الوعي بين الفضائل والامن المفقود
د . احمد الجراح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . احمد الجراح

التحولات الكبيرة في عصر الحوسبة والشبكية تضعنا امام تساؤلات كبرى منشأها غزو المفردات المتوالية الاكثر شيوعاً في مراد هذه البيئة التي نمت بشكل متصاعد الى انشاء التحولات في عالم الانسان بدءاً من المشاركة في الاعمال انتهاءً بالمزاحمة والسباق في الوظائف ، لتجعل وعي الانسان مطيعاً للغايات التي باتت حتمية نحو مستقبل يفرض هيمنته بالذكاء المتطور.
ولو أسلم بعضنا لهذا الهاجس بعفوية، ما حال الجيل الجديد الذي أدرك هذه العالم وتفصيلاته قبل او بعد الولادة ، ليُلهم بالمؤثرات ويرتكزُ على هذه الثروة ليستمد حياته نحو كم البيانات التي يحصل عليها من خلال المختصرات المعرفية التي قربت الصورة للطفل فجعلت منه مدركاً لمئات الاسماء كنجوم الرياضة، مدن، حيوانات، سيارات ويتعلم القصص والاحداث والاخبار، من خلال ملخص فيلم أو طريق أعلان..، وسط عدم التفاعل في الواقع الذي كان في وقتٍ ما مشرباً رئيسياً لبناء المهارات وقوام الشخصية كلٌ حسب البيئة لتجعل منه أبن المدينة وأبن الأسرة وأبن الرجل ذو الفضائل والقيم التي فرضتها رسالات سماوية او عادات واعراف الانتماء الجغرافي والاسري كمثال ليعبر الى قيم المعايير العامة او قيم بيئة المشاركة ليحكم الجميع الرغبة من عدمها في التقليل او الزيادة من التدفق المماثل، ويقف أيضاً ذو الاختصاصات امام صراع اثبات المعلومة والتعريف بها امام الذكاء الصناعي الذي يعطي الحلول بنقرة زرٍ واحدة.
ولو بحثنا في مختبرات التقنية عن مفردة الرقابة نجدها مفقودة ويبدو ان سمة السرعة عابرة لها فتوالي المعلومات يكاد يمنع من الوقوف على نقطة معينة، لنخلص إن ما نتعقله منها بات ليس موجوداً ولو أحدثنا مقاربة لها فهناك مفردة اكثر شيوعاً في هذا العالم الا وهي المصداقية لتدخل هذه المفردة الجديدة حيز السوق فتضاف ضمن القيم لتأخذ موقعاً يقابل المجانية ، وعلى اساس ذلك يفهم جزء من مدلولات الامن الذي بات يؤرق الاجهزة المختصة والاباء من قبل، ولعل المحدودية كفعل يمارس بهذا النطاق الافتراضي لتحييد بعض النشاطات المحظورة كمعالجة لا يمكن الاستهانة بها امام الكم الهائل من الاساليب والاليات المتبعة في تصدير الافكار والمشاريع للمجتمع.
اذن مفردة الامن المفقود تهديد واسع النطاق يجعل من الفضائل قيماً يتردد فيها القياس وبالتالي تدخل ضمن معيار الرغبة فتزداد في وقت وتقل في وقت أخر، ليتشكل وفقاً لهذه المعرفة الجديدة وعياً يتناغم مع الثورة الرقمية ، لنتحدث اليوم في كل مكان في هذه المعرفة ، وجميل ما يصدر يومياً من قادة هذا الفضاء في التعريف باخر التقنيات والمفردات الحتمية للعالم الافتراضي ، ينبغي ان نطارد المعلومات لنُكونَ وعياً عما يدورُ أو يملأ الفضاء الذي باتَ يشكلُ تهديداً صارخاً ليس للوظائف فقط وانما للسلوك والقيم العليا، ولو أردنا التيقن بالاهمية ننساق الى الامثلة الواقعية ، منها أبٌ يتحدثُ عن نوم أولاده المبكر وعند الاستيقاظ صباحاً يجد علمهم بنتائج مباراة تجري في وقت متأخر من الليل ، يجري استغرابه واستفهامه لهم عن وحي المعلومات ؟ فتكون الاجابة "عند جلوسنا اول الصباح شاهدنا ملخص المباراة بعشرة دقايق فقط "، ليختزلوا معلومة ساعة ونصف، سرعة المعلومة واحدة من مفردات المستقبل الذي بات واضحاً لنا بدايات سماته الهائلة بالمتغيرات التي ستؤثر بلا شك في طبيعة الحياة بشكل عام، ووحي وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المتاحة اليوم شكلت أحدى مصادر المعرفة الانسانية الجديدة التي يرسم من خلالها الفرد حياته وتدبير اموره من خلال تدويرة سريعة قبل النوم للتعرف على السوق والاحداث والاخبار وتحية الاصدقاء، الى الجاهزية في الصباح من خلال التعرف على الطقس ومعالم الطريق وتثبيت المواعيد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat