في رحاب سيد الساجدين : العدالة بين الراعي والرعية ( 3 )
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ويؤكد الامام السجاد (عليه السلام) على ضرورة رعاية حق المواطنة في المواطنين من الاقليات الدينية فانهم تربطهم بالدولة روابط الانتماء وان بينهم وبين السلطة الحاكمة عهود ومواثيق وان فرقهم عن المواطن المسلم ان له دينا اخر وشريعة اخرى، وان عهد الذمة الذي بينهم وبين المسلمين يجب رعايته بحسب الميثاق المنعقد بين الطرفين فان كان كما سابق العهود في القرون المتقدمة فيجب الوفاء به وان كان الحال كما هو عليه الحال اليوم من شمول الدستور للجميع بنحو واحد في الجوانب الادارية والاجرائية فلابد من رعاية ذلك في الجميع لان تشريع القانون وقبولهم به هو عقد بين الدولة وبين اولئك المواطنين وقد التزمت الدولة تجاههم بما التزمت به تجاه ابناء البلد الاخرين كما ان عليهم واجبات تجاه وطنهم كما على الاخرين من ابناء ذلك الوطن.
(50 - وأما حق أهل الذمة فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده وتكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك [ وبينهم ] من معاملة وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده . وعهد رسول الله صلى الله عليه وآله حائل فإنه بلغنا أنه قال : " من ظلم معاهدا كنت خصمه " فاتق الله ولا حول وقوة إلا بالله)
ما تقدم ذكره كان موجها الى السلطان بما يضمن به ضمان حقوق الرعية، وحيث ان الدولة أي دولة تتكون من عدة عناصر هي الارض والشعب والقانون والسلطة، وان ادارة الامور وتنفيذها منوط بالشعب والسلطة، وبالتعابير الواردة في العصور الاسلامية الرعية والراعي، فان على الرعية ايضاً جملة من الواجبات عليها ان تؤديها لضمان سير الامور بما يحقق ضمان المسيرة المجتمعية ويحفظ الرقي المجتمعي وفي هذا المعنى ورد عن الامام السجاد (عليه السلام) :
( 14 - فأما حق سائسك بالسلطان فأن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعله الله له عليك من السلطان وأن تخلص له في النصيحة وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه . وتذلل وتلطف لاعطائه من الرضى ما يكفه عنك ولا يضر بدينك وتستعين عليه في ذلك بالله . ولا تعازه ولا تعانده ، فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك فعرضتها لمكروهه وعرضته للهلكة فيك وكنت خليقا أن تكون معينا له على نفسك وشريكا له فيما أتى إليك ولا قوة إلا بالله).
فالمطلوب من الرعية مسايرة السلطان بما فيه الصالح العام والاستجابة لما يحقق الرقي والنهوض بمصالح المسلمين ومنافعهم وتجنب الدخول في صراعات مع السلطان اذا كان ما يقرره في صلاح المسلمين، وان تستبدل حالة الصراع بحالة النصح وبيان البديل الافضل من بيان الخلل في اطروحة السلطة، اذا كان في تطبيقها ضرر على المصلحة العامة، نعم اذا كان فيما يريده السلطان ظلم وجور ورفض ان يستجيب الى دواعي الحق، فان امكن الوصول الى الحق بمقاضاة السلطة لاستنقاذ الحقوق كان ذلك، والا فالخيار يكون بحسب ما يقتضيه الحال وتدل عليه احكام الشرع ولم يتطرق الامام (عليه السلام) في رسالته الى هذه المفردة باعتبار ان توجيهه للسلطان سبق باستشعار الرفق والرحمة بالرعية.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
السيد عبد الستار الجابري

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat