مرحلةُ ما بعد الطف وبطولةٌ أخرى
صالح المحنه
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صالح المحنه

مرحلةُ ما بعد الطف والواقعة الدموية في كربلاء ...كانت مرحلة مأساوية لما تحمل من تركةٍ ثقيلة وكم هائلٍ من الوجع والألم ، تكدّسَ على كاهل عقيلة الهاشميين السيدة زينب عليها السلام ، رائدة وقائدة مسيرة الخلود الكربلائية بعد إستشهاد أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، وهذا الدور للسيدة زينب ع لا يقل أهمية عن دور الأبطال الذين قضوا في ساحة المعركة مضرجين بدمائهم ، بل كانت المسؤولية مضاعفة حيث المحطات التي تمر بها السيدة زينب والتي تحتاج إلى تجلّد وصبرٍ وشجاعة، فكانت عليها السلام كسفينة تشق طريقها في بحر متلاطم الأمواج وفي ظلام حالك ،حيث القرود والخنازير البشرية تتراقص على ضفاف ذلك البحر بين شامتٍ ومتشفٍ بما جرى على آل بيت النبي ص وهم لا يزالون يعتقدون به رسولهم! ومع كل هذه المواقف الشديدة القسوة على قلب أقوى الرجال ، لم تفت في عضد السيدة زينب ولم يسجل التاريخ لها موقفا فيه من الضعف والإنكسار مايدعو الى التباكي والتأثر عليها ، بل كل مواقفها موضع فخر واعتزاز ، لقد سجلت السيدة زينب للتاريخ و للإنسانية و الصبر والإباء..والشجاعة والعفة.والعنفوان والشموخ .مثالاً سيبقى الدهرُ منحنياً له أبد الآبدين...أي موقف وأي دور كان لزينب؟ وكل مواقفها كبيرة..أي إمرأة وأي مفجوعةٍ تفقد كل أهلها ..إخوتها ...أولادها ...إمامها..بنو عمها..مع إرثٍ ثقيل من عشرات الأطفال والنساء ...يحيط بها ويتقي بظِلها....أي تركة هذه؟ وأي مسؤولية عظيمة؟ ومع جسامة هذا العبء.. وتلك الأجواء الملبدة بحمرة الدم...تخرج هذه الصابرة العظيمة بعد قتل جميع رجالها ، الى ساحة المعركة تتخطى بين الأجساد حتى تصل إلى جسد الحسين عليه السلام ..المرصّع بالسهام والممزق بالسيوف وطعنات الرماح تقف شامخة ترمقه بنظراتها.....ثم ترفع رأسها الى السماء على مرأى ومسمع من أذلة القوم القتلة...و تقول بكل ثبات اللهم تقبل منا هذا القربان..!.أي شموخ وأي إيمانٍ راسخٍ هذا الذي نراه؟ اي مستوى من التقوى تتجلى في نفس هذه المرأة الكبيرة؟منظر الأجساد الطاهرة ،يتوسطها جسد الحسين عليه السلام ..يهد الجبال..فكيف بقلب إمرأة ثُكلت بجميع أهلها؟ وفُجعت بأرضٍ بعيدة عن وطنها؟..ولكن لن تطول حيرتك فهذه زينب بنت علي بن ابي طالب.. التي أدت دورها الرسالي بكل قوة وثبات لتواصل طريق الحسين.ففصول كربلاء لن تكتمل ما لم تؤدي دورها الذي أوكله إليها الحسين ع . واستمرّت مواقفها الشجاعة في إسكات أعدائها بالحجة وقوة البيان ووضوح المعنى ...ولاترى أي قيمة للمخاطَب إن كان يزيد الخليفة الفاسق ، أو عماله المأجورين، بل كانت تحتقرهم وتستصغر قدرهم ..وأخيرا ألا يحقُ لنا أن نفتخر بهذه البطلة والتي يفخر بها الإسلام والتأريخ والإنسانية...؟ لماذا يفتعلون زينبا أخرى مكسورة محزونة باكية تأن من ضربات الشمر ويصادرون منها لقب بطلة كربلاء؟ لا أدري مَنْ يسمع ومَنْ يُجيب؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat