منظمة (شانغهاي) ومجموعة (البريكس) وسيلتي وقف الهيمنة الأمريكية
محمد الرصافي المقداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الرصافي المقداد

العالم في السنتين القادمتين، على نهاية الرّبع الأول من القرن الواحد والعشرين، بعد مرور قرن فائت من الحروب الطاحنة والإستعمار الإستيطاني، والتحولات السياسية الكبرى في حياة شعوب العالم، تركت آثارها على جميع الدول، تراوحت بين السيئة والأكثر سوءً، وهي إلى حد اليوم، لا تزال تنشد تحسنا وتحولا من حالها السيئة إلى حال أحسن، دون أن تتمكن من تحقيق ذلك عموما، بلد واحد ملك القدرة على التنمر على بقية الدول، والسيطرة عليها سياسيا واقتصاديا، وإرهابها عسكريا هي أمريكا، مع أن تاريخ تأسيسها ونشأتها معروف لدى الخاص والعام، ومليء بالجرائم التي اقترفها الأوروبيون المهاجرون إليها، مغامرين بالإثم والعدوان على السكان الأصليين، وقد فاقت جرائمهم حدّ الإبادة الجماعية(1)، وهي من كثرتها يجب أن لا تَنساها الشعوب المتضررة أبدا، وتستحضر مآسيها كل مرّة، ليعرف العالم من هي أمريكا، ولماذا تقف كنظام استكباري عنصري مليء بالمساوئ، دائما حجر عثرة في طريق تحرر الشعوب وانعتاقها من هيمنتها.
أمريكا التي أخذت ساستها المتعاقبين مشاعر العزّة بالإثم، بخططها الإستعمارية الرّامية إلى استعباد دول وشعوب العالم بأسره، مهيمنة عليها اقتصاديا وسياسيا، باسطة نفوذها عليها بواسطة حكام رضوا بأن يكونوا تحت رحمتها بما ملك قلوبهم من مهابتها والخوف منها، ولم يسلم من عاهة هيمنتها سوى دول قليلة لم ترضى بأن تكون عبْدة سيطرتها محلّ استغلالها، والأحرار عادة ما تكونة مواقفهم من الإستعباد والسيطرة مبدئية لا تقبل التحويل، سجيّة ليست متاحة إلا للشعوب التي ترفض بأن تكون تحت رحمة أي دولة مستكبرة مثل أمريكا، وهي شعوب خاضت حركاتها التحررية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، معروفة في العالم مثل كوبا وكوريا الشمالية وإيران وفنزويلا.
ولم تتأسس مجموعة دول (البريكس )( البرازيل / روسيا / جنوب افريقيا /الصين / الهند )(2) وتتطور أداء وأعضاء، إلا بعد أن ضاقت ذرعا من تصرفات أمريكا السياسية والاقتصادية، ووفقت على حقيقة أن هيمنة أمريكا على العالم بواسطة عملتها الدولار، لتتقوى به كسلاح مالي اقتصادي، على ضعفه ووهن قيمته الحقيقية، لم يعد بالإمكان مواصلتها، وهو الذي تعرّى في قيمته الحقيقية من الذّهب، بحيث كاد يكون صفرا باحتياطي الذهب مقابلها، ويبدو أن هيمنة الدولار التي فرضتها الخزانة الأمريكية على العالم، ملوحة بالعقوبات والتدخلات العسكرية قد بدأت في الزوال، بسبب إطلاع الشعوب الحرّة على قيمة الدولار الحقيقية، وما تأسست مجموعة (بريكس)، إلا من أجل قيام نظام عالمي جديد، يوقف هيمنة الدولار على العالم، ويفتح المجال أمام عدالة عالمية، تقف فيها دول العالم في تعاملاتها وسياساتها على قدم المساواة، بما يمنحها ذلك من حقوق، لم تكن بلغتها بتعاملها بالدولار.
مجموعة (البريكس)، بما تحمله من قوة بشرية عمالية هائلة، وسوقا تجارية بلغت نصف سكان العالم تقريبا (3)، وما حققته من نجاحات اقتصادية وسياسية، دفعت دول عديدة أخرى، إلى تقديم طلبات عضوية ضمنها، تعاونا معها واحتماء بها من الجشع الأمريكي والأوربي (4)
في تعاملات من شأنها أن تنهي كابوس هيمنة الدولار الذي فقد قيمته الحقيقية من زمان، وقد حان الوقت لينتهي اضطهاد واستصغار العملات الأخرى في مقابل الدولار، خصوصا عملات الدّول التي أعلنت خروجها عن الطوع الأمريكي، وبدأت بشقّ طريق تحررها من الهيمنة الأمريكية سياسيا، تتوق بواسطته إلى خروجها من تأثير الدولار على اقتصادها.
وبعد أن حصلت إيران على عضويتها الدائمة في منظمة (شانغهاي) بتاريخ 4/7/2023 (5)، بعد اقتناع أعضائها السابقين بدورها الحاضر والمستقبل في بناء عالم خال من الأحادية القطبية، تسود الحرية والعدالة بين دوله وشعوبه، تقدّمت منذ أكثر من سنة بطلب للحصول على عضويتها في مجموعة (البريكس) وتبدو حظوظها وافرة، في نوالها ثقة دول البريكس المشار إليها في هذا المقال، بعد أن حازت عليه في منظمة شانغهاي، ودعم جنوب افريقيا التي لزعيمها علاقات جيدة مع الثورة الإسلامية الإيرانية، حيث سجلت تاريخيا مناصرتها لحركة تحررها من النظام العنصري، وكانت أول زيارة قام بها الزعيم (نيلسن مانديلا)(6) بعد خروجه من السجن، وسقوط النظام العنصري كانت إلى إيران، لتقديم خالص شكره إلى النظام الإسلامي على ما بذله من جهود سياسية، من أجل تحرّر الشعب الجنوب أفريقي(7) ولا يمكن لدولة حرة كجنوب افريقيا أن تنسى جهود إيران التي بذلتها بإخلاص وتفان، من أجل فرض حق تحررها من نظامها العنصري البادئ، وسيكون ثقل الصين وروسيا في دعم انضمامها إلى مجموعة (بريكس)، كما حصل من قبلّ في دعمهم لها، للحصول على عضويتها في منظمة شانغهاي.
ويستمر سحب البساط من تحت أقدام الاستكبار الأمريكي من أجل انهاء هيمنة دولاره واقتصاده الكاذبين على دول العالم، ولا أعتقد أن هذا المسعى سيمضي دون مشاكل، ذلك أن الطبع العدواني، الذي طغا على سياسته، قد يلجئه في مرحلة ما، إلى استعمال أدواته القذرة التي عادة ما يلجأ إليها، وهي العدوان والحرب بالوكالة، كما تحصل هذه المدة بأوكرانيا، في محاولة متعمدة لضرب أمن واستقرار روسيا، بالتصاق حلف الناتو بحدودها الجنوبية الغربية، وهي إلى حد اليوم فاشلة تماما، ولم تحقق شيئا مما كانت تأمله أمريكا والدول الغربية الحليفة لها، من هزيمة الروس وفرض تموقعهم بأوكرانيا بالقوة.
- الحرب المباشرة التي قد توقع أمريكا نفسها بها فهي مستبعدة في شكلها التقليدي، والجيش الأمريكي الذي عُرِف من قبل بهمجيته في الحرب باستعمال الأسلحة المحرّمة، قد يلجأ في نهاية المطاف وفلتان زمام التحكّم من بين يدي قادته إلى إعادة تكرار ماساة هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين في محاولة أخيرة لإرهاب العالم، وهذا لن يمرّ دون أن تكون له تداعيات خطيرة على أمريكا نفسها، فليست وحدها من يمتلك السلاح النووي، وهناك دول على أتمّ الإستعداد والحذر من سياساتها العدوانية، سوف تهاجم أمريكا قبل أن تتمّ مهاجمتها، لعلمها بأن الدّور سيأتي عليها، إذا لم تتحرك لاستباق الضربة المحتملة، وإن كنت من المعارضين لاستعمال الأسلحة المحرمة، لأنها إسلاميا غير جائزة، لما ستخلفه من قتل للبشرية دون تمييز، إلا أنها في صورة حصول العدوان الأمريكي بها - وهو أمر محتمل للسّجلّ التاريخي الأمريكي السيء - ستفتح مجال الردّ الإسلامي على مصراعيه (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدى عليكم ) (8)، والعالم على تحضره وعلومه ومعارفه يسير قسرا نحو حرب مدمرة، قد تتسبب فيها العقلية الإستكبارية الأمريكية، وعلى دول العالم المتحرر من الهيمنة الأمريكية أن تتضامن مع بعضها، لمنع حصول الكارثة، سواء بالسياسة أو بالحرب، ولا خيار آخر لوقف العنجهية الأمريكية.
المراجع
1 – جرائم حرب أمريكية https://ar.wikipedia.org/wiki/
2 – البريكس https://ar.wikipedia.org/wiki/
3 – بريكس https://www.marefa.org/
4 – جنوب أفريقيا تعلن طلب 22 دولة الإنضمام إلى تكتّل بريكس الاقتصادي
5 – إيران عضوا في منظمة شانغهاي للتعاون بشكل رسمي
https://sputnikarabic.ae/20230704/
6 – نيلسن مانديلا ://ar.wikipedia.org/wiki/
7 – موعد انضمام إيران إلى بريكس يقترب
8 – سورة البقرة الآية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat