صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

سحر بغداد
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ اثنين وثلاثين عاماً وأنا أفكر فيك يا سحر بغداد؟!!
سمر تشتهي أن تجلس إليهن لتسمع صوتهن الهادئ العذب؟؟و وجههن حديقة من الفواكه الطرية تحاورك أن تقطفها برقة ومحبة .
صمتهن هادئ مؤدب أنيق.. ولعلهن تتحدثن بعينهن الهادئة أكثر ما تفعلن شفتهن.. ولعلني ما سمعت صوتهن يوماً يخرج عن طريقة الأدب في أي نقاش.. وفي لمسة أناملِهن أناملي حين سلمت عليهن تلك الرعشة النسائية والتي تسحبك بجنح الخيال إلى دنيا الأماني .
عرفتهن طفلاً.. واندفعت إلى الإعجاب بهن.. ورأيتهن تنمو إناث كاملات أمام عينيّ.. فبدأتُ أخجل من التعلق بهن.. ما أشعرتهن بإعجابي بها خوفاً على نفسي واحتراماً لهن والى تلك الهالات الإنسانية التي كانت تحيط بهن ..
أسمائها كثيرة  سحر وبسمة وهناء ووحل ولن أذكر المزيد حباً لهن.. كان إعجابي بجمالهن الهادئ يتناما مع نمو شبابي.. لكنني كنت أدرك ذلك الجسر الهائل الذي يفصلني عن التوصل إلى حديقتهن الإنسانية.. فإقدامي الإنسانية ليست بقادرة على الركض خلف هودجهن.. وعيناي غير قادرتين أيضاً على التحديق المتواصل في زجاج بيوتهن الذي يفصلهن عن تراب حديقتي!

لكنني كنت أزداد تعلقاً بهن يوماً بعد يوم.. مدركاً أننا كلما نمت بنا الحقيقة سوف نزداد بعداً عن بعضنا، فصداقة الطفولة سوف تتبدل إلى إعجاب شباب ثم إلى أمنيات رجولة بالتملك.. والجسر بيني وبينهن معلق في سماء الاستحالة .

 

كتمن حبهن في خافقي احتراماً لهن ولشخصيتي.. ومنعت نفسي حتى من التمتع برؤيتهن حين كن يزو رنن في بيتنا الترابي الهزيل !

 

كن  سحر وبسمة وهناء ووحل  أنيقات في لباسهن الأنثوي الساحر. لا أتذكر إنني رأيتهن يوماً بغير ما يليق بالأنثى.. شعرهن هادئ النوم على أكتافهن.. وبسمتهن  الإنسانية تنام فوق شفتاهن بإصرار وعناد.. وحين تلمسني مسلّمات علي  أو مودعته بعد لقاء ساحر تأخذني معهن إلى دنياهن في سحر وأدب وأمانة !!!

 

كنتَ أهرب منهن بافتعال قصص حب لبنات محلتي.. وأنا أعلم حقاً أني ما أحببت غيرهن يوماً وحتى هذه اللحظة. لكنني كنت أريد أن أبقى على احترام شخصيتي وان لا أتعرض إلى نظرة سخرية أو شفقة من أحد ...

 

تزوجتْ إحداهن بالإجبار ذات عام.. لم أذهب إلى عرسها ومع أنني هنّأتها بعد أشهر من الزواج.. كنت مؤمناً بحقها في التواصل مع حقها في الحياة وفي الجلوس على مقعد مريح وجميل في صالة الحياة... أنا لم أكن أمتلك شيئاً لأعطيها.. حتى الوعد في العطاء القادم لم أكن أمتلكه سوى قبلة صمت رمانتيه..

 

واغتربتُ أنا عن الأرض التي ولدت عليها بعد فشل تجاربي مع الحياة في كل نواحيها.. وحين أعود من غربتي إلى أرض الوطن أسمع بعضاً من أخبارهن.. ولعلني رأيتهن مرّة في حلم جميل ساحر ولمحت حزناً عميقاً صامتاً في سمرة وجههن ذلك الحزن الذي نحترمه ونعرف انه من أسرار حياتهن.. وحتى في حزنهن الصامت الغريب شعرت أنني لا زلت أخجل من التحديق فيهن أو الاقتراب منهن!!.

 

في الطفولة براءة وطهر كفراشة بيضاء تنتقل من زهرة إلى أخري في يوم ربيعي اهتدى.. وكلما تقدمت بنا الحياة خطوات في ميادين العمر والشباب.. تصبح نظرتنا لما حولنا تختلف عن طابع الطفولة.. تنمو بنا الرغبات وتتنامى الأحلام والأماني.. ولعلني منذ طفولتي الفقيرة من الحنان أدركت أن مجالي العاطفي سوف ينحصر في زاوية ما وأنني لن أسمح لنفسي أن تطمح طموحاً فوق حدودهن لأنني لا أريد أن أشرب دمعتي عصيراً مراً !..

 

كن ينمون أمامي كنباتات غر يبات لن تناسب حديقتي الترابية.. وعندما كانت السماء تنهال بأمطارها على دجلة ومحلتها كنت أرى الماء يتسرّب من سقف بيتنا ويغسلنا بالليل بردا.. وكان صوت (مزراب بيتنا) يتداخل إلى أعماقي كأغنية ما.. وفى الصباح حين يتوقف المطر أصعد إلى سقف بيتنا محاولاً مع أخوتي إصلاح هنا السقف.. وأراهن أحياناً في المحلة مع بعض الصبايا يلعبنه في عفوية طفولة ويضحكنه ؟؟ فأعلم أن جسر التلاقي لن يوصلني إليهن ...

 

كن صبياي سمراء عذبات وكنت أنا صبياً لا يعرف الفرح.. كن أنيقات دائماً في لبسهن وتسريحة  شعرهن وكنت أنا جنبهن في تراب المحلة.. كن فراشات بيضاء طاهرات وكنت أنا ذبابة حائرة لا تعرف أين يأتيها طعامها اليومي...

 

ورغم كل ذلك ما عرفت إلا أن أحبهن وكتمت هذا الحب بأعماقي حتى الآن؟؟

 

لن أقول لكم أكثر فلقد فرقتنا الحياة وحين رأيتهن قبل سنوات عديدة.. كن صامتات بحزن وهناك عاصفة ما في وجههن يودا أن ينفجرن؟؟ لكنهن كن دائماً أقوى من الدمعة وأشجع من الاعتراف بهزيمة ما أنهن سحر وبسمة وهناء ووحل المؤدبات بنات طرفي وودي؛كلمني قبل سنة عبر الهاتف والحزن كان يبح من أصواتهن وهن يبكين متى يبقى البعير على التل يا صباح ؟! إلى متى ننتظر؟! هل نسيت سحر وبسمة وهناء ووحل ؟! قم ودق الأرض دق وعد إلى الوطن الكل ينتظرك رغم تغير الصفاء في المجتمع والمحلة قد دمرتها قنابل المحتل والحزن عم ؛ ولكن الفرحة عمت بأن الطاغية المجرم ولى عود يا صباح ودعنا نفرح والله أحل لك هذا :" فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ" ونحن بانتظارك أن لم تعد سوف نأتي !ولكن لماذا هذا الجفاء للوطن أن لم تشتاق لنا فما ذنب الوطن؟! عد يا صباح ونحن بانتظارك سحر وبسمة وهناء ووحل ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/27



كتابة تعليق لموضوع : سحر بغداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net