شعائر عاشوراء وجماعة الحداثة ومهرجان الطماطة!
الخطيب الحسيني الشيخ علي الخفاجي

ها قد حل شهر المحرم ناشرا أريج الحزن المقدس في الأرجاء والاجواء لتمتلأ بضوع عطره الصدور وتنكسر لفاجعته القلوب فتكون أقرب الى ﷲ تعالى وهو سبحانه عند المنكسرة قلوبهم ، وتكون الصق بالعقيدة المحمدية الحقة التي سقيت بذرتها بأقدس دماء .
ولقد جرت العادة في غالب الأعوام أن يبرز بعض أدعياء الحداثة عضلاتهم الحداثوية على شعائر عاشوراء التي لايتفاعلون معها عادة كما يتفاعلون مع المهرجانات الشعبية الأقل شأنا منها التي تجري في العالم ، كمهرجان الالوان أو مهرجان الطماطة والتي يغطونها إعلاميا بوصفها فلكلورا إنسانيا يبرز ثقافات الشعوب٠ 
ومع أن ابواب النقد والنقاش مشرعة للجميع لاسيما لهؤلاء الذين عادة مايهرفون بما لايعرفون ويطلقون الأحكام على ما لايفقهون ، فإن من حقنا ولوج باب النقد والنقاش المشرعة لنقول بأن أدعياء التحديث والتطوير هؤلاء لاتكاد تسمع صرخاتهم وعويلهم لتحديث المناهج العلمية والبحثية في مؤسسات ومراكز البحث والتعليم والتربية ، وكأنهم لايجدون مايستحق التحديث والتطوير إلا الشعائر فيرددون على ألسنتهم أكثر المفاهيم التباسا وجدلية وهو مفهوم الحداثة ، في محاولة لتوظيف هذا المصطلح لغايات آيديولجية وبراگماتية نفعية غير نزيهة، واستثماره لايصال رسائل موجهة الى فئة الشباب خصوصا لإعادة ترتيب أولويات هذه الفئة المستهدفة لحساب الطرف الآخر المقابل للدين والقيم الأخلاقية في ميادين الاحتدام الحضاري المستعر بين الشذوذ والعفة ، وبين الانحراف والاستقامة ، وبين  التحلل والالتزام  والتوازن والانفلات ، مستغلين آليات العولمة الثقافية المتاحة للجميع في محاولات تسريب هذه المفاهيم والمصطلحات بصورة مشوهة الى منطقة اللاوعي عند الشباب ، غير أن شبابنا بحمد ﷲ ومهما عملت المعاول على هدم الأخلاق والفضيلة واختراق الحصن لتسريب أمواج الفتن والرذيلة كقطع الليل المظلم ، ما أن يحل شهر المحرم حتى تلوح سارية سفينة الحسين(ع) لأنظارهم  بعاشوراء جديد ، فيضيء مصباحها وسط ظلمات البحر مشيرا لهم بالركوب فيبطل ﷲ تعالى بالحسين (ع) مكر الماكرين وتدبير المفسدين . 
ومن الظريف والغريب أن جماعة (الحداثة) من منتقدي الشعائر ينظرون الى ممارسات الشعوب الأخرى - الدينية منها والاجتماعية - بنظرة إيجابية ، أو على الأقل بحيادية من باب احترام ثقافات الشعوب وتراثهم  وخصوصياتهم ، والتي من المفروض أن تتحلى بها مدرسة (الحداثة) كما يدعي أصحابها من احترام التنوع وتعدد الثقافات ، لكن حينما تصل القضية الى الشعائر الحسينية- وهي شعائر روحية تربوية- تخرج عن كل هذه العناوين ويتعاملون معها بسخرية واستخفاف ، والاغرب والاكثر ظرافة من ذلك أن هؤلاء يبدون الاحترام لتراث وثقافات الشعوب في التعبير عن افراحها واحزانها في الوقت الذي قد تنطوي تلك الثقافات على أغرب الممارسات التي يصل بعضها الى حد التنافي مع الفطرة والعقل ، ورغم ذلك لايرون فيها مايتنافى مع العصر والمدنية كما يحكمون بذلك على الشعائر الحسينية ! والحكم على مثل هذه النظرة الازدواجية غير النزيهة متروك للقاريء الكريم .

- الخطيب الحسيني الشيخ علي الخفاجي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الخطيب الحسيني الشيخ علي الخفاجي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/07/15



كتابة تعليق لموضوع : شعائر عاشوراء وجماعة الحداثة ومهرجان الطماطة!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net