الإمام الكاظم "ع" والغنى الحقيقي
تبارك صباح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تبارك صباح

عملت الأنظمة السلطوية على عزل أئمة أهل البيت عليهم السلام ليعيشوا الغربة والاغتراب الروحي
سجن الامام الكاظم عليه السلام وعزل عن المجتمع وكان الامام سلام الله عليه يعرف تماما مبتغاهم، فهم يريدون زرع اليأس من خلال العزلة القسرية، لذلك كان يخلق الألفة النفسية مع الله سبحانه في مناجاته وأدعيته، فهو عمل على خلق نظام فكري عقائدي وثقافة مواجهة حقيقية مع أشرس الأنظمة
السؤال الذي لابد منه ليكون مفتاحا من مفاتيح الرؤية، ما الذي يرعب حكومة وعرش وجيوش من رجل قابع في سجنه
الجواب مقدرة الإمام الكاظم على المواجهة وتقديم الإسلام كبديل فكري وثقافي وحياتي ليغزو أثره المجتمع فينقاد للإيمان بالله، والإيمان بالحق والعدل، فهو عليه السلام يعلم الناس أن لا يثقوا بأي عمل وأن تزكى ولا بنجاة وان صلحت إلا بولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام، والولاية تعني الثورة ضد العروش الباغية
يعلمهم معنى التفويض الإلهي، والتفويض الإلهي يرتبط بحياة الإنسان المؤمن ارتباطا وثيقا، والتفويض يعني تفويض الخالق عز وجل لأهل البيت عليهم السلام، بإدارة أ مور العالمين، والإيمان بتفويض العبد أمره لمولاه والتسليم
والذي يهز العروش ويرعبها هو أن دعاء المعصوم يصبح منهجا حياتيا وعقيدة تؤسس للوعي الإنساني الكامل، والتفويض التسليم وطاعة الله، والسلطات الحاكمة ترى هذه الطاعة هي كسر لشوكة العرش،
الإمام موسى بن جعفر عليه السلام يعلم أن مبلغ علم الإمام المعصوم هو التأثير في الناس ، ورغم السجن والعزلة وفرض الغربة عليه فهو يرى أن الدنيا تحت طاعته وله ما فوض الله إلى النبي صلى الله عليه وآله، لقوله تعالى (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) سورة الحشر 7 ، القضية التي يسعى لها الإمام الكاظم "ع" هي العمل على تحقق القرب من الله تعالى، والبلوغ في السير اليه، لتحقيق الإرادة، نسمع اليوم بعض أهل الحكمة يقولون مشكلتنا تكمن في الابتعاد عن الله سبحانه وتعالى، بمعنى أن ما أتى الله به ضمروه وأظهروا النظم الوضعية في التعامل التربوي وإدارة الحكم، لذلك آمن الإمام عليه السلام بضرورة إنماء الفكر والتفكير ، وبناء الإنسان بناءً علميا، وهذا يعزز رشد المجتمعات الإنسانية، لذلك ركز على بناء العقل والفهم والوعي ومحاربة الجهل وهذا ما تخشاه العروش
القرآن الكريم ذم الذين لا يعملون عقولهم، لو سألنا أنفسنا كيف تحمل الإمام الكاظم "ع" غربة السجن وعزلته، والإمام هو الذي يعلم الناس أن علامة قوة العقل هو الصبر على الوحدة واعتزال أهل الدنيا والرغبة فيما عند الله تعالى
وكان الله أنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة، وبما أن الإمام عليه السلام يركز على العقل وأهميته ومكانته وفضله وشرفه، وضرورة أن يكون بناء المجتمع مرتكزا على تنمية العقل وهذا النضوج الفكري هو الذي يرعب الحكومات في كل زمان كان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat