هل سلمت اخبار مقتل مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) من التحريف؟
د . السيد حسين البدري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . السيد حسين البدري

لقد قطع المحققون بوقوع التحريف في قصة مسلم بن عقيل ولكن اختلفوا في مواضع ذلك ومقداره.
1. المحقق السيد عبد الرزاق المقرم قطع بوقوع التحريف في نسبة سيد الشهداء الجُبن الى مسلم بن عقيل(1) حين استعفاه من المهمة التي اسندها اليه وارساله الى الكوفة.. وكان تشخيص المقرم قائم على تحليل شخصية مسلم بن عقيل يقول رحمه الله: «فإنّ المتامّل في صك الولاية الذي كتبه سيد الشهداء لمسلم بن عقيل لا يفوته الإذعان بما يحمله من الثبات والطمأنينية ورباطة الجأش ، وأنه لايهاب الموت ، وهل يعدو بآل أبي طالب إلّا القتل الذي لهم عادة وكرامتهم من اللَّه الشهادة ؟ ولو كان مسلم هيّاباً في الحروب لما أقدم سيد الشهداء على تشريفه بالنيابة الخاصة عن التي يلزمها كلّ ذلك. فتلك الجملة التي جاء بها الرواة، وسجلها ابن جرير للحطّ من مقام ابن عقيل الرفيع متفككة الأطراف واضحة الخلل، كيف وأهل البيت ومن استضاء بأنوار تعاليمهم لايعبأون بالطيرة ولا يقيمون لها وزناً».
ثم يبدي السيد المقرم عجبه قائلا: «وليس العجب من ابن جرير إذا سجّلها ليشوّه بها مقام شهيد الكوفة كما هي عادته في رجالات هذا البيت، ولكنّ العجب كيف خفيت على بعض أهل النظر والتدقيق حتى سجّلها في كتابه، مع أنه لم يزل يلهج بالطعن في أمثالها ويحكم بأنها من وضع آل الزبير ومن حذا حذوهم»(2).
2. المحقق الشيخ باقر شريف القرشي أيضا قطع بوقوع التحريف في هذه الرواية ولكن ليس في نسبة الجبن فقط بل في كل الرواية عن طريق تحقيق في مضيق الخبت الذي تحدثت عنه الرواية فهو يقع ما بين المدينة ومكة وليس بين المدينة والعراق والرواية تنص على استيجار الدليلين من يثرب ومن هناك الخروج للعراق. ولم يذكر الجغرافيون العرب مكان بين المدينة والعراق بهذا الاسم، ولو كان يوجد هكذا مكان بين المدينة والعراق ومسلم قد توقف مسلم فيه ليرسل رسالة الى الحسين (ع) وهو في مكة وينتظر رجوع الجواب فلا يتلائم مع ما ذكره المؤرخون من مدة سفر مسلم الى العراق وهي عشرون يوما وي اقصر مدة للسفر بين المدينة والعراق فان ذهاب الرسول الى مكة والرجوع الى ذلك المكان يستغرق عشرة أيام في اقل التقادير، وهكذا يناقش القرشي رحمه الله نسبة الجبن الى مسلم بتحليل شخصية مسلم كما صنعه المقرم، ويضيف قول البلاذري البلاذري فيه : «إنه أشجع بني عقيل وأرجلهم» (أنساب الأشراف 2 : 836).(3)
3. الشيخ عقيل الحمداني، حيث كتب مقالا بعنوان نصوص لا تصح في دراسة سيرة مسلم بن عقيل، ذكر عدة اثارات موضوعية في النص الذي يذكر دخول مسلم الى بيت طوعة، حيث لا يتلائم هذا الخبر الذي يذكر مشي مسلم في الكوفة ووصوله عن طريق الصدفة الى بيت طوعة وجلوسه هنا مع عيش مسلم في الكوفة خمس سنوات ومعرفته بجغرافية الكوفة ووضعها الاجتماعي وضياع مسلم امر ضعيف جدا. وأيضا الدينوري يذكر نص يتميز به عن سائر الاخباريين «وكانت ممن خف مع مسلم فاوته وادخلته بيتها..) وخف أي انقاد وهو يكشف عن وجود معلومات أخرى لم يذكرها التاريخ او حرفها الرواة.(4)
والسؤال هل توقف التحريف في روايات قصة مسلم بن عقيل الى هذا الحد او اننا بحاجة الى تحقيقات أكثر...
يرى العلامة السيد سامي البدري ان مسلما لم يرسله الحسين (ع) للتحرك واخذ البيعة، بل ارسله للتحقق من آراء الناس وتهيأ الظروف، واخبار الشيعة في الكوفة بمجيئه وما تنطوي عليه خطة الحسين (ع) للتحرك (5)، وتهيئة الامر سرا لا علنا... وقد عرف عن العلامة الاحتياط الشديد في قصة مسلم بن عقيل لانه قطع انها تعرضت الى الدس والتحريف من قبل ما يصطلح عليه بالاعلام العباسي الذي استهدف تشويه النهضة الحسينية وتصوير فشل واخفاق الامام الحسين (ع) في اصطحابه للنساء وفي اختياره الكوفة مركزا للتحرك والنهضة، ومن جانب آخر ضرب وتشويه تاريخ الكوفة عاصمة التشيع.(6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الطبري، تأريخ الطبري ج3: 278، المفيد، الإرشاد: 204، الدينوري، والأخبار الطوال: 230.
2 السيد عبد الرزاق المقرم، مسلم بن عقيل: 138.
3 باقر شرف القرشي، حياة الامام الحسين (ع).
4 http://aqeelalhamadany.com/news?ID=73
5 السيد سامي البدري، الحسين (ع) في مواجهة الضلال الاموي، ص490.
6 السيد سامي البدري، بحوث في النهضة الحسينية، ص 35.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat