صفحة الكاتب : فاطمه الركابي

في المدرسةِ الدُعائية السجّاديةِ نتعلّمُ: التحميد للهِ (تعالى) والثناء عليه(١)
فاطمه الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ممّا وردَ أنَّ من أدبِ الدُعاءِ أنْ نبدأهُ بالحمدِ لله (تعالى) والثناءِ عليه، رويَ عن الإمامِ الصادق (عليه السلام): "إذا طلبَ أحدُكم الحاجةَ فَليُثنِ على ربِّه وليمدحْه"(١(.
فالدُعاءُ نوعٌ من الطلب، والإنسانُ بطبيعةِ الحالِ لا يطلبُ إلا ما يشعُرُ أنّه مُحتاجٌ إليه أو ينقصُه؛ لذا فإنَّ البدءَ بشكرِ اللهِ (تعالى) وحمده والثناءِ عليه دليلٌ على عدمِ الجحودِ لما أعطاكَ من أرزاقٍ كثيرةٍ، وأَنْعُمٍ لم تطلبْها قد جرى منه إليك بها العطاء، وفيها إظهارُ الطمعِ من العبدِ لبلوغِ عطاءٍ أكثر ورجاءٍ للمزيد، لا الشكاية من وجودِ نقصٍ في عطائه (سبحانه وتعالى).
بل إنَّ الانشغال بالحمدِ والشكرِ والثناءِ عن الطلب وتقديمِ الحاجة ممّا يُدِرُّ كرمَ الله (تعالى) في استجابةِ الدعاءِ وقضاءِ الحاجة، رويَ عن رسولِ الله (صلى الله عليه وآله): "من تشاغلَ بالثناءِ على الله، أعطاهُ اللهُ فوقَ رغبةِ السائلين"(٢)، وكما قيل: إنَّ إظهارَ الحمدِ وإبداءَ الثناءِ كاشفٌ عن وجودِ روحٍ إيجابيةٍ يحملُها ذلك الداعي لا روحٍ سلبيةٍ في نظرتِه لربِّه وظنِّه بتدبيرِه ومقاديره تجاهه كعبد، فكيف إذا كانَ محورُ الدُعاءِ ومضامينه هي لأجلِ الحمدِ والثناءِ كما في الدُعاءِ الأولِ في الصحيفةِ المنسوبةِ للإمامِ السجّاد (عليه السلام)، فهذا كاشفٌ عن أنَّ الحمدَ والثناءَ هو بحدِّ ذاتِه طلبٌ يرومُ الداعي لوصلِه، وعطاءٌ يسعى العبدُ لتحقيقِه في وجوده.
وللذكرِ مصاديقُ وأشكالٌ مُتعدِّدةٌ واحدٌ منها هو الدُعاء، كما جاءَ عن أميرِ المؤمنين (عليه السلام) بقولِه: "الحمدُ للهِ الذي جعلَ الحمدَ مفتاحًا لذكرِه، وسببًا للمزيدِ من فضلِه"(٣)، هُنا الإمامُ السجّادُ (عليه السلام) لا يُعطينا دُعاءً لأجلِ أنْ نلهجَ به فقط، ولكي نكونَ من الذاكرين للهِ (تعالى) فقط، بل ليفتحَ أمامَنا بابًا معرفيًا لنعرفَ حقيقةَ الحمد، وحجمَ ارتباطِه بحياتِنا والأثرَ الكبيرَ حتى على ارتقائنا الروحي في الدُنيا، ورفعِ درجاتِنا ومقامِنا في الآخرة -كما سيأتي-، وهذا أمرٌ مُلفِتٌ للانتباه، وجديرٌ بالالتفاتِ إليه؛ إذ جاءَ في أولِ دُعائه هذا: "الْحَمْدُ لله الْأَوَّلِ بِلَا أَوَّلٍ كَانَ قَبْلَهُ، والْآخِرِ بِلَا آخِرٍ... ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ ابْتِدَاعًا... ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إِرَادَتِهِ، وبَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ، لَا يَمْلِكُونَ تَأْخِيرًا عَمَّا قَدَّمَهُمْ إِلَيْهِ، ولَا يَسْتَطِيعُونَ تَقَدُّمًا إِلَى مَا أَخَّرَهُمْ عَنْهُ. وجَعَلَ لِكُلِّ رُوحٍ مِنْهُمْ قُوتًا مَعْلُومًا مَقْسُومًا مِنْ رِزْقِهِ، لَا يَنْقُصُ مَنْ زَادَهُ نَاقِصٌ، ولَا يَزِيدُ مَنْ نَقَصَ مِنْهُمْ زَائِدٌ"(٤).
عند التأمُّلِ في مضامينِ هذه العبارات والتي تليها من هذا الدُعاءِ العظيمِ نجدُ أنَّ هناك آثارًا مُتنوِّعةً ودقيقةً ومهمةً جدًا لكُلِّ واحدٍ منّا؛ سنتطرّقُ إلى ثلاثةٍ منها يُحقِّقُها الحمدُ متى ما صدرَ من العبدِ لربِّه.
يتبع..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/بحار الأنوار: ج6، ص158.
2/مقال الآثار الاخروية للذنوب، شبكة المعارف الاسلامية.
3/تحف العقول: ص20، نقلاً عن شبكة المعارف الاسلامية.
4/ الصحيفة السجادية: ص١٩.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاطمه الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/03



كتابة تعليق لموضوع : في المدرسةِ الدُعائية السجّاديةِ نتعلّمُ: التحميد للهِ (تعالى) والثناء عليه(١)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net