نزولا عند رغبة شقيقي الحبيب الاديب اللامع والشاعر المبدع الدكتور فارس عزيز مسلم الحسيني في نشر قصيدتي وهيأراء استقيتها من تجاربي الشخصية في الحياة وليس تأثرا بمذهب من مذاهب الفلسفة ونعم المعلم للإنسان مدرسة الحياةفي خيرها وشرها وسرورها وآلامها ولا تقلُّ شأناً عن مدرسة العلوم والآداب
ما افتخارٌ لكَ إِنْ كُنتَ سَوِيًّا
إنّما الفخرُ لِمَنْ كانَ قويًّا
منْ لهُ الدنيا جميعاً خضعتْ
وعلى الإذلالِ قد كانَ عصيَّا
وَلِمَنْ كانَ جسوراً فاتكاً
يركبُ الهولَ إذا كانَ طميّا
لم يُعِرْ سمعاً لأفواهِ الورى
يغنمُ اللّذاتِ صُبحاً وعشيّا
ولمنْ ما هانَ أو ذاقَ الأذى
في ظلالِ العزِّ حُرّاً يَتفيّا
مَنْ سَمتْ همّتُهُ نحوَ العُلى
ليس منْ يحملُ قلباً عاطفيّا
قد حباهُ اللهُ مِنْ دونِ الورى
قلبَ ليثٍ ورواءً آدميَّا
ولِمَنْ ما مدَّ يوماً كفَّهُ
حيثُما كانَ عَنِ الناسِ غنيّا
لم يقفْ ذُلّاً على أبوابِهِمْ
أو يُرقْ هدْراً لهم ماءَ المُحَيّا
إنّما الفقرُ امتهانٌ طالما
أنزلَ الفقرُ منَ النجم السريّا
*** *** ***
لنْ ينالَ الحقَّ يوماً خائفٌ
لاذَ بالصمتِ هواناً ليسَ عِيّا
لم يقفْ كالسيفِ في وجهِ الخنا
أو يزلزلْ صوتُهُ العالي الدَّعيّا
فإذا كُنتَ ضعيفاً فاتّخذْ
نفقاً في الأرضِ أو كهفاً قصيَّا
كلُّ مَنْ يحيا بذلٍّ ميّتٌ
إنّما بالعزِّ يبقى المرءُ حيّا
ما احتمالُ الضيمِ أو ذلِّ الشقا
لكَ فخرٌ بلْ إذا كنتَ أبيّا
لم تكُ القوةُ الا رفعةً
يعتلي المرءُ بها المجدَ السَّنيَّا
حُلَّةُ القوّة أزهى حُلّةٍ
يزدهي فيها ويسمو مَنْ تزيّا
مبدأُ القوةِ في عالمِنا
سادَ قُدْماً وسيبقى أبديّا
لَمْ يكنْ رأياً ولا فلسفةً
إنّما كان وجوداً بشريّا
*** *** ***
لم يكنْ بالسعي تحقيقُ المنى
بلْ بحظِّ المرءِ لو كانَ غبيَّا
لا أرى القانعَ إلا عاجزاً
حينَ لا يملكُ في كفَّيهِ شيَّا
لبسَ الزهدَ قناعاً واقياً
وبَدَا للنّاسِ إنساناً نقيَّا
قلَّةُ الحيلةِ لا أخلاقُهُ
جعلتْ منهُ قنوعاً ورَضِيَّا
لم تكُ الأخلاقُ إلا خدعةً
يتَّقي الواني بها الشاكي الكميّا(1)
فهي لا تدفعُ ضُرّاً أو أذىً
لا ولا يَجْني بها العيشَ الرّخيّا
فملوكُ الغابِ هُمْ آسادُها
دونَ كدٍّ تغنمُ العيشَ الهنيَّا
وترى الارنبَ فيها خائفاً
يرقبُ الاخطارَ في جحرٍ شقيّا
*** *** ***
لاتثقْ بالنّاسِ أو تأْمَنْ لهم
قلمّا فيهم ترى خِلّاً وفيّاً
فعلى المَكْرِ جميعاً جُبِلوا
لستُ أستثني فقيراً أو غنيَّا
فترى الماكرَ أرخى لحيةً
يخدعُ الغرَّ ويصطادُ الغبيّا
لبسَ العمّةَ كي يحظى بها
مغنماً سهلاً وجاهاً دنيويّا
يدّعي الايمان لكنْ لم يكنْ
في عباداتهِ الا وثنيّا
صارَ دينُ اللهِ جسراً للغنى
من تردّى زيّهُ أمسى ثريا !!!
لايغرّنّكَ وجهٌ باسمٌ
أخبثُ الشرِّ إذا كانَ خفيّا
قُتِلَ الإنسانُ ما أكفرَهُ
حيثما كانَ بدا الشّرُ جليًّا
كلُّ انسانٍ على ظهرِ الثَّرى
ضمَّ في داخلهِ ذئباً ضَرِيّا
فهو قد يخفيهِ خوفاً لا تُقىً
وهو يبديهِ إذا كانَ قويَّا
إنَّما الدنيا شرورٌ كلُها
زادَها الانسانُ إجراماً وغيَّا
غلبَ الشرُّ قوى الخيرِ بها
وكذا الجاهلُ قد ضام الذكيّا
لا تكنْ بالشرِّ غرّا هازئاً
إنَّ للشرِّ ذكاءً عبقريّا
لفناءِ الأرضِ والنَّاسِ معاً
صنعَ اليومَ سلاحاً نوويّا
لم تغيّرْهُ رسالاتُ السما
وكأنَّ اللَّهَ لم يبعثْ نبيّا !!!
*** *** ***
قد أتى دنياه كرهاً مجبراً
ليس يدري كانَ عفّاً أم دنيّا ؟
وهو لا ْيدري ولا ندري به
كيف فيها صار جبّاراً شقيّاً ؟!!!
قد أتاها جاهلا ما كنهها
سرّها لمّا يزلْ لغزاً خفيّا ؟!!!
*** *** ***
لم يكُ الانسانُ إلا ظالماً
بارتكاب الجرمِ قد كان حفيّا
ومنَ الإجرامِ والظلمِ غدا
يتلاشى ظلُّهُ شيئاً فشيّا
كم صراعٍ خاضهُ في مطمعٍ
واكتوتْ في نارهِ الأحياءُ كيّا
ليسَ في الخَلْق نفاقٌ مثلما
هو في الانسان قد كان غويّا
هو في الحرب كوحشٍ في الفلا
ويُرى في السلمِ إنساناً بريّا !!!
عالم الحيوانِ أسمى رُتبةً
وارتقاءً منهُ لم يأتِ فريّا
لا نرى فيهِ حسوداً حاقداً
مظلمَ القلبِ وفظّاً عنجهيا
أو نرى فيهِ زعيماً طاغياً
يقتلُ الناسَ بلا ذنبٍ عتيّا
عالمُ الانسانِ ما أفسدَهُ
لا أرى فيِهِ امرءاً برّاً تقيّا
والى حتفهِ يسعى مسرعاً
كدتُ من أهليهِ غيظاً أتقيّا
*** *** ***
لم تكُ الدنيا بنا عادلةً
تجتوي الحرَّ وتعتامُ البغيّا
لم يكُ المغبونُ إلا شاعراً
مرهفَ الإحساس أوّاهاً شجيّا
صادقَ القلبِ عراقي الهوى
قد تغنّى فيه حبّاً وطنيّا
ضمَّ في أضلاعه جمر الأسى
وبدا وجههُ بسّاماً بهيّا
يحملُ الكون على أكتافه
كاد في آلامهِ يغدو نبيّا
عاشَ يسقي الناس عذباً باردا
ويبيتُ الليلَ حراّنَ ظميّا
آثر العزلةَ يحيا وحدَهُ
غارقاً في الهمِّ مذ كان فتيّا
لَمْ يكنْ جرمُهُ في الدُّنيا سوى
أنَّهُ كانَ نبيهاً لوذعيّا
ليتَ شعري نعمةٌ أم نقمةٌ
يولدُ الانسان فيها ألمعيّا ؟!!!
رزاق عزيز عزام الحسيني
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat