صفحة الكاتب : حسن كاظم الفتال

وصار الإعلام يصيح انقذوني الجزء الثالث
حسن كاظم الفتال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  يوشك التسطيح أن يصبح طلقة الرحمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثمة عناصر كثيرة ساهمت مساهمة فاعلة في أن يبلغ المشهد الإعلامي أو الواقع الإعلامي إلى ما وصل إليه من تردٍ وخيبة أمل ولعل هذه العناصر كادت تمثل طلقة الرحمة على هيكل الإعلام أو يتم السعي من خلالها لإطلاقها فيما بعد.

والطريف في الأمر أن هؤلاء أنفسهم يستنكرون ويستهجنون ويشجبون اقتحام الدخلاء والمتطفلين ساحة الإعلام المبجل وكلٌ منهم يلقي باللائمة على صاحبه ويقرون تمام الإقرار بأن جزءاً كبيرا من الماكنة الإعلامية وظفت للنزوات وجُيِّرت للمزاجات واشباع الرغبات وشاع التسطيح والتقليد الأعمى على حساب إنهيار الفن الراقي والعمق الثقافي وهذا ما يدعو لبالغ الأسف والخيبة والحسرة واللوعة

واصبح مما هو متعارف عليه إن بعض القائمين على تمشية أمور قسمٍ من المؤسسات الإعلامية أتيح لهم أن يقتحموا الساحة على حين غرة وبغفلة دون وجه حق إما مصادفة أو بفضل انتعاش الفوضى العارمة وسيادتها أو أنهم حظوا بشفقة وعطف معايير المحسوبية والمنسوبية واحتضنتهم أذرع طولى وفرت لهم الأجواء المناسبة ليفسدوا كل صلاح ويسعوا لإيجاد ثلمات بصرحِ الثقافة فيتداعى وتخمد جذوة الفكر النير فيه. ومُهِدت لهم السبل ليسلكوها دون أن تتبلور لديهم أية فكرة صائبة أو أي هدف واعٍ أو رغبة صادقة وبحرص في أداء الدور الحقيقي للإعلام فأصبحوا عبئاً بل ما هم إلا أشبه بكوابيس يجثمون على صدر الإعلام وعلى من يأتمر بإمرتهم . يتعاطون تعاطي الأباطرة مع العبيد وهم أحق بأن يكونوا رقا لبعض من يأتمر بإمرتهم .وليت الأمر يقتصر على ذلك بل تعدى إلى اعتماد سبيل تهميش وإقصاء من هو أحق منهم بشغل مواقعهم وتسنمها .

وقد حاول البعض لأن يزج بالسياقات الإعلامية خرافات يسميها أنماطا وقوانين حتى شاعت صيغ الإستهلاك الإعلامي الممنهج أو المبرمج التي شوهت صورة الإعلام الناصعة البراقة .

ولعل ذلك جاء بسبب أن تصدر قائمة القيادات من حمل لقب الحجي أو الملة أو الشيخ وراح يتخذ هو وتابعوه من الإذاعة أو التلفزيون اشبه بمسجد أو جامع  يلقي من خلاله الخطب التي يسميها دينية وعظية وهي ليست كذلك ويتخذ من الاستوديو إما ( تكية أو موكبا ) أو مكتبا للتسويق والترويج الشخصي وللدعاية والإعلان لنفسه أو لمن يرغب أن يلتحق به .

لذا نجد أن برامجَ قد استحدثت انطوى محتواها على ما يسمى  ( المزورچية ) أو ( الفوالين ) أو ( القصخونية ) أي ( الحكواتية ) أو حتى (الروزخونية) وأنتشرت في بعض الإذاعات والفضائيات كانتشار النار في الهشيم  لتحرق الأخضر واليابس .

 هؤلاء أعانهم زمن يُعَدُ من الأزمنة الإستثنائية انتعشت فيه ظاهرة التخبط وسادت قوة وشائج وأواصر المحسوبية والمنسوبية وتغلبت على كل المعايير والمقاييس الأصولية وشاعت عملية إنتهاك حرمات المواهب والطاقات الخلاقة والقدرات وراجت معايير الإقصاء والتهميش وهدم البُنى الأخلاقية والإعتبارات فأنشأوا فترة حجرية يحسبونها ذهبية  

وهذا ما أدى لأن تصبح بعض المؤسسات أشبه بهيكليات خالية المحتوى معدومة المعالم غير معنية بتقديم اية فائدة أو منفعة للمجتمع إلا لمُلّاكها إذ أنها لا تعتمد الأسس الواضحة والجادة وليس لها أي معرفة بأولويات أو أبجديات أو مبادئ الإعلام لا تسمن ولا تغني من جوع . ولا تغني من فقر كذلك .

ناهيك عن أن الكثير من المديرين أو مسؤولي المؤسسات يندرجون في صنف المنظرين إذ هم يجيدون فن التنظير دون أن يحسنوا عملية التطبيق الفعلي الحرفي المهني أو ربما لم يلقَ التطبيق أي جزء من التنظير الممل الذي يتعاطونه.

أو أنهم يسعون ليديروا اشخاصا لا أن يديروا أعمالا أو استراتيجيات أو منهجا واضحاً .

وهذا ما أدى لأن تكون الصورة معكوسة تماماً فيُعدُ وجودهم أداة للهدم لا للبناء

حين يتوجس الخائب من الصائب

ـــــــــــــــــــــــ 

إن بعض أصحاب المؤسسات الإعلامية أو رؤساء تحرير الصحف والمجلات هم على دراية ومعرفة تامة بوجود الكثير من الإعلاميين والصحفيين والكتاب الجيدين وأصحاب الخبرات وربما هم من معارفهم لكنهم يتنكرون لهم ويتوجسون منهم خيفة ولا يستكتبونهم أو يستثمرون طاقاتهم ليكونوا منتجين ولا يتيحون لهم أية فرصة لتقديم ما لديهم من مواهب وإبداعات خشية أن يفتضحوا حين يظهر مستوى الكاتب أو الأديب أو الإعلامي أو الصحفي وتلوح إشارات أحقيته بمكان هذا الرئيس ؟ أو المسؤول  .

إن هؤلاء داهموا الإعلام مداهمة الهاوي لممارسة هواية استهوته

لقد كان الأولى أن تشغل الأماكن المناسبة من قبل أناس مناسبين فعلا وحقاً وهم أهلٌ لأن يتعاطوا مع القضية تعاطيا واقعيا يحمل صورة المعاصرة . بعيدا عن التسطيح والخواء الفكري الثقافي والإنشغال بأمور جانبية من أجل تلبية رغبات معينة وإرضاء مزاجات وأهواء فردية وسوق الأمور بعصا شخصية فقط.

ولعل للتذكير فحسب إن الإعلام وسيلة تربوية لها الدور المهم في رسم ملامح طبيعة المجتمعات وترك الأثر الإيجابي الكبير في تشكيل بُنيتها .

وهو الذي عمل على تغيير سلوكيات الكثير من المجتمعات فحصدت به فلاحها ونجاحها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن كاظم الفتال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/11/23



كتابة تعليق لموضوع : وصار الإعلام يصيح انقذوني الجزء الثالث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net