مواكب الدعم اللوجستي وأثرها في الانتصار
حنان الزيرجاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حنان الزيرجاوي

كلُّ مرسى يُمثِّلُ نهاية المَطافِ إلا مرسى دعمِ القواتِ المسلحةِ في ميادين الجهاد كانَ بدايةَ ملحمةِ الفتحِ المبينِ، واستظهارَ الحقِّ في مُقارعةِ عتاةِ الجهلِ والظلامِ، إنَّها مواكبُ الدعمِ اللوجستي التي ما فتئَتْ تُرمِّمُ الثغورَ، وتحملُ في كفِّيها الرواءَ لإدامةِ سنا النصرِ وبريقِ المجدِ في ساحاتِ الوغى عبرَ صولاتٍ مِنَ الإخاءِ والإيثارِ في رفدِ أبطالِ الحشدِ المقدَّسِ بِأسبابِ البقاءِ ضمنَ دائرةِ الضوءِ المُطمئنِ، والبصيرةِ النافذةِ في تحقيقِ أروعِ الانتصاراتِ...
منذُ انطلاقِ الفتوى مِن بينِ أزقَّةِ النجفِ الأشرفِ في الثالثِ عشر مِن حزيران في عامِ الفين وأربعة عشر، شمَّرَتْ السواعدُ، واستُنهضَتْ الهممُ؛ لتأسيسِ العديدِ منَ المواكبِ التي أخذَتْ على عاتقِها تقديمَ كافةِ ما يحتاجُهُ أبناؤنا الغيارى في سوحِ الوغى؛ من أجلِ تحقيقِ الانتصارِ ودحرِ الأعداءِ، فَقامَتْ بِتقديمِ الدعمِ اللوجستي الكاملِ، ونعني بِالكاملِ أنَّهُ لمْ يكُنْ مجردَ دعمٍ ماديٍّ مِن طعامٍ وشرابٍ بالرغمِ مِن أهمِّيةِ هذا البعدِ في الحروبِ، بل ما يشملُ دعمها الإنساني الكبير الواضح للعيانِ الذي كانَ أحدَ أسبابِ انتصارِ القواتِ الأمنيةِ، وقطّاعاتِ حشدِنا الشعبي المقدَّسِ، الذي تسابقَ شيباً وشباباً في تلبيةِ فتوى الدفاعِ الكفائي لتحريرِ العراقِ من دنسِ زمرِ داعشِ الإرهابيةِ، وإعادةِ بريقِ الحياةِ وبهجتِها لِلمناطقِ المُحررةِ، وقَد أكَّدَ هذا التوجّهَ سماحةُ الشيخِ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة ليوم 5 شوال 1438 الموافق 30 حزيران 2017 بقولِهِ:
"ونودّ أنْ نؤكّدَ على أنَّ صاحبَ الفضلِ الأوّل والأخير في هذه الملحمةِ الكُبرى التي مضى عليها الى اليوم ثلاثة أعوام, هم المقاتلون الشجعان بمختلف صنوفهم ومسمّياتهم, من قوّات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتّحادية وفرق الجيش العراقيّ البطل، والقوّة الجويّة، وطيران الجيش، وفصائل المتطوّعين الغيارى، وأبناء العشائر العراقيّة الأصيلة، ومن ورائهم عوائلهم وأسرهم، ومَنْ ساندهم في مواكب الدعم اللوجستيّ، وأنّهم هم أصحاب هذه الملحمة التي سطّروها بدمائهم الزكيّة، وتضحياتهم الكبيرة، وهم الأحقّ من الآخرين -أيّاً كانوا- برفع راية النصر النهائيّ قريباً بإذن الله".
أثبتَتْ تلكَ المواكبُ مدى تمسُّكِها وتبنيها لِلمبادئ التي اكتسبَتْها منَ القضيةِ الحُسينيةِ، فكانَتْ امتداداً لها، فَوفَّرَتْ كلَّ ما تَحتاجُهُ القطعاتُ العسكريةُ في شتى بقاعِ بلادِنا شرقاً وغرباً، ولمْ يُعق تحركاتِها البردُ القارصُ أو لهيبُ وحرارةُ الصيفِ التي تقاربُ نصفَ درجةِ الغليانِ، فكانَتْ تسيرُ بِكُلِّ ما أوتيَتْ مِن قوةٍ وكأنَّها قوافلُ حجيجٍ تعتزمُ الوصولَ لتطوفَ حولَ البيتِ العتيقِ، فدمعاتُ الأمهاتِ الرقراقةِ التي كانَتْ تودِّعُهم، وكلماتُ طفلةٍ تُرسلُ اشتياقَها لوالدها، كانَتْ نصب أعينهم، فكانوا يسيرونَ وهدفُهم الفتحُ المُبينُ، فَتكاتفَتْ الجهودُ ووُزعَتْ المهامُ، فرقٌ تحملُ الغذاءَ والماءَ والمستلزماتِ الطبيةَ لساحاتِ القتالِ، وفرقٌ تَشكَّلَتْ بِجهودِ عتباتِنا المقدَّسةِ لإغاثةِ العوائلِ النازحةِ مِن مناطقِ القتالِ، ومعالجةِ الجرحى، وأغلبُ تلكَ الفرقِ قَد تشكَّلَتْ مِن فُضلاءَ وطُلابِ الحوزةِ الدينيةِ في النجفِ الأشرفِ، ومِن أبناءِ شعبِنا الغيارى، الذين لبُّوا نداءَ المرجعيةِ الرشيدةِ مِن مُختلفِ مُحافظاتِ العراقِ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat