صفحة الكاتب : عبير المنظور

حرائر الطف النصرة بالموقف ، لا تحدها المسافات 
عبير المنظور

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   هناك في صحراء نينوى حيث الرياح تسفي على الرمال الحارة ظهيرة يوم عاشوراء تعالت اصوات قعقعة السلاح وصليل السيوف ممتزجة مع صرخات المقاتلين مع اصوات حوافر الخيول التي سحقت اوصال القتلى وهشمت عظامهم انطلقت كلمات السبط من شفتيه المتشققتين من الظمأ والضعف (الا من ناصر ينصرنا) لتتردد في الارجاء وتزمجر كالرعد في سماء العشق الولائي لتتناهى الى قلوب واسماع العاشقين على هذه المعمورة ليهبوا لتلبية نداء النصرة لثورة عاشوراء التصحيحية ، تصحيح المفاهيم والدساتير الشرعية والاخلاقية التي حرفها بنو  امية ، انها نصرة الضمائر الحية التي لا تحدها المسافات لامام زمانها خاصة اذا كان في ظروف استثنائية  كالتي مر بها الامام الحسين ع .

وآليات النصرة متحركة ومتنوعة لا تحدها القيود الزمكانية ، وتترجم هذه الاليات بمواقف مشرفة لتلك النفوس الابية من رجال ونساء كل بما يمتلكه من امكانيات متاحة يسخرها للنصرة ، ومن هذا المنطلق برزن حرائر الطف ممن سمعن نداء النصرة بالبصيرة وصلابة الايمان  ولبين ذلك النداء بمواقف فاقت بها همم الرجال وعزمهم .

انهن نسوة من حور الجنان على الارض ، تمثلت العقيدة بكل كيانهن ، وذابت ارواحهن شوقا كالحمائم يحلقن في اجواء الولاية الا ان بعد المسافة عن ارض الطف لم يمنعهن من نصرة الحسين بالموقف حيث خلّد التاريخ مواقفهن وذكر اسماءهن مع نساء عاشوراء بمساندتهن للنهضة الحسينية كلٌ من موقعها وامكانياتها ، حيث كانت مواقفهن تلك ولا زالت صرخة مدوية بوجه الظالمين عبر الازمان وكانت لهن سبيل الجهاد وان كان الجهاد الميداني ساقط عن المراة الا ان موقفا بطوليا واحدا منهن لربما يوازي عمل امة باسرها .

ومن النساء من عاشت عاشوراء فكرا ً وروحا ً وعقيدةً ودينا ً ودنيا وجسدته باروع صور النصرة حتى قبل وقوعها فعليا كفاطمة الكلابية ام البنين رائدة النساء في نصرة امام زمانها عبر الاجيال ومواقفها يخجل يراعي عن احصائها ، وام المؤمنين ام سلمة ورعايتها لفاطمة العليلة وحديث القارورة المشهور ، وبطلة الكوفة طوعة التي اوت وازرت مسلم بن عقيل ع ، ومارية بنت منقذ العبدي من اشراف البصرة التي دعمت الموالين بالمال والسلاح لنصرة الحسين ع . 

ومنهن من نصرت الحسين ع بعد الواقعة ولعبت مواقفهن دورا كبيرا في تدعيم اسس نهضة عاشوراء الفكرية والروحية وكشف حقيقة بني امية كموقف زوجات اعداء الحسين نوار بنت مالك الحضرمية زوجة خولي حامل راس الحسين وضرتها عيوف الاسدية ،و النوار زوجة كعب بن جابر الذي شارك في قتل برير بن خضير ، حيث رفضن افعال ازواجهن وتركنهم نصرة للحسين ع ، وموقف سلافة الفتاة الكوفية التي تحملت المخاطر لحماية ولدي مسلم من عيون ابن زياد ،  والموقف المشرف لنساء بني اسد ودورهن الكبير في دفن الاجساد الطاهرة ، ولعل موقف هند بنت عبد الله بن عامر زوجة يزيد بدخولها حاسرة في مجلسه معترضة عليه جريمته بحق آل الرسول اثرا فاعلا في تصدع اركان البلاط الاموي وكشف زيفه .

ولم تنته النصرة عند تلك الحقبة ففاعلية نداء الاستنصار الحسيني مستمر عبر الاجيال وخاصة في هذا المقطع الزمني الذي نعيش فيه ظرفا استثنائيا حرجا وتحديات عظمى ، زمن ضاعت فيه الاحكام وحُرّفت الشريعة وغُيّرت السنن وتغيرت المفاهيم والاسس الاخلاقية وامتلات الارض ظلما وجورة وغُيـّب الامام الحجة وها هو  الان يستنصرنا (الا من ناصر ينصرنا) واصبحنا نتطلع لبزوغ عاشوراء جديدة ونرقب طلعة الموعود ونسعى لان نكون من نساء دولة القسط والعدل او ممن يمهد لها  فلنا من حرائر عاشوراء الحسين اللواتي نصرن عاشوراء بالموقف وتركن بصمة واضحة فيها ، القدوة والاسوة لننهل من معين مواقفهن دروسا وعبرا متجددة لا تنتهي خاصة لنا نحن نساء عصر الغيبة نستطيع ان نسجل بصمتنا المهدوية الرافضة للظلم  والداعية الى ثورة تصحيحية بمواقفنا وصبرنا واصرارنا وتضحياتنا بكل امكانياتنا المادية والبشرية  وتجلى ذلك بكل وضوح في امهات وزوجات شهداء حشدنا المقدس حيث قدمن النصرة بابهى صورها لنمهد بذلك لدولة العدل المنتظر .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبير المنظور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/10



كتابة تعليق لموضوع : حرائر الطف النصرة بالموقف ، لا تحدها المسافات 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net