صفحة الكاتب : حنان الزيرجاوي

شبابُنا وانهيارُ السُلُطاتِ التربوية استطلاع رأي/ الجزء الثاني
حنان الزيرجاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تفضلت كوكب رشيد عبيد/ مُرشدةٌ تربويةٌ قائلةً:
إن هذا الموضوعَ باتَ يؤرِّقُ كافةَ المُتصدّين للعمليةِ التربويةِ من آباءٍ ومُعلمين ورجالِ دينٍ وقُضاةٍ ومُحامين وغيرهم.
من وجهةِ نظري المُتواضعةِ أنَّ هناكَ معاولَ لم تَعُدْ مُتخفيةً بثوبِ البراءةِ تعمل على تهديمِ البُنى التحتيةِ الأخلاقيةِ للمُجتمعِ، وأقصدُ هُنا الاستعمارَ الإلكتروني الحديثَ الذي لم يعُدْ بحاجةٍ لاستخدامِ المدافعِ والدباباتِ (الأسلحة الثقيلة) في تسقيطِ المُجتمعاتِ ونهبِ خيراتِها، وإنّما لجأ إلى الطُرُقِ الإلكترونيةِ (الحرب الفكرية) التي تؤدي إلى انهيارِ المُجتمعاتِ.
ومن هذه المُجتمعاتِ المُجتمعُ العربي الإسلامي؛ وذلك من خِلالِ تسقيطِ القدواتِ المُجتمعيةِ المُتمثِّلةِ بأطرافِ المُجتمعِ الرئيسيةِ والمُتمثلةِ بـ(رجلِ الدين، ثم المُعلِّم، ثم الأُمّ)؛ فإنَّ هذه القدواتِ إذا تمكّنَ العدوُ من تسقيطها فإنّ المُجتمعَ تلقائيًا يسقطُ من دونِ أدنى تعبٍ وعناء. والمسألةُ تشبهُ الديناميت الذي يوضعُ في زوايا البناءِ الشاهقِ، فلا نحتاجُ إلى معاولَ لإسقاطِه، بل يكفي فقط إسقاطُ هذه الركائزِ لينهارَ باقي البناءِ بكُلِّ سهولة.
أ.د. عبد الرضا البهادلي/ أُستاذ جامعي، تفضّلَ قائلًا:
أسبابٌ كثيرةٌ خلفَ ذلك، ابتداءً بالأسرةِ وعدمِ وجودِ منهجٍ تربوي مرورًا بعدمِ اختيارِ الزوجةِ الصالحةِ أو الزوجِ الصالحِ إلى عدمِ وجودِ المنهجِ الديني الصحيح في المدارسِ والجامعاتِ إلى عدمِ وجودِ الإدارةِ الأمينةِ في المدارسِ والجامعاتِ... هذا كُلُّه مع الغزو الثقافي والإعلامي والحربِ الناعمةِ من قِبلِ أمريكا وإسرائيل والغربِ في القضاءِ على قيمِنا وأخلاقِنا، بالإضافةِ إلى الاستخدامِ السيء لعالمِ الإنترنت..
لذلك نحنُ بحاجةٍ إلى ثورةٍ كُبرى على النفسِ من أجلِ الرجوعِ، وهذا يتمُّ إذا أدركْنا الخطرَ..
الإعلامي حسين فرحان/ كاتب، كان تعليقُه:
هلِ انهارتِ القدواتُ المُجتمعيةُ بنحوٍ يُشكِّلُ ظاهرةً ملحوظةً؟
وهل إنّ عمومَ التربيةِ والتعليمِ في البيئتينِ المنزليةِ والمدرسيةِ قد فقدتْ حلقاتِ التواصُلِ مع الأبناء؟
أم أنَّ القضيةَ ما تزالُ نسبيةً ويُمكِنُ تداركُها؟
المُلاحظُ أنّ بوادرَ الانهيارِ قد بانتْ، وأنَّ السكوتَ والتغافُلَ عن مُعالجاتٍ سريعةٍ ومُناسبةٍ سيُفاقِمُ الوضعَ ويمنحُه صفةَ (الانهيار) بما تحملُه الكلمةُ من معنى.
أما العوامِلُ المُساعدةُ على تفاقُمِ هذا الأمرِ فهي مُتعدِّدةٌ ومنها استغراقُ المُجتمعِ في عالمِ الإنترنت بما يُقدِّمُه من موادٍ عبرَ مواقعِه التي خلقتْ حالةً من التباعُدِ الأسري، وحقّقتْ حالةً من الإشباعِ في تلقّي المعلوماتِ وإنْ كانتْ هدّامةً، فصارتْ بالمُقارنةِ مع ما يمنحُه الآباءُ من أُسسٍ تربويةٍ تُشكِّلُ رقمًا كبيرًا يصعبُ التعامُلُ معه.
وهذا الأمرُ ينطبقُ على المادةِ العلميةِ التي تُقدّمُها المدرسةُ والتي تفتقدُ إلى عناصرِ التشويقِ والإثارةِ التي تُقدّمُها المواقعُ الإلكترونية. كُل هذا أفقدَ الأبناءَ والطلبةَ الرغبةَ في الإنصاتِ بشكلٍ جادٍ لعالمِهم الواقعي الذي يضمُّ الأبَ والمُعلمَ.
سببٌ آخرُ لظهورِ بوادرِ الانهيارِ والذي قد يُعبّر عنه باللا انقياد والفوضى، وهو المُتغيّراتُ السياسيةُ والاقتصاديةُ المُتسارعةُ، والتأثُرُ باللامُبالاةِ التي تكتنِفُ الأداءَ الحكوميَ الذي يُفترَضُ به أنْ يُقدِّمَ لهذه الأجيالِ ما يُغنيها عن الانقيادِ وراءَ العوالمِ الافتراضية.
فالجيلُ الذي يُعوّلُ عليه في بناءِ البلدِ أصبحَ ينظرُ إلى بعضِ من يُفترَضُ كونُهم من الرموزِ بازدراءٍ؛ نتيجةَ صراعاتِ الطبقةِ السياسيةِ وانعكاسِ هذه الصراعاتِ على الأداءِ الحكومي، ثم انعكاسها لتُهدِّدَ المُجتمعَ برمّتِه بأزماتٍ ماليةٍ واقتصاديةٍ وخدمية..
القضيّةُ تستحقُّ الاهتمامَ ونأملُ بأنْ يتمَّ كبحُ جماحِها قبلَ فواتِ الأوان.
على حين ذكرت أ.نعمت أبوزيد/أستاذة جامعية ومختصة تربوية:
نحنُ بلا شك نُلاحِظُ التحوّلاتِ التي تشهدُها المؤسساتُ الاجتماعيةُ والأسريةُ والتي هي نتاجُ أسبابٍ وعواملَ كثيرةٍ ومُتنوِّعةٍ، منها ما هو بسببِ العالمِ الرقمي وتطوُّرِ العلومِ والتقنيات (مثلَ وسائلِ التواصلِ الحديثة)، أو بسببِ الحاجاتِ الاقتصاديةِ والثقافيةِ الجديدة.
وهذه النتاجاتُ والتحوّلاتُ قد تكونُ نتاجَ خطَطٍ وبرامجَ ثقافيةٍ موجّهةٍ ومُخطَّطٍ لها لضربِ كيانِ الأُسرةِ وتغييرِ العلاقاتِ بينَ أفرادها.

وبما أنّ مرحلةَ الشبابِ هي مرحلةٌ عمريةٌ مُهمّةٌ جدًا، وتُعدُّ من ركائزِ البُنيةِ الإنسانيةِ؛ كونها المرحلةَ التي تنمو وتتفتّحُ معها الشخصيةُ وتؤثرُ فيها عواملُ التربيةِ الأُسريةِ والبيئةِ والمُحيط، فلذا يتمُّ استغلالُها لتمريرِ هذهِ الخُططِ عبرَ وسائلَ ناعمةٍ، تنطلقُ من رغباتِهم واهتماماتِهم، وبالطبعِ إذا طالتْ هذه الخُططِ الأسرةَ فإنّها ستطالُ كُلَّ أفرادِها...
ومن هذه الظواهر:
تصويرُ الأُسرةِ كمؤسسةٍ سلبيةٍ مُقيّدةٍ للشاب.
إدانةُ النظامِ الأبوي تحتَ أسماءٍ مُختلفةٍ.
بخسُ دورِ الأُمّ.
تشويهُ صورةِ العلماءِ وهدمُ القدوة.
الفراغُ الذي يعيشُه الشباب.
انسحابُ بعضِ الأهلِ من مسؤولياتِهم.
الاستهانةُ بالرموزِ التربويةِ والمُعلِّمين.
بالإضافةِ إلى الكثيرِ من الظواهرِ التي يُمكِنُ التوسُّعُ فيها.
تفضّلَتْ د.حسناء رستمي/ طبيبة قائلةً:
هذا الموضوعُ لا يُمكِنُ أنْ يُشبَعَ باختصارٍ؛ لأنَّ الأسبابَ عميقةٌ وواسعةٌ تمتدُّ طوليًا على مدى أكثرِ من ثمانمائةِ سنةٍ من هجومِ المغولِ على العراقِ والذي كان من منهجه تدميرُ المُجتمعِ العراقي. وتمتدُّ عرضيًا بتوالدِ الأجيالِ واستحداثِ الاختراعاتِ وإساءةِ الاستخدام، هذه من ناحية مادية..
أما روحانيًا، فمن المؤكّدِ أكلُ الحرام، والنظرُ الحرام، والسماعُ الحرام التي لها تأثيرها المُباشرُ والمُتراكم على الجيناتِ وليس على السلوك فقط! إذ إنَّ للجيناتِ خرائطَ تتغيّرُ وفقَ معيشةِ الكائنِ الحي.
تُعَدُّ هذه النقاط كرؤوسِ أقلامٍ؛ لأنّ كُلَّ نقطةٍ هي عبارةٌ عن بحثٍ كاملٍ يُبيّنُ تدرُّجَ التغييرِ وآلياتِه عِبرَ الأجيال، حيثُ امتدَّ التأثيرُ إلى اللُغةِ وأساليبِ الكلام.
وجدان الشوهاني/ أُستاذة حوزوية، أفادت قائلةً:
الكلامُ في الأمرِ يحتاجُ إلى تعمُّقٍ، ولكن يُمكِنُ إعطاءُ صورةٍ موجزةٍ، فهناك عدّةُ أسبابٍ تقفُ وراءَ ذلك، بعضُها مُتعلِّقٌ بنفسِ القدوةِ كالرغبةِ بالراحةِ اتكالًا، وعدمِ الشعورِ بالمسؤولية، وبعضُها مُتعلِّقٌ بمُحيطِ الشاب الذي يعيشُ فيه كالظروفِ الاجتماعيةِ السيئةِ التي من المُمكنِ أنْ تؤثِّر عليه فينهار، وبعضُها يكونُ بسببِ شُبُهاتٍ تُثارُ هُنا وهُناك التي قد تطالُ القدوةَ بل يكونُ عُرضةً لها أكثر من غيرِه؛ لكونِه يُمثِّلُ رأسَ الهرم، وقد يجتمعُ سببان أو أكثر.
والمشكلةُ أنَّ الكثيرَ لا يُميّزُ بينَ الأسبابِ لكي يتمكّنَ من العلاجِ، ممّا زادَ من الطين بِلةً فانعكسَ هذا الانهيارُ على الأبناءِ أنفسِهم.
ولكن مع كُلِّ هذا الانهيار يُمكِنُنا العلاجُ من خِلالِ تصحيحِ المسارِ فلا محلَّ لليأسِ، خصوصًا وأنّنا نمتلكُ قدواتٍ لا يُمكِنُ للانهيارِ أنْ يصلَ إليها مُتمثلةً بأهلِ البيت (عليهم السلام)؛ فهم خيرُ قدوةٍ يُمكِنُنا أنْ نُصحِّحَ مساراتِ شبابِنا وأبنائنا وأُسرِنا من خلالِهم.
ومن هُنا نعرفُ نعمةَ الإسلامِ والدين.
وتفضّل خالد العلمي/ أُستاذ تربوي قائلًا:
عِدّةُ أسبابٍ لانهيارِ القدواتِ في المُجتمعِ أبرزُها التأثُّرُ بالثقافاتِ الغربيةِ وما رافقَه من ضعفِ الخطابِ والواعزِ الديني، كذلكَ اعتمادُ الشبابِ على مواقعِ التواصُلِ، والابتعادُ عن الكتابِ الذي يُنمّي العقلَ، واعتمادُه على ما يُنشَرُ في تلك المواقعِ حتّى أصبحتْ ثقافةُ الشابِ مبنيةً على أسسِ ما يُنقَلُ له حيثُ أصبحَ أداةً طيّعةً بيدِ هذه المواقعِ تُحرِّكُ عقلَه وتبني أفكارَه، ورافق ذلك غيابُ الرقابةِ الحقيقيةِ من الأبوينِ لانشغالهما بمصاعبِ الحياةِ، علاوةً على أسبابٍ كثيرةٍ أُخرى يطولُ المقامُ بذكرها.
وفي نهايةِ الاستطلاعِ نرى أنْ لابُدّ من التمسُكِ بالخطوطِ التربويةِ والسُلُطاتِ القياديةِ التربويةِ في المُجتمع التي تأخذُ بيدِ شبابِنا إلى بَرِّ الأمانِ قيمًا ومبادئَ ومنهجًا سديدًا من شأنِه رسمُ خارطةِ طريقٍ لمُستقبلٍ زاهرٍ بالخيرِ والعطاءِ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حنان الزيرجاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/12/02



كتابة تعليق لموضوع : شبابُنا وانهيارُ السُلُطاتِ التربوية استطلاع رأي/ الجزء الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net