صفحة الكاتب : عباس ساجت الغزي

فخري كريم بين عصا الرئاسة والمأرب الأخرى
عباس ساجت الغزي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يبدو أن الأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد تفرز الكثير من الوجوه المتخفية خلف ستار الشخصيات والأحزاب السياسية والتي تدفع باتجاه تحريك مسارات واتجاهات تلك المسميات من اجل غاياتها .

وان ما يثار من زوابع ترابية وليس رعدية الهدف منها الإطاحة والتشويه برموز وقادة البلاد هذه الأيام إلا صورة واضحة وجلية لتلك الوجوه المتخفية لتظهر حقيقتها أمام الرأي العام ومن خلال الظهور المكثف في وسائل الأعلام وكيل التهم وإطلاق التصريحات النارية .
فخري كريم كان المشهد المثير في وسائل الأعلام هذه الأيام وبدا وكأنه رجل المرحلة من خلال تصويره ليس كصاحب مؤسسة إعلامية وهي ( المدى ) فحسب بل من المساهمين في صوغ الحكومة العراقية الحالية والقادرين على تغيير المعادلة السياسية في العراق.
وهذا الرجل من خلال قرأت تاريخه تحتاج إلى حكمة ودهاء لترجمة مجرياته ولكنك تستطيع أن تستوحي بعض التقييم كونه رجل يجيد التسلق ولكنه يفتقر للثبات وينقصه التأثير في المقابل حتى النهاية .
وخلال قرأتك لمسيرة هذا الرجل ترى انه حاول مرارا أن يقحم نفسه في المعتركات السياسية وفي كثير من المراحل داخل وخارج العراق دون جدوى للأسباب الأنفة ، وترى انه يبحث عن المناصب ويحاول مسك عصا القيادة دون معرفةِ فيحاول البحث عن مأرب أخرى .
ومن المعتركات التي فشل فيها : القيام بعزله من لجنة (أمين ) التي شكلها الحزب الشيوعي عام 1965 برئاسة حسين الكَمر بسبب تقرير قدم ضده يتضمن تأكيدا واضحا عن ارتباطه بأجهزة الأمن، وفشله في نيل عضوية اللجنة المركزية في المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العراقي عام 1976 وفشل من أول تصويت ، وانتحاله صفة عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي في أول زيارة له إلى موسكو ، وكذلك معاقبته من قبل المكتب السياسي للحزب لقيامه بنقل عدد من الشيوعيات العاملات في صفحة الشباب إلى القسم الذي يعمل فيه في جريدة طريق الشعب دون موافقة رئيس التحرير ، وتأسيس فريق حماية شخصية له في بيروت مدربة لتقوم بحركات استعراضية من اجل إظهاره بمظهر السلطة والزعامة .
ولا غرابة في أن يعود فخري كريم من جديد ليمارس نفس الأساليب في الحياة السياسية العراقية بخبرته التي يتمتع بها في التلاعب والتحايل وشراء الذمم والوشاية بأقرب المقربين حتى لو أدى ذلك إلى فقدانهم حياتهم كما فعل مع الدكتور صباح الدرة والدكتور صفاء الحافظ حيث أوقع بهما في قصة يعرفها المتابعين لمسيرته .
ولا غرابة في أن يهاجم نقابة الصحفيين العراقيين التي آوته في مرحلة ما ويشكك في مسيرتها التي طالما يقول بأنه جزء منها ، وان يوجه التهم لشخص الزميل مؤيد اللامي كونه نال ثقة صحفي العراق للمرة الثانية وفوت عليه الفرصة بالهيمنة على النقابة ، ناسيا أن ألجواهري رحمه الله ومنذ البداية كان يدرك خطورته على النقابة .
وكان فخري كريم يعتقد أن للسيد المالكي دور في تجديد ولاية الزميل مؤيد اللامي رغم أن صناديق الانتخابات كانت الفيصل بانتخاب السيدين المالكي واللامي كونه لا يؤمن بالتجربة الديمقراطية في العراق الحر الجديد ويريد أن يتسلق متناسيا انه يفتقر للثبات .
استغل فخري الوضع السياسي الراهن بصعوبة تحدياته وبدا يتحايل الفرص بالظهور في وسائل الأعلام من اجل تشويه الصور وفبركة الأحداث عسى أن يجد ضالته في مرحلة قادمة يتصورها عتمة وهو الدليل فيها .
ويبدو من خلال قرأت مجمل المقابلات والتصريحات الأخيرة لهذا الرجل أن هنالك دوافع سياسية ورائه تفوق الدوافع الشخصية وخير دليل حين طفح على الساحة العراقية تسأل ( أن عائلة مسعود البارازاني تتحكم في مفاصل إقليم كردستان من خلال الأبناء والأصهار ) ، فسارع فخري بالإجابة : وكيف للمالكي أن يضع ابنه وابن أخته في مناصب مهمة في مكتب رئيس الوزراء .
ومن هذه الإجابة تتبين الدوافع من وراء هذه القراءة وتلك ألمقارنه التي أراد من خلالها أظهار الحكم في العراق بثقافة الديكتاتورية المتخلفة بتكريسه الحديث عن عمل أبناء المسئولين ومحاولته تسقيط رموز الدولة من خلال إثارة تلك المواضيع ، والقصد واضح من ورائها وهو إرسال رسالة للشارع العراقي مفادها عدم الأنصاف والمساواة بين أبناء المسئولين وأبناء العامة من الشعب مستغلا الوضع السياسي الراهن .
ومن خلال التصريحات التي أدلى بها في الحوار الذي أجرته معه صحيفة الحياة اللندنية نستدل على خلط الأوراق التي يقوم بها ومن خلال إجاباته المتناقضة ، ومن تلك المفارقات :
* إجابته عن الأزمة الحالية وقوله أن البيئة السياسية في العراق لن تسمح لشخص بالانفراد بالسلطة في البلد ، في حين رد على سؤال أخر بشان أين اخطأ المالكي بقوله منذ لحظة استلامه السلطة مارس النهج الانفرادي وانفرد بالحكم ! وهنا نسال كيف استمر السيد المالكي كل تلك الفترة هل مارس ذلك في بيئة خارج كوكب الأرض أو أن الاتهامات كيدية يا فخري كريم ؟
وفي حديث أخر له ( الجميع كانوا يشعرون بخطورة المالكي ونزعته الانفرادية وجرى التوقف عند هذه القضية مرارا ) وهنا يسال المتابع !! لماذا انتخب السيد المالكي لولاية ثانية ومن نفس الذين تصفهم بأنهم يشعرون بخطورته الانفرادية ؟ وهل لدى السيد المالكي عصا سحرية تحاول الوصول إليها من خلال المأرب ؟
* وفي رد على سؤال بان الأمور ستستمر مشحونة ؟ أجاب : هذا الوضع لا يحتمل ، وطمس قضية كبرى مثل اتهام الهاشمي لم تعد ممكنة ، ومن لفق القضية يجب أن يحاسب أمام القانون ، وأشار إلى حديث السيد رئيس الوزراء نوري المالكي أثناء المؤتمر الذي أعقب اتهام الهاشمي حين تحدث عن امتلاك ملفات إجرامية ضد الهاشمي ، وقال فخري .. كيف لرئيس الحكومة أخفاء ملفات بهذه الخطورة ؟
وفي نفس الوقت وكونه مقرب من رئيس الجمهورية وجه له السؤال عن صحة المعلومات عن علم رئيس الجمهورية بقضية اتهام الهاشمي ؟ أجاب : الرئيس أُبُلغَ بالاتهامات من قبل رئيس الوزراء وبما توصلت له اللجنة التحقيقية ودعا إلى أن لا تعلن هذه المعلومات في وسائل الأعلام وتبقى في أطار القضاء ، وطلب أن لا تتخذ إجراءات باقتحام بيت الهاشمي والتعرض لعائلته وان تعالج هذه القضية بحكمة .
ومن هنا كيف يتهم فخري السيد رئيس الوزراء بإخفاء ملفات بهذه الخطورة وهو من يؤكد في إجابته أن السيد رئيس الجمهورية من أمره بذلك وان رئيس الوزراء قدم ما توصلت أليه اللجنة التحقيقية حسب قول فخري وهنا تسال ؟ لماذا تخلط الأوراق؟ وما الغاية من تلك الاتهامات ؟ اترك الأمر لكم .
* وفي سؤال ألا تعتقد بان هذا التقويم ظالم .. على الأقل من جانب نجاح المالكي في أخراج القوات الأمريكية ؟ من إجابته : موضوع سحب القوات الأمريكية جرى في نطاق توافق كل القوى السياسية ولا يحسب للمالكي ( وهنا قال توافق وليس انفراد بالسلطة كما ادعى سابقا وان الأمر لا يحسب للمالكي لأنه ليس متفرد بالقرار بل وليس صاحب قرار حسب ادعائه ) وأكمل بان الفضل يعود لاوباما ( الرئيس الأمريكي ) الذي أصر على سحب القوات ( نفى دور القوى السياسية وتماسك الشعب العراقي وقواه بهذا الصدد !!!) وعاد ليتهم السيد رئيس الوزراء بأنه حول ذلك اليوم إلى يوم حزين عبر تدخله بقضايا قضائية بحته أدت بنا إلى هذا الوضع الخطير حسب قوله .
* وفي رد على سؤال هناك خيارا أخر طرحه المالكي نفسه هو حكومة ( غالبية سياسية ) تدفع العراقية إلى المعارضة ؟ أجاب : اجزم بان القيادة الكردية لن تقبل بحكومة تقسم البلد ( الجزم لصاحب القرار !!) وأمام المالكي خيار أعادة النظر بكل سياساته الخاطئة أو المغادرة ، ولا يمكن للمالكي عزل هيئة سياسية كاملة مثل العراقية جاء أفرادها عبر الانتخابات وانتخبهم المحيط السني ( وهنا أسال هل السنة فقط من شارك بالانتخابات والمحيط السني فقط من اختار القائمة العراقية ؟ هذا تجني بحق القائمة والناخبين والانتخابات التي جرت بصورة ديمقراطية في العراق والقصد من هذا الكلام شق الصفوف والعودة إلى المربع الأول ) .
* وحين وجه له سؤال من هو المسئول عن الوضع الحالي ؟ أجاب : الفر قاء جميعا مسئولون عما وصلنا أليه اليوم ، واتفاق أربيل انقطع عند لحظة حساسة هي إنهاء صياغة مفاهيم حول القضايا الأساسية ، وهنا أتسال .. أين كانت تلك الإجابة حينما طبل وزمر في جميع وسائل الأعلام وخصوصا في الإقليم من أن النجاح كان حليف اتفاق اربيل وانه يعتبر مرحلة جديدة لحل المسائل العالقة وانه فاتحة أمل لأفاق جديدة في العمل السياسي المشترك .
* وكثيرة هي الإجابات المثيرة للشك والريبة وخلط الأوراق ومنها قوله ( هناك بعثان في السلطة احدهما البعث الموجود في القائمة العراقية والبعث الأخر يحميه المالكي من خلال كبار القادة من البعثّيين في كل المفاصل الأمنية و المخابراتية والمقربين منه ) .. وهذه اتهامات خطيرة بحق أشخاص مجاهدين ومكونات سياسية لها باع طويل في مقارعة البعث والنظام البائد الذي كان يقوده ، ولو كان ما يقوله صحيحا .. كيف له أن يمارس عمله بكل هذه الحرية والديمقراطية في بلد فيه بعثان في حين كان هارب من بعث واحد كل تلك الفترة ؟ فأين الحكمة من هذا القول ؟ بل ما هي الغاية ؟ وأية رسالة يراد إيصالها من خلال هكذا حديث .
ومن خلال كل تلك الإجابات الواضحة القصد والغاية منها التي يحاول فخري كريم أن يشوه بها صورة الحكومة العراقية وبالخصوص شخص رئيس الوزراء ... أليكم اغرب إجابة له على هذا السؤال .. لكن رئيس الجمهورية كان قد قال قبل وقت قصير أن بديل السيد المالكي هو المالكي نفسه ؟ أجاب متفاخرا: الرئيس كان يتحدث من موقع المسئول الأول في البلد وراعي الحياة السياسية ، وهو بالإضافة إلى الثقة والقناعة السابقتين فانه يتحدث من منطلق أن الوضع العراقي لا يسمح بفراغ سياسي ولا بمغامرات ويجب أن نتصرف بمسؤولية .. وهنا تتبين المجاملات والمديح والتهرب من التعليق على السؤال باللهجة ذاتها التي تعود أن يتهجم بها على رئيس الوزراء خوفا من مخالفة قول صاحب عصا الرئاسة واكتفى بمأرب أخرى في الإجابة .
وأتمنى من المتابع للمشهد العراقي اليوم رؤية تلك الوجوه المتخفية بحقيقتها والتي تحاول تشويه صور المسئولين والإساءة إلى سمعتهم بأساليب رخيصة وغايات فيها مأرب كثيرة .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس ساجت الغزي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/27



كتابة تعليق لموضوع : فخري كريم بين عصا الرئاسة والمأرب الأخرى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net