المواكب الحسينية وزيارة الأربعين مشاريع إحياء وخدمات
د . احمد الجراح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . احمد الجراح

يشغل الجمهور ووسائل الإعلام الناقلة لمسيرة الأربعين أعداد الزائرين والوافدين الأجانب وموائد الطعام وقصة الاربعين كواحدة من الطقوس الاسلامية الشيعية من دون الامعان ببعض عنوانات هذه المسيرة وما يمكن ان يدرس ضمن مشروع زيارة الاربعين وسط تغافل تخصصي لعدد من العمليات والفعاليات التي تقام ضمن هذا الموسم ، ليستفيد كل بحسبه من العينات المتوافرة خلال أيامه .
بعيداً عن تناول تأسيس "الموكب الحسيني" وفكرة انشاءه التي امتدت طوال سنين بكيفيات معينة انتهت الى ما هو عليه من أبنية مختلفة الاشكال تقع على طرق الزائرين تعمل على تهيئة المكان المناسب لاستضافتهم عبر تامين المنام والاستراحة ووجبات الطعام والصلاة والارشاد والتثقيف بشكل عام ، وتختلف بحسب الامكانات المتوفرة لصاحب الموكب او مجموع الشركاء او ما يسمون بالخدام نسبة الى المحب والمضحي للامام الحسين بن علي (ع) صاحب المناسبة ، الذين يقدمون هذه الخدمات من خلال التمويل الخاص او التبرع من قبل محبي أهل البيت (ع) ليكون بما يسمى موكب خدمة تفريقاً عن مواكب العزاء الخاصة ويمكن ان تجمع بعنوان واحد وهو الموكب الحسيني .
إنّ الارقام التي تصرح بها الجهات المختصة وتصاعدها الملحوظ يقابله خدمات منوعة وعالية وجهود حثيثة لاستيعابها وتامين المستلزمات من خلال البذل الفردي والجماعي لتحقيق الرضا الذاتي للباذل امام انجاح الزيارة وكسب رضا الزائر الذي يسترضيه الخادم وبأساليب مختلفة كطلب الدعاء منه والتعبير عن التقصير وبأسمى طرق الاستلطاف واسترضاء الضيف والزائر، والاهم الملحوظ هو كثرة ساعات العمل المتواصلة خلال الايام مع ان ميزة التنوع والطلبات المتعددة للزائرين والسلوكيات المختلفة تشكل تحدياً واختباراً لصبر الخادم الذي يحاول من طرفه الاسترضاء وتامين المستلزمات وبالوقت نفسه يحاول ان يعمل على مستوى تنظيمي يؤمن له السير وادامة عمله باعلى قدر من الانجاز، هذه وغيرها من الجزئيات غير الملحوظة تشكل تحديات في المواكب الحسينية فضلاً عن تامين الاموال التي تمثل العقبة الاولى لنجاح مشروع تقديم الخدمات في المسيرة.
اما المستوى الثاني العام فيمكن تشخصيه على الدور الابرز وهو الجانب الاجتماعي ، النتاج المؤسسي كمؤدى لهذا الاجتماع المتمثل بالكادر الذي يتكون تحت عنوان واحد كاسم العشيرة او المنطقة او الرمز الديني مثلاً، ليعمل على التواصل اثناء الخدمة وبعد ذلك كآصرة اجتماعية ضمن مجموعة من الأواصر التي تؤدى بعد الموسم على شكل فعاليات مختلفة كل بحسبه. وكأنموذج للادوار التي قامت المواكب الحسينية اشغالها ايام التهجير لابناء المناطق الشمالية والغربية في العراق بعد الهجومات الارهابية على تلك المناطق لتستوعب النازحين وتؤمن لهم كثيراً من المتطلبات الى ان انقضت المحنة عنهم.
وقد لاحظ بعض الاجانب والمختصين اداء اهل المواكب الحسينية والاستعداد النفسي والروحي فعبروا عنها بالامكانات الاستثنائية والادارات المتفوقة لتكون جزءً من عملية انجاح طقوس عاشوراء وربط عملية الاحياء والخدمات بدلالات ذات بُعد عقدي وتاريخي نشأ مع تأسيس الشعائر والتأكيد على إحياء الفاجعة.
ومما يؤكد عليه ان هذا التأسيس الجزئي في الموسم لايمكن الاستغناء عنه خلال فترة الزيارة ، أتسم بالفردية والتمويل الذاتي الا من خلال التعاطي العرفي مع التجربة المتكررة في تاريخ الزيارة والحث المستمد من الرعايات الدينية المتوالية بين السلوك والتوجيه، مما يعطي مؤشر على ظهورات ذات ابعاد لما بعد الوقت المقرر له ، قادرة على ادارة مجتمعية لفعاليات متنوعة ، ومما اتسمت به المواكب الحسينية البعد الدولي بعد ان كانت هذه المواكب داخل بيوتات وسط قرى لتكون على نطاق اوسع يشمل اسماء المدن ومن ثم بلدان كما في الاونة الاخيرة لينقل انطباعاً وتجربة تحاكي ما موجود اثناء المسيرة بعد العودة الى بلدانهم، وما دام النطاق ازداد سعة فهنا تبرز الاهمية لدراستها تفصيلياً والوقوف على المعطيات ذات القوة والتاثير في الانشاء والاداء والابعاد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat