التعليمُ في العراقِ... المعوقاتُ والحلولُ
ياسين يوسف اليوسف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ياسين يوسف اليوسف

من الأمور المهمّة والمهام النَّبيلة التي حرص عليها الإنسان في مختلف الأزمنة وعلى امتداد العصور، والتي يجب أن تبحث بدقة هي مسألةُ التّعليم ؛ لأن البلد يحتاج إلى كفاءات أبنائه وطاقاتهم، وكلّما كانوا متعلمين ومتخصصين في مجالاتهم المهنية كان البلد أكثر ازدهاراً وتحضراً، ولنجاح أي عملية تعليمية أو تربوية في أي بلدٍ كان لابدَّ من توافر عِدة أركان ، ومنها: الأستاذ المتخصّص ، والطالب المثابر والمنهج الصّحيح الملائم ، والمكان المناسب المخَصَّص للدِّراسة وإن اختلال أي ركن من هذه الأركان يؤدي إلى اختلال العملية التعليمية برمَّتها، ففي البداية يجب أن يوضع الفرد المناسب في المكان المناسب ويُختار الأستاذ المتخصّص، أو المختص بمادته العلمية ويحفَّز على ذلك بمحفزات مادية ومعنوية تحفظ له ديمومته في الحياة بشكل طبيعي لائق بشأنه ، وكذا لا بدَّ من اختيار واتّباع منهج تعليميٍّ صحيحٍ يتناسب وذهنية الطالب ويتناسب مع التقدّم العلمي والصِّناعي الحاصل في دول العالم المتقدمة ، ولابدَّ من توافر وسائل الإيضاح المتطوِّرة التي أصبحت عاملاً مساعداً ومهمّاً في إيصال المادة العلمية إلى ذهن الطالب ، فضلاً عن تهيئة المكان والجو الدِّراسي الملائمين؛ ليتسنى للطالب تلقي العلوم بيسر وسهولة .
وتبقى مسألة رئيسة مهمَّة وحيوية هي جدَّية الطالب ومثابرته فإنَّ عليه الجهد الأكبر في هذه العملية حتى يصل إلى مبتغاه ويستطيع أن يخدم بلده ويطوِّره .
هذه أهم الأركان الرئيسة التي يجب أن تتوافر حتى يوصف التعليم في هذا البلد أو ذاك بأنه ناجحٌ ومثمرٌ ، والمتابع للشأن العراقي خلال العقود الأربعة الأخيرة يرى وبوضوح تراجعاً ملحوظاً للعملية التعليمية والتربوية ، ولعلَّ هذا يعود إلى عدَّة أسباب، أهمها: الوضع السياسي والاقتصادي الذي يمرَّ به البلد وما يزال شعبنا يعاني الكثير منه وما تزال مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا تعاني منه .
ومما لا شكَّ فيه إنَّ هجرة العقول العراقية منذ السبعينيات ولحدِّ الآن كان له الأثر السَّلبي على مسيرة التعليم في هذا البلد، وأنَّ تعرُّض الكثير منهم إلى القتل والخطف تحت ظروف أمنية غير مستقرة اضطرهم لترك الوطن واختيار طريق الهجرة ، فكلّ هذه الظروف ولّدت حالة غير مُرضية عن واقع التعليم في العراق ، وللخروج من هذا الوضع المتردي والواقع المأساوي والارتقاء بمستوى التعليم إلى الحالة المُرضية لابدَّ من اتباع منهج صحيح في معالجة هذه الأزمة التي تتفاقم سنة بعد أخرى ، ولابدّ من مراجعة دقيقة لكافة المناهج التعليمية بجميع مراحلها وتهذيبها بما يتناسب وذهنية الطلاب ، ولابدَّ من تأهيل الأساتذة حسب اختصاصاتهم العلمية من خلال دورات تخصصية مما يرفع مستواهم العلمي والتربوي وبذلك يرتفع المستوى الثقافي والعلمي للطالب، وعلى أصحاب الشأن ومَنْ يهمّهم ويهزّهم الأمر في هذا البلد ومن بيدهم سلطة القرار أن يهتموا بالحالة الأمنية للبلد بشكل عام وأن يحفظوا هيبة المعلِّم والأستاذ وأن يقوموا بتهيئة المدارس والمعاهد والجامعات وإمدادها بكافة الاحتياجات اللازمة لرفد العملية التدريسية والنهوض بها، وبالواقع العلمي والتربوي العراقي إلى مستوى متميِّز يليق بشأن بلد الحضارات ، وعلى طلبتنا الأعزاء وفلذات أكبادنا أن يبذلوا جهدهم لتخطي العقبات التي يمكنهم تخطيها والسّعي الجاد لرفع مستواهم العلمي من خلال الاستفادة الصحيحة من خدمات الحاسوب والانترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة، فإذا توافر هذا كلّه أمكننا النهوض بالحالة التعليمية في بلدنا إلى مستواها المطلوب والقضاء على حالة الأميّة في بلدٍ هو مهد الحضارات الإنسانية، والذي علَّم الآخرين القراءة والكتابة وخُطّت على أرضه أولى العلوم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat