صفحة الكاتب : محاسن غني النداف

غُربة الفكر العلوي وتغريبه
محاسن غني النداف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما تتطلع الى النجوم بعين تلسكوب سترى ما لا تراه عيون البشر! 
نفس الشيء سيحصل ان حاولت سبر اغوار البحار والمحيطات، سيندهش اللب ويحتار العقل من بديع الصنع وعظمة الخلق،  لكنها تبقى بمجملها مخلوقات ذات قدرة اضطرارية وليست اختيارية، 
اي انها مسيرة وليست مخيرة. 
لكن لمحة بسيطة الى عوالم علي بن ابي طالب الخفية ستطوي عجائب الكون في مندرسات الذاكرة،  استغراقا في عجائب اكرم المخلوقات على الله سبحانه بعد النبي الخاتم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الكرام . 
يقول المؤرخ كارلايل كاتب إسكتلندي  ومؤرخ: 
(جمرة النار الحارقة كان النبي محمد وعلي بن ابي طالب، وما يستطيع الناس تحمل هذا).1
ما معنى هذا القول؟
ربما يحمل قول هنري ستوب جوابا لسؤالنا:(.... كان يملك ابداعا وذكاء حادا. ولذا بدا غريبا على مجتمعه، لان الابداع لم يكن شائعا, لم يمتلك تلك العلوم التي تنتهي على اللسان، ولكن تلك العلوم والحكمة الخفية التي تمتد ولا تنتهي او تموت)2 
في احيان كثيرة تنبذ المجتمعات مفكريها وعمالقة الفكر  من ابنائها لانهم يسلكون سلوكا مغايرا لما الفوه، وان كان سلوكا عقلائيا، معرضين عن جنبات التميز والابداع، جهلا او حسدا،  وتلك كانت محنة امير المؤمنين (عليه السلام)، ابتدائا من احداث ولادته العجيبة وانتهائا بشهادته العظيمة. كان اعجوبة في كل شيء لكنهم تغافلوا وتغافلوا،حتى توهموا انطفاء ذكره في مهاوي التاريخ،   لكن العالم قرأ تلك الاعاجيب في مطاوي تغافلهم.   
فمثلا عندما امر على حادثة قبيلة همدان في اليمن وكيف انهم في يوم واحد دخلوا جميعا الاسلام على يد الامام علي عليه السلام،  في حين فشل من سبقه الى دعوتهم رغم مكثه ستة اشهر بين ظهرانيهم، اقرأ سلوكا عابرا للزمان والمكان،  سلوكا استقر في مرتكزات استيعاب المجتمع ومسارب اجتذابه! 3
 لذلك كان جمرة حارقة في عيون اعدائه فلم يحتملوه، ومبدعا خلاقا في عيون اصحابه فلم يفارقوه.
واليوم نحن شيعة امير المؤمنين لازلنا نعاني من قسرية الحرمان من هذا المعين الصافي، فلازلنا نقف  عند ساحل معرفتنا بالامير وتلك المعرفة الضنينة لم تتجاوز بنا عتبة العالم الثالث. 
لابد من تدارك الموقف وكسر اطواق الحصار الفكري فنحن اولى من الغرب الذي بات يستقي العلوم العلوية ونحن غارقين في جدلية الخلافة. 
فعهده عليه السلام لمالك الاشتر اصبح مصدرا معتمدا لتشريعات القوانين الدولية في الامم المتحدة اضافة الى نصوص اخرى من نهج البلاغة. 
لقد قرأه الغرب بأبجديات العرفان ومقننات الانتفاع من فكر حي لا يموت. 
اما نحن فنقرأه بابجديات المديح والحب في الولادة والرثاء والدموع عند الشهادة
اوليست جامعاتنا اولى بتدريس هذا السفر العظيم،  لا اقل ليطلع الجيل الناشىء على الفرق مابين القوانين المادية والقوانين الالهية. 
ان لم يفهم المجتمع مدركات فكر الامام علي عليه السلام وسياسته فلن يكون قادرا على استيعاب نهضة المنتظر القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف.
لان منهجية الامام (عليه السلام) انما هي ترجمة واقعية لمنهحية الحق سبحانه،  والدعوة الى معرفته انما هي دعوة الى معرفة التوحيد الخالص والايمان الراسخ والعقيدة الثابتة الداعية الى الموقف الحاسم فمجرد امتلاك الضريح لم يعد يكفينا! 

1,2الامام علي في اقوال مفكري الغرب.
3 سرية علي بن ابي طالب الى اليمن،  طبقات بن سعد ج2


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محاسن غني النداف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/08/22



كتابة تعليق لموضوع : غُربة الفكر العلوي وتغريبه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net