصبر فاطمة عليها السلام دفاعا عن الولاية ؛ فأن صبر زينب كانت جهادا إعلاميا وتبينيا لمظلومية اهل البيت عليهم السلام ، ومن اجل ذلك قامت بدورها القيادي بكل جدارة ، فانطلقت بكل روح تواقة مفعمة بالعطاء ومتجشمة الصبرعلى اعباء تحمل المسؤولية عندما جمعت بين الصبر والقيادة ، فكانت النتيجة وقوفها الى جانب الحق والعدالة المتمثلة بالحسين عليه السلام الذي أراد قيادة حراك اصلاح علاقة الانسان بالإنسان، اذ ان محور الثورة الحسينية قائمة على ارتقاء الانسان الى رتبة الخلافة في الأرض وترجمة اهداف القران في واقع الحياة ، قال تعالى في سورة البقرة الاية (30) " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" والخلافة بالمعنى العصري تعني القيادة بجميع ابعادها ، فهي وقفت الى جانب اخيها في قيادة أمر سبايا ال الرسول التي لم تكن الا تصميما وإصرارعلى صبرها الحضوري أي انها كانت تصبر وهي في الميدان وليس صبرا سلبيا في التقوقع تحت رداء الخذلان، بل ان صبرها نابع عن بصيرتها النافذة التي زادتها صبرا، فقد كان بين الصبر والبصيرة عند السيدة زينب علاقة تبادلية، وعليه نستطيع ان نقول البصيرة أولى مقومات الصبر القيادي، فكلما كان الانسان أكثر بصيرة كان أعظم صبرا.
وفي ظل مايحاك ضد امتنا الإسلامية من مؤمرات للنيل من نموذجية السيدة زينب عليها السلام وبطرق شتى، كقائدة تحمل راية مواجهة أعداء الإنسانية ومنها اخراج عليها السلام من دائرة الاقتداء وجعلها مادة للبكاء. وعليه نحن امام مسؤولية الوقوف في وجه من ينال من البعد القيادي لها ، ونحن اليوم بأمس الحاجة الى الصبر القيادي الزينبي، لكي نبقى متحملين لمسؤولياتنا القيادية لهداية الناس مهما أحاطت بنا الابتلاءات في طريق تحمل الوقوف امام الطغاة من السلطة الحاكمة ، ولنا في زينبيات العصر خير مثال في تحمل اداوراهن القيادية بالصبر والوعي في تجاوز البلاءات الكبرى ، كبنت الهدى وهي تقف الى جانب الرجل تؤازره تنصره وتواصل مسيره في مواقف القوة امام المستكبرين بروح صابرة متحدية صامدة مضحية .
ختاما، تبقى زينب مدرسة القيادة ومحراب الصبر، والثأئرة التي استمرت في اكمال حركة الثورة بصبرها القيادي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat