العلمانية و القتل الرحيم ؟؟
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أقصى ما قدمه العلم والعلمانية في عصر التقدم التكنولوجي لهذا الإنسان البائس الذي وضع ثقته بالعلم كلها حتى أنهُ اعتنق العلمانية أعتمادا منه عليها بأنها هي التي ستجلب لهُ السعادة وتضعها بين يديه، وإذا بهذا الإله الزائف الجديد الذي انخدع الناس بمظهره الأنيق يقف مكتوف الأيدي أمام وضع حد لمعاناة مريض فيقوم بتقديم السم لهُ على طبق من ذهب ليُريحهُ من آلامه.

القتل واحد مهما تعددت الأسباب فهو يبقى قتل ، إن كان عنيفا أو رحيما . ومن هنا لم يستطع الغرب برمته والعلم بفطنته أن يجد اسما آخر يُبررون به جريمتهم إلا أن يطلقوا عليه (القتل الرحيم). فيا لها من رحمة إنسانية عندما تقدم كبسولة قاتلة ، أو زرقة إبرة تحت الجلد مميتة لهذا الإنسان الذي وضع ثقته الكاملة بالعلم .

والغريب أن دول العلم العلمانية تحاول سن القوانين لحماية (القتل الرحيم). ومنح الطبيب سلطات واسعة لتقرير مصير المرضى. يا لها من مهزلة.

الطبيب البريطاني هاورد شيفمان طبيب ذو سمعة مرموقة وضع مرضاه كامل ثقتهم فيه بأنه قادر على أن يُريحهم من معاناتهم. وقد قام فعلا بتقديم افضل الحلول لوضع حد لمعاناتهم بأن يعطيهم جرعات مضاعفة من (ديامورفين). المسكن القوي للآلام ثم يقوم بكتابة اسباب كاذبة للوفاة في شهادة الوفاة.

هذا الطبيب تم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة عندما اكتشفوا امره ، فقط حكم مدى الحياة يعيش فيها منعما يتم تعيينه طبيبا في السجن يلاقي معاملة مرفهة خاصة . وقد اكد التقرير الجنائي أن هذا الطبيب قتل اكثر من ستين مريضا، كان اغلبهم يتعافى لو بذل الطبيب جهدا اضافي.

لا يحق لاحد انتزاع الحياة إلا واهبها.(1)

واليوم تقر اغلب الدول العلمانية بضرورة ممارسة القتل الرحيم ، لا لكي يتخلص المريض من آلامه . كلا . بل لانقاذ الخزينة من مصاريفه. هذا المواطن الذي افنى عمره في خدمة بلده وساهم في عملية بنائه يكون نصيبه في آخر عمره زرقة قاتلة تحت الجلد.

اليس القتل الرحيم (انتحار) قسري تُتسغل فيه آلام المريض من اجل الاجهاز عليه بدوافع اقتصادية. (2)

أليس اختيار المريض للموت دليل آخر فاضح لفشل العلم الذي برع في اختراع وسائل القتل وعجز عن وضع حدا للمعاناة؟

يعجبني قول الصحفي الفرنسي فيليب بوفارد.: (القتل الرحيم هو مجرد حيلة اقتصادية لتجنب بناء مستشفيات جديدة).

ووفقا لمجلس اللوردات البريطاني اللجنة الخاصة بآداب مهنة الطب، فإن التعريف الدقيق للقتل الرحيم قال : (هو إجراء تدخل متعمد مع الإعلان عن النية في إنهاء حياة. بسبب تكاليف العلاج).

المصادر:

1- قال السيوطي : (ونظر إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار، فقال: ( يا ملك الموت ، ارفقْ بصاحبي فإنه مؤمن)، فقال ملك الموت طِب ْ نفساً، وقَرّ عيناً، واعلم أني بكل مؤمنٍ رفيق، واعلم يا محمد أني لأقبض روح ابن آدم، فإذا صرخ صارخٌ قمتُ في الدار ومعي روحه، فقلت: ما هذا الصارخ ؟ ! والله ما ظلمناه، ولا سبقنا أجله، ولا استعجلنا قدره، ومالنا في قبضه من ذنب ... والله لو أردتُ أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك، حتى يكون الله هو يأذنُ بقبضها). الدر المنثور جلال الدين السيوطي: ج ٥، ص ١٧٣. وكذلك بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٦ – الصفحة 264.

2- صحيفة القدس العربي في لندن كتبت مقال تحت عنوان (الموت الرحيم» جريمة أم استحقاق عادل؟) بتاريخ 1 - أبريل - 2017. للكاتب : مي عبد العزيز.

الموضوع السابق أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (٣٠) وَالأَخيرة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat